اتحاد الشغل يسعى لاحتواء احتجاجات تونس

41

 

يحاول الاتحاد العام التونسي للشغل تطويق الاحتجاجات التي شهدتها تونس الأحد والإثنين في العاصمة تونس ومدينة تالة شمال غرب البلاد تنديدا ببدء تطبيق قانون المالية لسنة 2018 الذي أقر زيادة في أسعار المواد الاستهلاكية وللمطالبة بالتنمية والتشغيل.

واستهل التونسيون العام الجديد بزيادات جديدة في الأسعار مع بدء سريان إجراءات تضمنها قانون المالية الجديد ضمن حزمة من الإصلاحات الاقتصادية التي وصفتها الحكومة بـ”الفورية” و”الموجعة” لإنقاذ اقتصاد البلاد.

وتطمح الحكومة التونسية من خلال الزيادات في الأسعار والترفيع في الأداء على القيمة المضافة إلى سد عجز الموازنة والترفيع في مؤشر النمو، وترى أن هذه الإجراءات ضرورية لإنقاذ الاقتصاد.

ويربط متابعون هذه الاحتجاجات بالدعوات التي أطلقتها بعض أحزاب المعارضة الأسبوع الماضي، للتظاهر ضد سياسة الحكومة الاقتصادية.

وتزامنا مع هذه الاحتجاجات التي قد تتّسع رقعتها إلى مناطق أخرى مجاورة، تحوّل الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي إلى منطقة تالة وأكّد للأهالي أحقّية الجهة بالتنمية وخصوصا في ما يتعلّق بمطلبهم الأساسي وهوإنجاز مستشفى جهوي.

ورغم أن الزيارة تأتي في إطار اختتام أشغال إحياء ذكرى شهداء تالة، فإن الكثير من المتابعين في تونس يعتبرون أن هدفها الأساسي هو إخماد الاحتقان الحاصل عبر الضغط على حكومة يوسف الشاهد للإعلان خاصة عن موعد محددّ لانطلاق أشغال إنجاز المستشفى الجهوي.

وكان الاتحاد العام التونسي للشغل (أحد الموقعين على اتفاق قرطاج) أصدر الأسبوع الماضي بيانا شديد اللهجة شدّد فيه على أن الزيادة في أسعار العديد من المواد مفتعلة وقائمة على التحيّل.

ودعا الاتحاد حكومة الشاهد إلى ضرورة احترام تعهداتها بعدم الزيادة في المواد الأساسية طبقا للاتفاق الحاصل مع قيادة الاتحاد.

وترافق تحرّكات الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل العديد من التوصيفات السياسية في البلاد تُفيد بأن المنظمة الشغيلة هي أكبر داعم لحكومة الوحدة الوطنية في ظل تفتّت الحزام السياسي لها خصوصا بعد انسحاب حزبي آفاق تونس (10 مقاعد برلمانية) والحزب الجمهوري من وثيقة قرطاج بصفة نهائية.

ويرى مراقبون أن بعض التحرّكات الاجتماعية في مناطق مختلفة من البلاد وبالخصوص في تالة التي تكتسب رمزية “ثورية”، قد تؤدي إلى المزيد من تعكّر المشهد السياسي غير المستقر في البلاد.

كما تأتي تحرّكات قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل أسابيع قليلة بعد أن أعلن الطبوبي عن دعمه المتواصل لحكومة الشاهد طبقا لوثيقة أولويات الحكومة ممّا أثار جدلا واسعا في بعض الأوساط السياسية التي شدّدت على أن الاتحاد لم يعد صداميا في مواقفه وأنه أصبح الداعم الأول للحكومة.

وكانت عدّة قيادات من الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (شريك في وثيقة قرطاج) قد اتهمت لدى رفضها قانون المالية لسنة 2018 اتحاد الشغل بأنه المهندس الأول لاختيارات وتوجّهات رئيس الحكومة يوسف الشاهد خاصة في ما يتعلّق بالقطاع الاقتصادي وكيفية إدارته.

وتذكّر الخطوة التي أقدم عليها الأمين العام للمنظمة الشغيلة بتحوّله ميدانيا إلى منطقة تالة بتحرّكات سابقة كان قد قام بها خلال فترة ما سُمي باحتجاجات “الكامور” في محافظة تطاوين بالجنوب التونسي في مايو 2017.

ونجحت المنظّمة الشغيلة حينئذ عبر لعبها دور الوساطة بين المحتجين والأطراف الحكومية في إخماد الاحتجاجات بعد الاتفاق على عدّة نقاط أمضت عليها الحكومة تهدف إلى تعزيز البعد التنموي في محافظة تطاوين وتشغيل المئات من العاطلين عن العمل في العديد من المؤسسات البترولية المتركزة في الجهة.

وبدأت ملامح التقارب بين الحكومة واتحاد الشغل منذ تسلم نورالدين الطبوبي منصب الأمين العام للمنظمة مطلع العام الماضي. وعكست التصريحات التي أدلى بها عقب أول لقاء جمعه بوفد عن صندوق النقد الدولي تغيرا في مواقف الاتحاد التي عرفت بعدائها التاريخي لشروط صندوق النقد.

وقال الطبوبي حينئذ “إنه من المنطقي أن يفرض صندوق النقد الدولي شروطه على تونس، لأن موازين القوى الاقتصادية تفرض حاجتها لهذا القرض”.

واعتبر أنه “آن الأوان كي تستفيق المجموعة الوطنية من غيبوبتها ونعمل على صنع ثروتنا بأيدينا”.

وينزّل العديد من المراقبين في تونس مبادرات اتحاد الشغل في إطار الوعي بالمسؤولية والالتزام بضرورة دعم الاستقرار السياسي في البلاد التي تعيش أوضاعا اقتصادية صعبة، خصوصا أن مواقف الاتّحاد كانت دائما رغم دعمها للحكومة مناصرة للتطلّعات والمطالب الشعبية قبل كل شيء.وكانت قيادات اتحاد الشغل قد أكّدت في تظاهرة الاحتفال بالذكرى السابعة للثورة في 17 ديسمبر بمنطقة سيدي بوزيد على وقوف المنظمة المتواصل إلى جانب المطالب الشعبية، مشدّدة لدى تشخيص الوضع بالبلاد على أن كل الحكومات المتعاقبة بعد الثورة لم تنجح في الحد من التفاوت بين الجهات.

وقال الأمين العام للمنظمة “إن مسؤولي الحكومة توافدوا باستمرار على الجهات المهمّشة وبشّروا بالاستثمارات السخية وقدموا الوعود ثم عادوا إلى مواقعهم مواصلين انتهاج سياسة المهاترات دون مساءلة حول أخلاقيات المناصب التي يتحملون وزرها”.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here