برلمانيون يقترحون الاستقالة من البرلمان

28
برلمانيون تونسيون يقترحون الاستقالة من البرلمان.. فهل يفضي ذلك إلى حلّه؟
برلمانيون تونسيون يقترحون الاستقالة من البرلمان.. فهل يفضي ذلك إلى حلّه؟

أفريقيا برستونس. في ظل تمسك الرئيس التونسي قيس سعيّد بعدم الرجوع إلى الوراء وتمديد الإجراءات الاستثنائية التي أعلن عنها في 25 يوليو الماضي، تعددت المبادرات للخروج من المأزق الدستوري الذي وقع فيه الرئيس.

فقبل أيام، أعلنت كتلة الحزب الدستوري الحر في البرلمان التي تقودها النائب عبير موسي أنها وضعت إمضاءات نوابها على ذمة رئيس الجمهورية، وذلك “لتسهيل أي آلية دستورية لحل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة في الآجال القانونية”.

وذكر الحزب في بيان له أنه “توجّه بطلب منه إلى الاتحاد العام التونسي للشغل ووضع بين أيديه مبادرة تتمثل في استعداده لتسهيل مهمة رئيس الجمهورية لحل البرلمان داخل الأطر الدستورية والدعوة لانتخابات مبكرة في الآجال القانونية”.

وطالب الدستوري الحر والاتحاد العام التونسي للشغل “برعاية التمشي الهادف لتجميع القوى المدنية التقدمية قصد تحقيق ما يصبو إليه التونسيون دون تفكيك الدولة ومؤسساتها”.

من جانبها، أعلنت كتلة الإصلاح (14 نائبا) أنها تقدمت أيضا بعريضة لتجديد سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي بالتشاور مع كتلة الحزب الدستوري الحر (16 نائبا).

وأكد نواب كتلة الاصلاح أنهم أمضوا هذه العريضة وأنهم في انتظار استجابة بقية الكتل لهذا المطلب من أجل تنحية الغنوشي من على رأس البرلمان “ولو بصفة رمزية”.

في الأثناء، اتفق 70 نائبا من كتل مختلفة على تقديم مبادرة لرئيس الجمهورية لمطالبته بعودة البرلمان لمدة وجيزة كحل دستوري “يخرج تونس من المأزق الحالي وتجنّيب البلاد الانزلاق والخروج من المسار الديمقراطي”.

ويرى هؤلاء النواب أن رجوع البرلمان لمدة محددة أمر ضروري من أجل المصادقة على الحكومة الجديدة ومن أجل اعداد القانون الانتخابي وتنقيح الدستور وتعديل قانون الأحزاب قبل المرور إلى انتخابات برلمانية مبكرة.

إجراءات غير دستورية

وفي السياق، قال القيادي في حركة الشعب، أسامة عويدات، لـ “سبوتنيك”، إنه لا يمكن لرئيس الجمهورية العمل بمثل هذه المبادرات لأنها لا تستجيب لنص الدستور. وانتقد عويدات الأطراف السياسية التي تطالب رئيس الجمهورية باحترام الدستور وعدم الخروج عنه ثم تقترح عليه اجراءات غير دستورية ولا أثر لها في الدستور للخروج من الأزمة.

واعتبر المتحدث أن الأزمة التي تعيشها البلاد هي أزمة سياسية وليست دستورية أو قانونية، مشيرا إلى أن حل هذه الأزمة لا يتوفر في المبادرات السالف ذكرها وإنما في إعلان رئيس الجمهورية للتركيبة الحكومية القادمة ثم المرور إلى تعديل النظام السياسي والانتخابي.

وأضاف “تعديل النظاميْن السياسي والانتخابي لا يمكن أن يمر دون تعديل الدستور، وتعديل الدستور لا يكون إلا عن طريق ارجاع الأمانة إلى الشعب، وهو ما يعني اجراء استفتاء شعبي، وعقب ذلك يمكن الحديث عن تونس الجديدة التي تستجيب لمطالب مواطنيها”.

ويرى عويدات أن المرحلة تستوجب “القطع مع كل الآليات والحوارات والتوافقات المغشوشة التي أفضت إلى إنتاج منظومة فاشلة قادت البلاد طيلة عشر سنوات من السيئ إلى الأسوأ”.

وبيّن أن المرحلة القادمة يجب أن تكون مرحلة اقتصادية واجتماعية بالأساس تستمد أنفاسها من لحظة 25 يوليو وتبتعد عن الخيارات الخاطئة التي اعتمدتها المنظومة السابقة.

وحول عريضة سحب الثقة من رئيس البرلمان المجمدة أشغاله راشد الغنوشين قال عويدات إن هذا الإجراء يفضي إلى العودة إلى البرلمان الحالي وإلى فترة ما قبل 25 يوليو التي كرهها الشعب التونسي.

وتابع “من يريد الدعوة الى انتخابات مبكرة أو عودة البرلمان وإن لفترة وجيزة فهو يريد العودة إلى الوراء وانتاج نفس المنظومة الفاشلة التي قادتنا إلى هذه الأزمة”.

رسالة سياسية دون أثر قانوني

وفي تصريح لـ “سبوتنيك”، أكدت أستاذة القانون الدستوري، هناء بن عبدة، أن تخلي نواب البرلمان عن عضويتهم لا يفضي إلى حل هذه المؤسسة التشريعية. وأوضحت أن القانون الانتخابي الحالي ينص بوضوح على أنه “إذا استقال نائب من البرلمان يعوّض بمن يليه في القائمة الانتخابية للحزب الذي ينتمي إليه”. وأكدت أن استقالة النواب حتى وإن كانت جماعية لن تؤدي إلى حل البرلمان.

ولفتت بن عبدة إلى أن استقالة النواب هي رسالة سياسية لا أثر قانوني لها، قائلة “هذا الإجراء له وقع سياسي وليس قانوني، لأنها ستفقد البرلمان مشروعيته ووجوده السياسي”.

وشددت أستاذة القانون الدستوري أنه لا يوجد آلية لحل البرلمان باستثناء التي نص عليها الفصل 89 من الدستور التونسي وهي مرور 4 أشهر على تسمية رئيس حكومة مكلف وعدم قدرته على تشكيل حكومة.

وأضافت “في هذه الحالة فقط يمكن لرئيس الجمهورية أن يحل البرلمان ويدعو لانتخابات تشريعية مبكرة في أجل يتراوح بين 45 يوما و90 يوما”. وأشارت بن عبدة إلى امكانية توجه رئيس الجمهورية نحو مسارات أخرى مثل طلب استشارة الشعب (الاستفتاء)، ولكنها ستكون مسارات سياسية خارج عن نص الدستور، حسب قولها.

وحول مسألة سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي، قالت بن عبدة “إذا ما افترضنا أن النواب تمكنوا من تجميع الـ 109 صوت المطلوبة لسحب الثقة من الغنوشي، كيف سيتم تنظيم عملية التصويت والحال أن الأمر الرئاسي الذي أصدره رئيس الجمهورية يقر بتعليق اختصاصات البرلمان؟”.

وبيّنت بن عبدة أن هذا الإجراء رغم أنه لا يمكن تنفيذه بالقانون، إلا أنه سيكون له وقع سياسي، خاصة وأن رئاسة البرلمان خاضت في مناسبتيْن اثنتيْن اختبار البقاء في كرسي الرئاسة وحصدت أكثر من 90 صوتا رافضا لاستمرارها، وهو “عدد كبير يترجم ضعف مشروعية الغنوشي”، حسب تعبيرها.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here