خبراء: تدخل النقابية الأوروبية إيستر لينش في الشؤون الداخلية وراء قرار طردها من تونس

9
خبراء: تدخل النقابية الأوروبية إيستر لينش في الشؤون الداخلية وراء قرار طردها من تونس
خبراء: تدخل النقابية الأوروبية إيستر لينش في الشؤون الداخلية وراء قرار طردها من تونس

أفريقيا برس – تونس. أثار قرار الرئيس قيس سعيد مطالبة الأمينة العامة للكونفدرالية الأوروبية للنقابات إيستر لينش، بمغادرة البلاد بعد مشاركتها في مظاهرة نظمها “الاتحاد العام التونسي للشغل”، حالة من الجدل في الشارع التونسي.

من ناحية يرى بعض الخبراء أن القرار جاء في إطاره الصحيح بعد تدخل لينش في الشؤون الداخلية للبلاد بشكل يتجاوز الأعراف الدبلوماسية. ومن جهة أخرى يرى البعض أن القرار بمثابة سوء تقدير من طرف السلطة.

تصريحات لينش التي اعتبرتها الرئاسة التونسية غير مقبولة قالت فيها خلال مشاركتها في تظاهرة للاتحاد العام التونسي للشغل:

“نقول للحكومات، ارفعوا أيديكم عن نقاباتنا العمالية، حرروا قادتنا”. وأضافت “أتيت إلى هنا لإيصال صوت تضامن 45 مليون نقابي ونقابية من أوروبا”. وتابعت “من الخطأ الفادح أن تتم مهاجمة النقابات”.

أوامر رئاسية

بعد التصريحات قالت رئاسة الجمهورية في بيان “بأمر من رئيس الجمهورية قيس سعيّد، دعت السلطات التونسية المختصة المدعوة إيستر لينش التي شاركت بمدينة صفاقس في مسيرة نظمها الاتحاد العام التونسي للشغل وأدلت بتصريحات فيها تدخل سافر في الشأن الداخلي التونسي، إلى مغادرة تونس وذلك في أجل لا يتجاوز 24 ساعة من تاريخ إعلامها بأنها شخص غير مرغوب فيه”.

تعليقا على القرار يقول البرلماني السابق حاتم المليكي، إن الأمر يتعلق بسوء تقدير من السلطة، إذ أن التضامن العمالي النقابي مبدأ راسخ ومتجذر منذ عقود على المستوى الدولي.

يذكر البرلماني التونسي، بأن الكونفيدرالية الدولية للنقابات لعبت دورا هاما في التعريف بالقضية التونسية، بقيادة الزعيم التاريخي للاتحاد العام التونسي للشغل، من أجل الحصول على الاستقلال. كما شاركت قيادات نقابية تونسية في العديد من التحركات النقابية الدولية.

يرى الخطوة بأنها بمثابة “الخلط بين الصراعات الداخلية مهما كانت طبيعتها، والمبادئ المتفق عليها، بما في ذلك حق العمل النقابي والتضامن بين المنظمات والشعوب”.

تداعيات القرار

يشير إلى أن تداعيات الخطوة يمكن أن تؤثر على وضع البلاد في الحالة الاقتصادية الراهنة، نظرا لأهمية الاتحاد الأوروبي كشريك اقتصادي قوي لتونس من جهة، والصعوبات التي تعيشها البلاد من جهة أخرى.

مؤخرا صعد الاتحاد التونسي للشغل في تونس من لهجته، بعد توقيف أنيس الكعبي، الكاتب العام للنقابة الخصوصية للطرقات السيارة مساء الثلاثاء 31 يناير/ كانون الثاني 2023 من طرف قوات أمنية، ونظم احتجاجات شاركت فيها لينش.

يعد “اتحاد الشغل” المنظمة النقابية الأكبر في البلاد التي تتوفر على قاعدة عريضة من المنخرطين، تناهز مليون عضو في القطاعين العام والخاص.

في الإطار قال المحلل السياسي والخبير في الشؤون الاستراتيجية التونسي عبد القادر ساكري، إن طرد الأمينة العامة لاتحاد النقابات الأوروبية إستر لينش، جاء على إثر تجاوز لينش الحدود المعمول بها في إطار العمل النقابي، وادلت بتصريحات معادية للدولة التونسية، وهو ما يعتبر تدخلا في الشؤون الداخلية.

ويضيف أن التدخل في الشؤون الداخلية وهي على الأراضي التونسية عبر الإدلاء بتصريحات تحريضية يخالف الأعراف الدبلوماسية.

بحسب ساكري أن وجودها أو اجتماعها مع الاتحاد لا يمثل إشكالية، بل تكمن الأزمة في التصريحات التي أدلت بها لينش وهي على التراب التونسي.

دور الاتحاد في الشارع

يلعب الاتحاد التونسي للشغل دورا كبيرا ومؤثرا في المشهد التونسي، ويعد القوة الوازنة في الشارع، ما يجعل من أي مواقف له مؤثرة في مسار المشهد التونسي.

ويرى ساكري أن العلاقات مع الاتحاد الأوروبي لن تتأثر، نظرا للعلاقة الهامة بين الجانبين على المستويات الاقتصادية والاستراتيجي.

ولفت إلى أن السياسة التونسية الحالية لا تسمح بأي تجاوز أو تدخل في الشؤون الداخلية، وأن علاقتها مع جميع الأطراف تقوم على أساس السيادة.

العديد من الوقائع جرت في دول المغرب العربي مؤخرا جميعها من طرف الدول الأوروبية تنم عن تدخل في سيادة الدول وأبرزها الضغط عبر ملف حقوق الإنسان عبر البرلمان الأوروبي، وتهريب الناشطة الجزائرية أميرة بوراوي إلى فرنسا، وهو ما يعتبره الخبراء بأنه ينم عن تعالي وتدخل في البلاد وكأنها مستعمرات لهم.

تصريحات مفاجئة

في الإطار قال الخبير الاستراتيجي التونسي باسيل الترجمان، إن تصريحات النقابية الأوروبية كانت مفاجئة واستغربها العديد من النقابيين نظرا لما فيها من تحريض وتهجم على رئيس الجمهورية، وأن طلب مغادرتها البلاد، يعبر عن عدم قبول التدخل الفج من طرفها.

ويضيف أن قرار رئيس الجمهورية هو سيادي، وأن الخطوة ربما لن تترك أي أثر على علاقة الدول الأوروبية مع تونس، نظرا لكون نطاق عمل النقابات منفصل عن مسار الحكومات.

وهنا يشدد الخبير التونسي على أنه على الجميع أن يدرك أن تونس ذات سيادة وليست مستعمرة أو تخضع لسيادة وهيمنة أطراف ترى في نفسها أنها لها الحق في التعاطي والتعامل بشكل انتقائي مع ملفات تهم الواقع التونسي، وتتعامل بفوقية.

توتر العلاقة

ويرى خبراء أن توتر العلاقة بين “الاتحاد التونسي للشغل” والرئيس يمكن أن يؤثر بشكل كبير في مسار الأوضاع في تونس، وأن الأزمة قد تتفاقم، على غرار ما حدث في يناير 1978، أو أحداث الخبز 1984، وهي أزمات كان فيها “الاتحاد” طرفا أساسيا إثر تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في البلاد حينها.

ووصلت العلاقة بين الاتحاد والرئيس التونسي بعد سلسلة من الاجتماعات والمشاورات إلى ما يشبه القطيعة.

في تعليقه على قرار الرئاسة التونسية، قال الناطق الرسمي باسم “الاتحاد العام التونسي للشغل” سامي الطاهري، مساء السبت، إن “إستر لينش ستغادر بطبعها نحو أوروبا من الغد”، مضيفًا، وفق الصحافة التونسية:

“من نصح الرئيس بهذا القرار إنما يدفعه إلى صراع مع الحركة النقابية في الاتحاد الأوروبي والعالم العربي”.

من هي إستر لينش

إستر لينش هي الأمينة العامة للاتحاد الأوروبي للنقابات (ETUC)، إيرلندية الجنسية، تولت المنصب في ديسمبر/ كانون الأول 2022، خلفًا للإيطالي لوكا فيسينتيني .

من مواليد سنة 1963، وهي أول مواطنة إيرلندية ترأس الاتحاد الأوروبي للنقابات، وقد حصلت على أول تفويض نقابي لها في الثمانينيات، حسب تعريف الاتحاد.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here