انتقادات لدور البرلمان الجديد باتفاق سعيّد مع الاتحاد الأوروبي

15
انتقادات لدور البرلمان الجديد باتفاق سعيّد مع الاتحاد الأوروبي
انتقادات لدور البرلمان الجديد باتفاق سعيّد مع الاتحاد الأوروبي

أفريقيا برس – تونس. يواجه البرلمان التونسي الجديد، انتقادات بشأن دوره وموقفه من توقيع الاتفاقيات الكبرى المهمة والمحدّدة لمستقبل البلاد.

وزادت الانتقادات بعد توقيع الرئيس التونسي قيس سعيّد، الأحد الماضي، مذكرة تفاهم مع الاتحاد الأوروبي حول الشراكة الاستراتيجية الشاملة بينهما، في وقت جرت العادة قبل “انقلاب” 25 يوليو/ تموز 2021، على مناقشة الاتفاقيات والمعاهدات تحت قبة مجلس الشعب في العلن.

وينصّ البند 74 من الدستور الجديد الذي صاغه سعيّد بمفرده في 2022، على أن “يصادق رئيس الجمهورية على المعاهدات ويأذن بنشرها. ولا تجوز المصادقة على المعاهدات المتعلقة بحدود الدولة والمعاهدات التجارية والمعاهدات الخاصة بالتنظيم الدولي، وتلك المتعلقة بالتعهدات المالية للدولة، والمعاهدات المتضمنة أحكاماً ذات صبغة تشريعية، إلا بعد الموافقة عليها من قبل مجلس نواب الشعب. ولا تُعدّ المعاهدات نافذة المفعول إلا بعد المصادقة عليها، وشريطة تطبيقها من الطرف الآخر. والمعاهدات المصادق عليها من قبل رئيس الجمهورية والموافق عليها من قبل مجلس نواب الشعب أعلى من القوانين ودون الدستور”.

وعلّق مقرر لجنة الحريات والعلاقات الخارجية في البرلمان السابق، وقيادي حزب “ائتلاف الكرامة”، زياد الهاشمي، اليوم الأربعاء، على الموضوع، قائلاً “كما عوّدنا قيس سعيّد أنه لا يعمل ولا يتفق على تسويات إلا داخل الغرف المظلمة لقصر قرطاج، واستمراراً لهذا النهج جاءت هذه الاتفاقية بينه وبين ترويكا الاتحاد الأوروبي، والتي يتم الترويج لها من خلال صفحات إلكترونية داعمة للانقلاب على أنها فتح مبين، وانتصار سياسي واقتصادي كبير لسلطة الانقلاب، والغريب أنّ هذا الانتصار يتكتم على تفاصيله قيس سعيّد وكل من معه”.

وتابع “كالعادة ما تكتم عنه قيس سعيّد فضحته الصحافة الأجنبية، خصوصاً الهولندية، التي قالت إنّ اتفاق الهجرة مع تونس أهم ما جاء فيه رفع الدعم عن المحروقات، وبيع المؤسسات العمومية، وقرض بـ900 مليون يورو بعد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، ومساعدة مالية عاجلة لتونس في شكل لوجستي للحدّ من ظاهرة الهجرة غير النظامية”.

وأضاف “شخصياً لا أعتقد أنّ هذا هو الاتفاق، وإلا لما كان عليه الكثير من التكتم والسرية، فما يرشح من دوائر مقربة من القرار الأوروبي، أن قيس سعيّد قبِل بتوطين المهاجرين، ولعب دور الحارس للحدود الأوروبية بصفة متقدمة، وتقديم تسهيلات وتنازلات كبيرة في قبول المهاجرين على الأراضي التونسية”، حسب قوله.

وأشار الهاشمي إلى أنه “بالنسبة لبرلمان (إبراهيم) بودربالة (رئيس المجلس)، فهو نسخة مشوهة لسلطة الانقلاب، فهو بلا صلاحيات ولا قيمة لدى الشعب، ولهذا غاب الموقف عن هذا البرلمان، وهذا هو الفرق بين برلمان الشعب وبرلمان بودربالة”، حسب تعبيره.

حكم فردي

من جهته، اعتبر مساعد رئيس البرلمان السابق، والقيادي في “النهضة” ماهر مذيوب، أنّ “الاتفاقية بين قيس سعيّد وأوروبا صيغت في ظروف استثنائية، غير ملائمة لبلادنا، حيث تعاني أزمة دستورية عميقة منذ انقلابه على الدستور، وتتالي الأزمات المالية والاقتصادية والاجتماعية الحادة، يضاف إلى ذلك حاجة قيس سعيّد لفك عزلته الدولية، والبحث عن مساعدين له في مفاوضات حكومته لدى صندوق النقد الدولي”.

وشدد مذيوب على أنّ “قيس سعيّد، لا يعير مجلسه أي اهتمام أو احترام، والأصل في الأمور أنّ أي اتفاقية تناقش بجدية تامة في مجلس نواب الشعب بالجمهورية التونسية قبل العمل بها”.

وتساءل مذيوب “ماذا ستكون ردة فعل برلمان قيس سعيّد عن اتفاقية، كُتبت بليل داخل الغرف المظلمة، ووقعها كاتب دولة، ولا نعلم شيئاً عن تداعياتها الاستراتيجية ومخاطرها على الأمن القومي التونسي؟”، وتابع “هذه الاتفاقية هي تجسيد لمظهر من مظاهر الحكم الفردي، في غياب الحكم الرشيد المؤسس على مشورة الشعب من خلال ناخبيه، والدور العظيم للمجتمع المدني، والنقاش الثري في وسائل الإعلام الحرة”.

لغط حول المذكرة؟

بدوره، فسّر أستاذ القانون ونائب رئيس البرلمان الحالي المكلف بالمشاريع الكبرى، رياض جعيدان، اليوم الأربعاء، أنّ “ما تم توقيعه هو مذكرة تفاهم بين طرفين في سياق مفاوضات بين دولة ومنظمة دولية، أو مجموعة دول، هو إعلان نوايا وإعلان للخطوط العريضة والإطار العام، وهذا ليس له أي إلزامية قانونية، فهي بمثابة الأعمال التحضيرية للاتفاقات الدولية التي ستمضى فيما بعد، وهذا اللغط يعود إلى عدم الاطلاع على نص المذكرة، وبالتالي ليست اتفاقية كما يدعون”.

وأضاف “بالتمعن في المذكرة، نجد خطوطاً عريضة تنصّ على بذل عناية من الطرفين، ومساعي لتحقيق ما تم التفاهم حوله في المجالات الاقتصادية أو الهجرة دون أي إلزامية قانونية”، موضحاً أن “الإلزام القانوني يوجد في الاتفاقات الدولية، وليس في مذكرات التفاهم، حيث يجب أن يصادق عليها البرلمان الأوروبي، وكذلك برلمانات الدول الأعضاء”.

وشدد على أن “البرلمان التونسي كذلك يجب أن يصادق عليها كما ينصّ عليه الدستور (2022) في الفصل 74، أي أن يعرض رئيس الجمهورية الاتفاقيات والمعاهدات الدولية على البرلمان للمصادقة”، وتابع أن “الفصل 75 ينص علي الأغلبية المطلوبة للمصادقة على المعاهدات والاتفاقيات، ويتم احتساب الأغلبية المطلقة، أي 50 زائد واحد من جملة 161 نائباً (موافقة 81 نائباً)”.

وأشار جعيدان إلى أن “البرلمان الجديد صادق على اتفاقية مالية دولية عُرضت على الجلسة العامة”. واستغرب جعيدان ما وصفه بـ”اللغط الحاصل حول المذكرة، خصوصاً من أساتذة القانون، حيث لا يتم المصادقة على مذكرات التفاهم من قبل البرلمان، كما لا ينظر البرلمان في الاتفاقيات إلا بعد إحالتها من قبل رئاسة الجمهورية، وعرضها على مكتب البرلمان، ومن ثم إحالتها على اللجنة، ومناقشتها في جلسة عامة علنية”.

“جبهة الخلاص” تحذر من غموض المذكرة

وأصدرت “جبهة الخلاص” المعارضة، اليوم الأربعاء، بياناً حول مذكّرة التفاهم، اعتبرت فيه أنّ “مضمون هذه المذكرة الأساسي هو موضوع الهجرة، مغلفاً باتفاقات عامة تتعلق بالتعاون الاقتصادي على المدى المتوسط والبعيد، دون التطرق إلى إجراءات تنفيذها، وفي غياب تام لأي التزام مالي بشأنها من الجانب الأوروبي، هذا فضلاً عن إغفالها للأزمة المالية لتونس وسبل حلّها”.

ونبّهت الجبهة إلى “غموض البند المُتعلق بالهجرة، وخطورته بجعل تونس حارسة للحدود الأوروبية من الهجرة غير النظاميّة، مع التزامها الصريح بقبول المهاجرين التونسيين المُرحّلين من أوروبا، دون مقابل، عدا وعود عامة بالمساهمة في إعادة إدماجهم الاقتصادي والاجتماعي في تونس”. وقالت إن “هذا البند يشكّل سابقة خطيرة لم يقم بها نظام (الرئيس المخلوع زين العابدين) بن علي، فضلاً عن حكومات الانتقال الديمقراطي، ولا تزال بلدان المغرب العربي المجاورة تصرّ على رفضها”.

وندّدت الجبهة بـ”تغافل الجانب الأوروبي عن التطرق لقضايا الديمقراطية، والحرية، وحقوق الإنسان، وتجاهله للأزمة السياسية التي تهدد استقرار البلاد”، مؤكدة رفضها “لهذه المُذكرة غير المتوازِنة، لتضحيتها بالديمقراطية كبعد من أبعاد الشراكة بين تونس وأوروبا”.

وندّدت أيضاً بـ”قبول قيس سعيّد الإمضاءَ على اتفاقية مُهينة، دون إدارة حوار وطني حولها، ودون إعلام الشعب الذي يدّعي تمثيله، بمضمونها”، مؤكدة أن “الاتفاقيّة لا تحلُّ الأزمة الماليّة وتتغاضى عن خطر الانهيار الوشيك للبلاد”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here