تنقيح القانون الانتخابي غير مطروح قبل الانتخابات الرئاسية ومختصون يعتبرونه ضروريا احتراما لأحكام الدستور الجديد

2
تنقيح القانون الانتخابي غير مطروح قبل الانتخابات الرئاسية ومختصون يعتبرونه ضروريا احتراما لأحكام الدستور الجديد
تنقيح القانون الانتخابي غير مطروح قبل الانتخابات الرئاسية ومختصون يعتبرونه ضروريا احتراما لأحكام الدستور الجديد

أفريقيا برس – تونس. ينتظر الناخبين نهاية العام الجاري، استحقاق انتخابي ثان بعد الانتخابات المحلية، وهي الانتخابات الرئاسية التي من المتوقع أن تكون محل اهتمام واسع بالنظر الى ما يحفّ بها من ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية وكذلك باعتبارها أول انتخابات رئاسية بعد إجراءات 25 جويلية.

وفي ظل الأحكام الجديدة التي جاء بها دستور 2022 في ما يتعلق بشروط الترشح للرئاسية، نبّه المختصون في القانون الدستوري إلى مسألة تقنية تتمثل في ضرورة تنقيح القانون الانتخابي حتى يتماشى مع الأحكام الجديدة في الدستور، على مستوى الفصل 89 تحديدا.

وطرحت هذه المسألة بالخصوص ،عقب لقاء رئيس الجمهورية قيس سعيد في 6 مارس2024، برئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فاروق بوعسكر، أكد خلاله أن دستور 25 جويلية 2022 جاء بشروط جديدة للانتخابات الرئاسية وليس هناك أي مبرّر للحديث عن إدخال تنقيحات على القانون الانتخابي”، مضيفا أنه “لا وجود لتعارض بين أحكام الدستور والقانون الانتخابي “.

وقال “هناك من يتوهم وجود مثل هذا التعارض فعليه أن يتذكر أن قواعد الدستور أعلى درجة من القواعد التي تتضمنها أحكام دونه مرتبة”.

تنقيح القرار الترتيبي لهيئة الانتخابات بدلا عن تنقيح القانون الانتخابي

نفى رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فاروق بوعسكر، في مناسبات عديدة، حتى قبل لقائه برئيس الجمهورية في 6 مارس الجاري، أي نية لتغيير القانون الانتخابي بصيغته الصادرة في 2014، مؤكداً التوجه نحو تنقيح قرار هيئة الانتخابات، الذي سينظم شروط وإجراءات الانتخابات الرئاسية، بهدف تطبيق ما ورد في الفصل 89 من الدستور.

وفي هذا الصدد، أوضح الناطق الرسمي باسم الهيئة، محمد التليلي المنصري، أن الهيئة هي التي تقوم بتنزيل الشروط الجديدة التي نص عليها الدستور، مبينا أن الهيئة ستقوم بتنقيح القرار الترتيبي عدد 18 لسنة 2014 (والذي تم تنقيحه أيضا في2019)، حتى يتلاءم مع الدستور الجديد.

وكان مجلس الهيئة قرذر في اجتماعه بتاريخ 14 فيفري الماضي الإذن للإدارة المركزية للشؤون القانونية لإعداد مشروع نص لتنقيح القرار الترتيبي للهيئة عدد 18 لسنة 2014 المتعلق بقواعد وإجراءات الترشح للانتخابات الرئاسية كما تم تنقيحه وإتمامه بموجب القرار المؤرخ في 14 جوان 2019 ، وذلك بما يتلاءم مع أحكام الفصل 89 من دستور سنة 2022.

وبخصوص الجدل القائم حول إمكانية استناد الهيئة مباشرة إلى الدستور في صياغة قرارها الترتيبي، أوضح المنصري، أن الأوامر الترتيبية يمكن أن تستمد من القانون الذي يشمل الدستور والقانون الأساسي والقانون العادي والقرارات، مضيفا قوله “الدستور هو أعلى نص قانوني ونحن مطالبون بتطبيقه أولا وبعده تأتي بقية القوانين”.

هيئة الانتخابات لا يمكن أن تأخذ مقام المشرع

وخلافا لهذا التوجه الذي اتخذته هيئة الانتخابات وموقف رئيس الجمهورية، يرى أساتذة قانون أن الهيئة لا يمكن لها أن تأخذ مقام المشرّع وان تتجاوز صلاحياتها الترتيبية.

وفي هذا الصدد، أكد أستاذ القانون الدستوري، عبد الرزاق المختار، أنه “إذا أردنا إطارا قانونيا سليما للانتخابات بغضّ النظر عن إطارها السياسي، نحتاج بالضرورة إلى تعديل القانون الانتخابي، إمّا بمبادرة من النواب أو من الجهة الحكومية”، لافتا إلى وجود تعارض بين الدستور الحالي والقانون الانتخابي لسنة 2014 في ما يتعلق بشروط الترشح للانتخابات الرئاسية.

ويتعارض القانون الانتخابي مع الدستور الجديد على مستوى ثلاث نقاط تتعلق بشروط السن والجنسية، ومسألة التزكيات، التي كانت في دستور 2014 تُجمع من أعضاء المجالس البلدية أو مجلس النواب أو المواطنين، في حين ينصص الدستور الجديد عن المنتخبين، بمن فيهم مجلس الجهات والأقاليم.

وتتعلق التغييرات الجديدة بالترفيع في السن من 35 إلى 40 سنة وشرط الجنسية الذي يشدد على الجنسية التونسية للترشح لا غير، وأن يكون المترشح تونسياً مولوداً لأب وأم تونسيين، وأن يكون الجدّان أيضاً من جهة الأب والأم، تونسيين، بالإضافة إلى تمتع المترشح بكامل الحقوق المدنية والسياسية.

ولفت المختار إلى أن الفصل 89 من الدستور نصص صراحة وبكل وضوح على أن “يقع تقديم الترشح للهيئة العليا المستقلة للانتخابات حسب الطريقة والشروط المنصوص عليها بالقانون الانتخابي” ، وبالتالي فإنه لا بد من الرجوع إلى هذا القانون بعد تنقيحه، عند صياغة القرار الترتيبي.

وقال “في تقديري لا بد من تعديل القانون الانتخابي، ودونه لا يمكن بالنص القانوني، أن تستمد الأحكام الترتيبية والتي هي أحكام تفصيلية مباشرة من الدستور”، موضحا أن المادة الترتيبية ليست مادة مبتدئة ولابد أن يكون لها أساس.

وأضاف أن الاختصاص الترتيبي لهيئة الانتخابات ليس اختصاصا مستقلا بذاته في مسألة الشروط وغيره من المسائل بل هي تأتي تفصيلا لقانون موجود سابق الوضع، “وليس لهيئة الانتخابات أن تقوم مقام المشرّع في ما يتعلق بتنزيل القواعد الدستورية “، وفق تعبيره.

وأكد أستاذ القانون الدستوري على أنه “من غير الممكن أن تستوعب هيئة الانتخابات، بمجرد قرار ترتيبي، الشروط الدستورية الجديدة دون حاجة لقانون أساسي”، مشيرا إلى أن السلطة الترتيبية يجب أن تجد لها أساسا قانونيا والمعنى هو أن تلتصق بالتشريع الأعلى المباشر لها وهو القانون.

وقال إن “المرور مباشرة من الدستور دون قانون، يخالف ما يسمى بهرمية القواعد القانونية ومبدأ الشرعية بشكل واضح، ويخالف قبل كل شيء النص الدستوري، وهو ما يجعل أي إجراء لاحق، قابلا للطعن فيه لدى المحاكم بالدفع بعدم الدستورية أمام المحكمة الإدارية أو أي محكمة ستنظر في المادة الانتخابية، سواء بالطعن في النتائج أو عند رفض قبول الترشح أمام القاضي العدلي أو الإداري”.

وفي هذا السياق بين الباحث في القانون العام بكلية العلوم القانونية بتونس، يوسف عبيد، أن الدستور أحال صراحة على القانون الانتخابي الذي أوكل له مهمة تدقيق طريقة وشروط الترشح، مما يعني ضرورة تنقيح القانون الانتخابي وملاءمته مع الأحكام الدستورية.

وبين في تصريح إعلامي أن توجه هيئة الانتخابات نحو تفصيل الأحكام الدستورية للترشح عن طريق مجرد قرار ترتيبي وإزاحة القانون الانتخابي الذي يحيل إليه الدستور هذه المهمة، “هو تجاوز للقانون الانتخابي الذي يعلوها درجة من الناحية القانونية والذي يمثل أهم إطار وحد لسلطتها الترتيبية”.

وتنتهي هذه السنة، العهدة الرئاسية للرئيس، قيس سعيّد، الذي فاز في جولة إعادة الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 13 أكتوبر 2019 بنسبة 72 فاصل 1 بالمائة من الأصوات.

وأعلن رئيس هيئة الانتخابات، فاروق بوعسكر، عن انطلاق الاستعدادات لعقد الانتخابات الرئاسية التي ستكون إما في شهر سبتمبر أو أكتوبر المقبل احتراماً لدورية هذه المحطة الانتخابية.

ولم يعلن رئيس الجمهورية قيس سعيد بصفة رسمية نيته الترشح لولاية ثانية، في حين يواجه مرشحون للرئاسية ملاحقات قضائية وفي مقدمتهم رئيسة الحزب الدستوري عبير موسي الموقوفة منذ أكتوبر الماضي، والأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي الموقوف على ذمة ما يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة والذي رشحه حزبه. كما تطرح العديد من القوى الديمقراطية مبادرة للاتفاق على مرشح وحيد يمثلها جميعا وفق ما صرح به حسام الحامي منسق ائتلاف صمود.

المصدر: وات

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here