حل المجالس البلدية في تونس بين التأييد والرفض

2
حل المجالس البلدية في تونس بين التأييد والرفض
حل المجالس البلدية في تونس بين التأييد والرفض

أفريقيا برس – تونس. بعد أن رجحت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، إجراء الانتخابات البلدية بين مايو/ أيار ويوليو/ تموز المقبلين، وشارفت ولاية المجالس البلدية المنتخبة عام 2018 على الانتهاء، جاء قرار الرئيس قيس سعيد حل المجالس وتعويضها بنيابات خصوصية.

والنيابة الخصوصية هي مجلس غير منتخب تتم تسميته بمقتضى أمر، في حالة حل المجلس البلدي أو استقالة كافة أعضائه المباشرين، أو في حال تعذر تكوين مجلس بلدي.

وتقوم النيابة الخصوصية ورئيسها بوظائف المجلس البلدي ورئيسه نفسها.

ويتم تعيين أعضاء النيابات الخصوصية من قبل وزارة الداخلية أو السلطة السياسية لإدارة شؤون البلدية على غرار المعتمديات.

ووفق مرسوم رئاسي صدر الخميس، “سيتم حل جميع المجالس البلدية إلى حين انتخاب مجالس بلدية جديدة”.

كما تم “تكليف الكتّاب العامّين (موظفي بلدية) بها بتسييرها تحت إشراف الولاة”، دون تحديد موعد إجرائها.

قرار اعتبر البعض أنه يتماهى مع مشروع سعيّد المتمثل في البناء القاعدي، وهو مشروع لطالما دعا إليه حتى قبل توليه منصب الرئاسة.

ويقوم البناء القاعدي وفق سعيّد، على إعادة البناء من المحلّي (الجهات) نحو المركز، حتى تكون القوانين والتشريعات كلها على اختلاف أصنافها ودرجاتها معبّرة عن إرادة الشعب في مختلف المناطق والجهات الداخلية وصولاً إلى المركز (المدن الكبرى والعاصمة).

كما أن في ذلك ترجمة لشعار “الشعب يريد” الذي صاحب حملة سعيد الانتخابية في رئاسيات 2019.

فيما يعتبر آخرون أن حل هذه المجالس من شأنه أن يقضي على “اللامركزية” أحد المبادئ التي نادت بها ثورة 2011.

وفي 6 مايو 2018، أُجريت انتخابات في 350 بلدية، هي الأولى بعد ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي (1987 ـ 2011).

مناخ ملائم

محمود بن مبروك، المتحدث باسم حركة شباب تونس الوطني “حراك 25 يوليو”، أكد “ضرورة تعويض المجالس البلدية التي تحكمت فيها حركة النهضة بمجالس خصوصية حتى يصبح هناك مناخ ملائم لإجراء انتخابات”، وفق قوله.

وفي مؤتمر صحفي، الأربعاء، قال بن مبروك إن “اللحظة السياسية الحالية هي لحظة محاسبة من أجرموا في حق البلاد التونسية طيلة 10 سنوات”.

دعوة للطعن بقرار الحل

منظمة “أنا يقظ” الرقابية اعتبرت في بيان، أن القرار “هدم لمسار انطلق منذ 5 سنوات استثمرت فيه الدولة من أموال دافعي الضرائب، بهدف تقليص الهوّة بين المواطن والدولة، وتقريب الخدمات منه عملًا بمبدأ التفريع”.

وأكدت المنظمة التونسية أن “سعيّد استكمل مسار وضع اليد على مؤسسات الجمهورية الثانية، بإعلانه حل المجالس البلدية المنتخبة سنة 2018، بنسبة مشاركة 35.6 بالمئة قبل شهرين من انتهاء المدة النيابية”.

ووفق البيان، دعت “أنا يقظ” المجالس البلدية إلى “الطعن في هذا الإجراء أمام المحكمة الإدارية، عملا بأحكام الفصل 204 من مجلة الجماعات المحلية”.

كما طالبت السلطة بوضع حد لما وصفته بـ “العبث التشريعي الذي دمّر مبادئ الأمان القانوني”، مشددة على أن “المحكمة لطالما كانت صمام الأمان زمن الديكتاتورية، ومن العار أن تتحول المحكمة الإدارية إلى محكمة الإدارة”.

تراجع عن مكاسب الثورة

عدنان بوعصيدة، رئيس الجامعة الوطنية للبلديات التونسية ورئيس بلدية رواد، قال إن “قرار حل البلديات كان متوقعا”.

وأكد في تصريح لإذاعة “شمس إف إم” التونسية الخاصة، أن “أعلى هرم في السلطة غير مقتنع بنجاعة مسار اللامركزية وفلسفتها العامة، وأولوية رئاسة الجمهورية القادمة هي انتخاب مجلس الأقاليم والجهات، لا الانتخابات البلدية”.

واعتبر حل المجالس البلدية “تراجعا عن أهم مكتسبات الثورة في تحقيق اللامركزية الإدارية والفصل بين السلطات”.

من جانبها، الناشطة بالمجتمع المدني شيماء بو هلال قالت في تدوينة لها في فيسبوك: “رغم كل شيء، استمرت مجالس منتخبة منذ سنة 2018 في جل البلديات – قرابة الـ350 مجلس منتخب يمثل المستقلين والأحزاب الرافضة للواقع السياسي والمتماهية معه، لأكثر من سنة ونصف تحت حكم الفرد”.

وزادت أن “شرارة السلطة المحلية استمرت بين يدي أكثر من 7000 شخص منتخب لأول مرة بعد الثورة، بشكل مباشر وعام، بمن آمن بها ومن لم يؤمن، من ساهم ومن لم يكترث، من أصاب ومن لم يجتهد، وستستمر”.

أما القيادي في حركة النهضة رفيق عبد السّلام، فاعتبر في تدوينة على فيسبوك أن سعيّد “أقدم وبهذه السرعة على حل المجالس البلدية لتحقيق مأربين رئيسيين كامنين في نفس يعقوب”.

واعتبر أنها “خطوة استباقية وعملية التِفافية لافتكاك سلطة التشريع من برلمانه الجديد الذي ضاق به ذرعا قبل انعقاده بسبب تساقط مواليه.. لصالح مجموعات أخرى لا يثق بها، ومن ثم المسارعة بافتكاك صلاحية التشريع في مجال البلديات من مجلس نوّابه منزوع الصلاحيات لخاصة نفسه عبر سلاح المراسيم الاستثنائية”.

استنكار وتنديد

بدوره، أدان حزب العمّال التونسي هذا القرار بعد أن شارفت عُهدة المجالس على الانتهاء.

وأعرب الحزب في بيان عن “رفضه المطلق للتراجع عن مكاسب الديمقراطية واللامركزية ومبدأ التناصف الأفقي والعمودي في القانون الانتخابي الواردة في دستور 2014”.

كما رفض “ضرب باب السلطة المحلية ومسار اللامركزية والتدبير الحر ومبادئ ومكاسب القانون الانتخابي لسنة 2018”.

من ناحيتها، استنكرت حركة النهضة هذه الخطوة، معتبرة أنها “مواصلة من سلطة الانقلاب في هدم كل مكتسبات الثورة كالحكم المحليّ الذي يكرّس سياسة القرب والتدبير الحرّ والتمييز الإيجابي للجهات في مقابل الإمعان في تركيز مشروع قيس سعيّد في البناء القاعدي الهلامي وآليات فرز متخلفة مثل اعتماد القرعة عوض الوعي الديمقراطي وآلية الانتخاب”.

وذكرت النهضة في بيان، أن الخطوة تأتي “قبل نهاية العهدة الانتخابية بقرابة الشهرين قصد صرف أنظار الرأي العام عن الأزمات المتعددة، وخاصة ما خلقه خطاب العنصرية ضد الأفارقة من تداعيات سلبية على العلاقات الدبلوماسية”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here