“تنكّر للثورة ودعا لتقسيم المجتمع”.. هكذا قرأ التونسيون خطاب الرئيس سعيّد

18
“تنكّر للثورة ودعا لتقسيم المجتمع”.. هكذا قرأ التونسيون خطاب الرئيس سعيّد- (فيديو)
“تنكّر للثورة ودعا لتقسيم المجتمع”.. هكذا قرأ التونسيون خطاب الرئيس سعيّد- (فيديو)

أفريقيا برستونس. في خطابه الأخير في مدينة سيدي بوزيد، واصل الرئيس قيس سعيد هجومه ضد خصومه السياسيين معتمدا أسلوب الثنائيات المضادة، من قبيل “الصادقون والخونة، الوطنيون والعملاء، الثورة الحقيقية والثورة المضادة”، فضلا عن إشادته بمن صفق للإجراءات الاستثنائية ومهاجمته لمن تظاهر ضدها، الأمر الذي دفع عددا من السياسيين والحقوقيين لاتهامه بمحاولة “تقسيم” التونسيين.

وكان سعيد اعتبر في اجتماع شعبي عقده في سيدي بوزيد أن الثورة التونسية انطلقت يوم 17 كانون الأول/ديسمبر (ليلة قيام البوعزيزي بإحراق نفسه) وتم إجهاضها يوم 14 كانون الثاني/يناير 2011 (ليلة هروب بن علي).

وخاطب الباحث والمحلل السياسي عادل اللطيفي الرئيس سعيد بقوله “اليوم في سيدي بوزيد أثبت أنك لم تغادر يوم 25 جويلية على عكس الشعب الذي تنطق باسمه والذي ينتظر ما بعده. تقسيم خطير للتونسيين ورد في خطابك بين شعب 17 ديسمبر وشعب 14 جانفي. تنسى أيها الرئيس، وأنت لا أثر لك قبل 14 جانفي، أن الثورة كل متكامل بين التونسيين في سيدي بوزيد والقصرين وصفاقس وتونس وغيرها من المدن والقرى والأحياء. تنسى أن هناك شهداء تونسيين سقطوا يوم 14 في كل الجهات والمدن. هذا انتحال لصفة الثوري بعد الثورة واستغلال للخراب الذي تسببت فيه النهضة والانتهازيون من أجل تمرير مشروع طوباوي يبدو أنه تخمر في عقليات متحجرة تحيط بك”.

وأضاف “تتحدث عن 14 جانفي باعتباره سرقة للثورة، أقول لك وأنا الذي يسمح لي تاريخي ومعارضتي لبن علي وتفكيري أن أتحدث عن الثورة، أن يوم 14 جانفي يعني شيئين: تأكيد الإرادة الشعبية في إسقاط النظام ولكن خاصة ضمان الانتقال السلمي للسلطة بفضل ثقافة الدولة وثقافة الدستور وترسخ تقاليد الدولة الوطنية وهو ما ميزنا عن تجارب عربية أخرى غرقت في فوضى الحرب الأهلية. تتحدث عن إرادة الشعب في سيدي بوزيد يوم 17 ديسمبر، فهل خرج الشعب من أجل قانون انتخابي غريب ينطلق من العمادة وصولا إلى البرلمان؟ ثم كيف تستغل نقمة الشعب على منظومة الحكم الإخوانية لتمرر هكذا قانونا انتخابيا دون أن تطرحه للنقاش العام على الشعب الذي تتحدث عنه؟”.

ودون الناشط السياسي عبد الله حاج العربي “المشاركون في الوقفة الاحتجاجية السبت المنقضي (حسب قيس سعيد) صنفان: صنف أعطوه مالا، وصنف أعطوه خمرا. الصنف الأول في تمام مداركه العقلية لذلك تولى تهدئة صنف المخمورين فلم تقع مشاكل لا مع الأمن ولا مع أنصار سعيد”.

وأضاف -ساخرا- “السبت القادم نغير: من سكر السبت الماضي نعطيه مالا ومن أعطيناه مالا نسكره. القضية أن جماعة من المشاركين في مسيرة السبت احتالوا على المنظمين فنالوا الفلوس والتحقوا بالحانة ليسكروا مع الفئة الأخرى، هؤلاء أربكوا الحسابات وسيحاسبون!”.

وقال المحلل السياسي عادل بن عبد الله إن الرئيس سعيد يواصل في حملته “التفسيرية” للإجراءات الاستثنائية التي اتخذها “فهو يريد أن يصطنع جملة سياسية خاصة به، لكن مكونات هذه الجملة تقوم على تقسيم التونسيين وفق مصطلحات من قبيل صادقون ووطنيون يقابلهم خونة وفي قلوبهم مرض، من معي فهو مثال للأمانة والصدق ومن ضدي هو خلاف لهذه الصفات. هذه القسمة لم يحد عنها الرئيس منذ توليه الرئاسة. وهذا التقسيم للشعب التونسي خطير جدا لأنه يقوم على منطق أحادية الحقيقة والفرقة الناجية”.

وكتب الإعلامي والناشط السياسي زياد الهاني “كان 14 جانفي 2011 يوما عظيما في تاريخ تونس وفي سجل نضال التونسيين من أجل الحرية. يومها كسروا جدار الخوف وهبّوا بالمئات للاحتجاج أمام العنوان المركزي الذي كان يثير الرعب في النفوس، وزارة الداخلية. خرجوا ليجسدوا إرادتهم في الحسم مع الاستبداد، ويقولوا بكل شجاعة لنظام الخوف في شخص جهازه المركزي للقمع وللرئيس الراحل زين العابدين بن علي: ديغاج (ارحل) واستجاب لهم القدر”.

وأضاف “كنت هناك في تلك اللحظة التاريخية، وألقيت في الجموع الهادرة وأنا محمول على أكتاف زملائي، كلمة باسم النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين والصحافة المنتفضة من أجل التحرر. يومها لم يكن قيس سعيّد معنا، وإذ يرى في ذلك الحشد النضالي الرهيب إجهاضا للثورة التي ليس له أية علاقة بها، فلأنه في تقديري لم يشارك في تلك اللحظة التاريخية العظيمة، وأتفهم بالتالي حقده عليها”.

وكتب رامي الصالحي رئيس مكتب المغرب العربي للشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان “لن يهدأ قيس سعيّد ولن يرتاح له بال حتّى يفتح حربا أهلية بين التونسيين! خطاباته قائمة على التفرقة بين التونسيات والتونسيين وبين الجهات والفئات وعلى بثّ الحقد والكراهية والنقمة، واعتماد معجم فاشي وعبارات هستيريا وتهديد ووعيد!”.

وأضاف، مخاطبا الرئيس سعيد “ربما ما زال لديك شيء من الرّصيد الوهمي الذي خدعت به الجميع ولكنه سينفد سريعا، ليفيق “شعبك” على حقيقة مرّة وهي أنك أكبر عملية تحيل تعرض لها في تاريخه!”.

وكتب النائب عن حركة النهضة، سمير ديلو “من حقّ الرّئيس اعتبار ما يقوم به استمرارا “للانفجار الثّوريّ العظيم” في 17 ديسمبر 2010 ولكن من الإجحاف الكبير أن يعتبر 14 جانفي 2011 انقلابا على الثّورة! فالثّورة التّونسيّة لحظتان: لحظة 17 ديسمبر المشحونة بمعاني الكرامة في بعديها الاقتصادي والاجتماعي. ولحظة 14 جانفي 2011 المعبّرة عن التّوق للحرّيّة والانعتاق من قيود الاستبداد، أمّا الانحرافات التي حصلت بعد 14 جانفي 2011 وأوصلت البلاد إلى حالة من الضّعف والترهّل – بما أعطى مقبوليّة شعبيّة لما قام به الرّئيس يوم 25 جويلية، فليس لها مفعول رجعيّ!”.

وأضاف “تعميم الاتّهام بالفساد الموجّه للنوّاب دون أيّ تحديد ولا تحفّظ ولا تخصيص ولا استدراك ليس مقبولا ولا معقولا وفيه إهانة للنوّاب الشّرفاء (…) كما أن الفرز الذي تحدّث عنه الرّئيس لم يعد فرزا بين منظومتين ولا حتّى بين شرفاء وفاسدين بل أصبح فرزا بين الصّادقين (الذين يخاطبهم مباشرة أو يساندونه حيث هم) وبين خليط من الفاسدين والخونة والعملاء ومرضى القلوب والطّامعين في المناصب!”.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here