المنصف المرزوقي: أطالب الشعب التونسي بعزل سعيّد ومحاكمته

23
المنصف المرزوقي

أفريقيا برستونس. أبدى المنصف المرزوقي الرئيس التونسي الأسبق أسفه لما تمر به بلاده مهد الربيع العربي، وذلك بعد خطاب للرئيس قيس سعيّد وصف فيه المظاهرات المعارضة له بـ”المسرحية السيئة”.

وارتأى الرئيس الأسبق في حديث لبرنامج المسائية على شاشة الجزيرة مباشر أن حل المعضلة التونسية يكمن في العودة إلى الشرعية والقانون وحكم العقل، والقبول بالتعددية السياسية مع نبذ التخوين والإقصاء، علاوة على “إغلاق قوس سعيّد في أقرب وقت”.

واستبعد المرزوقي أن تطول مدة بقاء القوس مفتوحًا -في إشارة إلى تحكم سعيّد بزمام الأمور- مبررًا ذلك بأنه لا يمكن أن تبقى دولة من دون حكومة، أو تترك الأمور في يد حكومة غير شرعية، ولا يمكن للشعب أن يقبل بتحول بلدنا من نموذج ديمقراطي إلى شيء مضحك ومؤسف.

وقال إن التاريخ سيذكر هذه الخطب -في إشارة إلى خطابات سعيّد- بأنها كانت مظاهر “مخلَّة ومشينة للديمقراطية التونسية ومذِلَّة لكل التونسيين، وهي نوبات من الهذيان تعود فيها الكلمات ذاتها من التخوين والاتهام والحديث عن محاولة اغتيال وراجمة صواريخ وغير ذلك مما يجسِّد مشهدًا سرياليًا (خياليًا)”.

يأتي ذلك بعد ساعات من تصريح سعيّد قال فيه “إن التدابير الاستثنائية ستستمر، وقد وضعِت أحكام انتقالية، وسيُكلَّف رئيس حكومة على أساسها”، مضيفًا في كلمة ألقاها بمدينة سيدي بوزيد “سيُقدّم قانون جديد للانتخابات في البلاد”.

وقال المرزوقي “أعتقد أن الأطراف التي ستأتي لاحقًا سوف تتساءل: كيف تركتم مثل هذه الأشياء تحدث؟ لا سيّما وأنه لم يقدم سوى مشاريع مضحكة، هذا الرجل (سعيّد) هو أكبر مشكلة في المسألة التونسية الراهنة”.

واستطرد “خطاب هذا الرجل (سعيّد) سيتكرر إلى أن يرحل، وأهم ما جاء فيه إعلانه عن إجراءات انتقالية، بما معناه أن المرحلة التي كان يتذرع فيها بالدستور قد ولت، وسيدخل من الآن في مرحلة التدابير الانتقالية، ترتكز على قوانين لا علاقة لها بالدستور وإنما قوانين منتقاة لتخدم أهدافًا بعينها، وسيصبح هو المشرع الأول”.

وعن مستجدات هذه الخطوة، قال المرزوقي “أصبح هذا الرجل -في إشارة إلى سعيّد- انقلابيًا، ولا يمكن لأحد أن يدافع عنه، وأصبح مطالبًا بالعزل والمحاكمة، وفق رأيي”.

وبخصوص دعم بعض التونسيين لإجراءات سعيّد الأخيرة، علق الرئيس الأسبق “هذه مصيبة، لأن جزءًا من شعبنا حتى الآن لم يدرك العلاقة بين هذا الرجل (سعيّد) والأزمة السياسية التي تتفاقم يومًا بعد آخر، ولم يفهموا بعد أن تفاقم الأزمة السياسية تترتب عليه أزمة اقتصادية، ما ينجم عنه فقر التونسيين وسيجدون أنفسهم بعض بضعة أشهر أمام أزمات عدة، وأن هذا الرجل قد طبَّها فعماها”.

وأشار المرزوقي إلى أن البرلمان الأخير “فضيحة في تاريخ تونس”، وأن الشعب كان محقًا في رفضه لهذا البرلمان، لا سيما “المقايضة بين حركة النهضة وأحزاب الفساد”، مؤكدًا أنه لا خلاف على هذه المسألة، غير أن المشكلة تتلخص في أن الدواء أمرّ من الداء، مضيفًا “ستتفاقم الأزمات على يد هذا الرجل، وسيخسر التونسيون كلّ شيء، حريتهم وكرامتهم ومستواهم المعيشي، كل ذلك سينهار بصورة مفزعة”.

وواصل “الدولة بصدد الإفلاس، وقد تجاهل هذا الرجل (سعيّد) الوضع الاقتصادي والوبائي، بل وأضاف إليه أزمة سياسية خانقة تزيد من آلام التونسيين”.

وفي إطار قول سعيّد، الإثنين، إن (صواريخنا القانونية جاهزة على منصاتها، وتكفي إشارة واحدة لتضربهم في أعماقهم)، علّق المنصف المرزوقي “أنا أعتقد أنه دخل في عملية الهذيان، وهو كلام يلوكه منذ عامين، تحدث عن الوزراء الفاسدين قلنا هاتِ أسماءهم، ولم يفعل، واليوم يدعي أن هناك برلمانيين باعوا أصواتهم بـ 150 ألف دينار، قلنا هاتِ أسماءهم، ولن يفعل، وهكذا دواليك، اتهامات متواصلة في المبهم والغامض من دون تقديم حجة أو دليل”.

واستطرد الرئيس التونسي الأسبق “وعلى كل حال، هو ليس قاضيًا ولا حاكما، إن كانت لديه ملفات فليسلِّمها للقضاء، وكلامه جعجعة طواحين -لا أكثر من ذلك- لدغدغة مشاعر الناس”.

وبخصوص القانون الجديد للانتخابات الذي لوّح سعيّد بإصداره، قال المرزوقي “لديه مشروع هلامي بالعودة إلى للجماهيرية التونسية العظمى، ويتخيل أن إجراء انتخابات جديدة بنظام القوائم عِوضًا عن الأحزاب سينتج برلمانات خارقة للعادة، وكلها مجرد أفكار هلامية وكلام صِبية، وليس له قدرة على تغيير قانون الانتخابات”.

وفي معرض إجابته عن بوادر تقارب بين أداء سعيّد والعقيد الليبي معمّر القذافي، قال المرزوقي “أعتقد أن فيه (سعيّد) الاضطراب النفسي والعاطفي ذاته، وقد يكون بينهما أوجه شبه أخرى تشمل ادعاء الطهارة والنُّبوَّة والزعم بفساد الأحزاب كلها، كل ذلك يدخل في الخلل النفسي”، على حد تعبيره.

وأضاف “خلافًا لما يتصوره البعض، الناس بدأت تفيق في تونس والوعي يتصاعد بخطورة الموقف، ومفاده أن هذا الرجل (سعيّد) في غير مكانه، ويجب إيقافه عند حده وعزله ومحاكمته، حتى يعلم الناس أنه ليس لأي أحد أن يتطاول على القانون والدستور”.

في الوقت ذاته، علّق المرزوقي عبر حسابه الرسمي بموقع فيسبوك على حديث سعيّد عن قانون الانتخابات الجديد، مشيرًا إلى خطورة إقدامه على هذا الخطوة على المسار الديمقراطي في البلاد.

وأضاف في مقطع الفيديو نفسه “الدستور مات، وهذا رجل منقلب على الدستور، ولا يناسبه وصف آخر أكثر من ذلك”، معيدًا التأكيد على وجوب عزل سعيّد ومحاكمته هو وكل من يساعدونه على إرهاق الشعب التونسي وإجهاض الديمقراطية ومسخ النموذج التونسي.

وتوجّه المرزوقي بالتحية إلى المواطنين التونسيين الذين خرجوا في مظاهرات، السبت الماضي، وطالبهم بمواصلة الكفاح في هذا المسار إذ لا يوجد مسار بديل.

وأكد أن المواطن التونسي تحرك من تلقاء نفسه وليس بتحريض من أحد، واصفًا من يدعي أنه (المرزوقي) حرَّك الشعب بـ”الكذب”، لأن المواطن تحرك في ضوء ما يراه من انسداد في مختلف مجريات الحياة التونسية.

وأشار الرئيس التونسي الأسبق إلى الشعب الجزائري في سعيه الدؤوب خلال “حراك فبراير”، وما أثمر عنه هذا الإصرار، داعيًا التونسيين إلى الأخذ بالمنهاج ذاته لتحقيق أهدافه المشروعة.

وتقدّم إلى مناصري سعيّد برسالة مؤداها أنه يتفهّم غضبهم على المنظومة القديمة، بما فيها “تحالف قيادة حركة النهضة مع أحزاب الفساد”، مستدركًا أن الدواء كان أكثر مرارة من الداء، وناداهم بالتوقف عن مساعدة سعيد بدءًا من الآن.

وبخصوص البرلمان، قال المرزوقي يتعين على النواب البرلمانيين أن يجتمعوا بأي شكلٍ كان، وأن يستقيل رئيس البرلمان ويحل آخر مكانه باختيار النواب، حتى تكون هناك فترة انتقالية عند عزل سعيد، وخلالها يتحمل رئيس البرلمان شؤون الرئاسة بصفة مؤقتة، ويعقبها انتخابات رئاسية وتشريعية.

المصدر : الجزيرة مباشر

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here