ردود غاضبة على قرار تغيير موعد الاحتفال بالثورة التونسية

12
ردود فعل غاضبة على قرار تغيير موعد الاحتفال بالثورة التونسية ومراقبون يتوقعون تصاعد حراك الشارع
ردود فعل غاضبة على قرار تغيير موعد الاحتفال بالثورة التونسية ومراقبون يتوقعون تصاعد حراك الشارع

أفريقيا برس – تونس. لم يمرّ قرار الرئيس التونسي قيس سعيد القاضي بتغيير تاريخ ثورة الياسمين من 14 يناير/ كانون الثاني إلى 17 ديسمبر/ كانون الأول دون أن يثير زوبعة من الانتقادات والجدل وحتى السخرية.

وترى نخب تونسية أن تغيير تاريخ الاحتفال بالثورة هو سطو على التاريخ وتحريف جديد لنص الدستور واستغلال لمشاعر التونسيين الذين قادوا الاحتجاجات ضد نظام بن علي في محافظة سيدي بوزيد أواسط ديسمبر من سنة 2010.

بينما انتقد البعض “انحراف” الرئيس بأولويات الشعب التونسي الذي يعيش بلده أزمة مالية خانقة قرّبته من حافة الإفلاس، وأزمة اجتماعية فاقمها ارتفاع معدلات البطالة والفقر والتهميش، تضاف إليهما أزمة سياسية أشعلها الخلاف حول الاجراءات الاستثنائية القاضية بتجميد عمل البرلمان إلى أجل غير مسمى والمرسوم الرئاسي 117 الذي حوّل جل الصلاحيات إلى رئيس الجمهورية.

وأعلن الرئيس قيس سعيد، مساء الخميس ، خلال اجتماع مجلس الوزراء عن تغيير تاريخ الاحتفال بذكرى الثورة إلى 17 كانون الأول، واصفا التاريخ السابق بأنه “غير ملائم”.

وعلّل سعيد قراره بأن “الانفجار الثوري انطلق من سيدي بوزيد، ولكن للأسف تم احتواء الثورة حتى يتم إقصاء الشعب عن التعبير عن إرادته وعن الشعارات التي رفعها”. وكتب النائب عياض اللومي تدوينة ساخرة يقول فيها: “أرجو أن لا نستيقظ يوما على مرسوم يغيَر اسم تونس إلى شيراز أو قم أو النجف الأشرف”.

واعتبر أن تغيير تاريخ الثورة بمرسوم هو خرق جديد للدستور الذي تحدث عن ثورة 17 كانون الأول، 14 يناير، وأنه يلغي كل التواريخ السياسية اللاحقة بما فيها اضرابات القصرين وصفاقس وهروب بن علي وسقوط رأي السلطة.

فيما كتب الأمين العام للحزب الجمهوري، عصام الشابي: “من لم يشارك في فعاليات الثورة، يريد اليوم إعادة كتابة تاريخها ومزيد تقسيم التونسيين في الوقت الذي هم في الحاجة إلى توحيد جهودهم لتجاوز أزمة طالت أكثر من اللزوم”.

وفي تصريح لـ “سبوتنيك”، تساءل النائب عن حزب “قلب تونس” في البرلمان المجمدة أشغاله فؤاد ثامر “ما الذي سيجنيه التونسيون من تغيير موعد الاحتفال بعيد الثورة؟”. واعتبر أن هذا القرار لا يغني التونسيين ولا يسمنهم من جوع، وأن الرئيس خلق معركة وهمية لم تكن حتى موضع جدل بين المواطنين.

وأضاف: “لا أحد ينكر الاعتراف بتاريخ 17 ديسمبر حتى يتم الحديث عن جعله تاريخا لذكرى الثورة، ثم إن الدستور التونسي نص على ذكر الثورة اعتمادا على التاريخين الاثنين”.

ويرى ثامر أن رئيس الجمهورية لا يمتلك الحق في تغيير تواريخ البلاد التي لها رمزية في الذاكرة الشعبية أو الفصل بين تاريخيْن يمثل الأول فيهما ذكرى اندلاع شرارة الثورة انطلاقا من محافظة سيدي بوزيد والثاني ذكرى سقوط النظام وهروب بن علي.

وتابع: “كان من الأجدى أن يعرض الرئيس قيس سعيد هذه المسألة على الاستفتاء ويترك للشعب حرية تحديد تاريخ الثورة خاصة وهو الذي يتشدق بسلطة الشعب في كل خطاباته”.

ويعتقد ثامر أن رئيس الجمهورية سعى من خلال طرحه لهذا الموضوع إلى توظيف عيد الثورة توظيفا سياسيا، معتبرا أن اصطفافه إلى جانب محافظة دون أخرى هو خطأ جسيم لان رئيس الدولة يمثل كل التونسيين وليس محافظة بعينها.

وختم: “إذا كان الرئيس يولي أهمية للثورة فإن عليه أن يستجيب لمطالب التونسيين الذين ثاروا ضد الظلم والتهميش وطالبوا بالشغل والحرية والكرامة الوطنية”. بدوره، قال رئيس الهيئة السياسية لحزب الأمل أحمد نجيب الشابي لـ “سبوتنيك”، إن قرار رئيس الدولة القاضي بتغيير تاريخ الاحتفال بالثورة أثار جدلا عقيما القصد منه إلهاء الشعب التونسي عن حقيقة مشاغله.

وأوضح أن “البلاد التونسية على حافة الانهيار، ومالية تونس في حالة نضوب، والموظفون مهددون بعدم خلاص أجورهم، وليس هناك موارد مالية لا داخلية ولا خارجية. وعوض أن ينكبّ الحوار السياسي على هذه المشاكل وكيفية انقاذ تونس من أزمتها الخانقة، يتم افتعال قضايا مثل تغيير ذكرى الاحتفال بالثورة لإلهاء الرأي العام”.

ويرى الشابي أن هذه التواريخ ترمز إلى أحداث فاصلة، فالشعب التونسي عاش انتفاضة بدأت في 17 ديسمبر 2010 وانتهت في 14 يناير2011، فسميت في الدستور ثورة 17 ديسمبر و14 جانفي وسار الناس على الاحتفال بذكراها في التاريخ الثاني، وفقا لقوله.

ويرى عضو حركة “مواطنون ضد الانقلاب” زهير إسماعيل في حديثه لـ “سبوتنيك”، أن تغيير تاريخ عيد الثورة قضية زائفة في ظل وضع يتطلب حلولا لأزمة حقيقية كانت سابقة لتاريخ 25 يوليو ولكنها تضاعفت، على حد تعبيره.

وتابع: “تمر البلاد بأزمة أزمة مالية واقتصادية وسياسية وأخرى صحية على الأبواب، لذلك فإن نقاشات من هذا النوع ليس لها معنى”، معتبرا أن رئيس الدولة لا يمتلك حلولا لهذه المشاكل وهو ما دفعه إلى افتعال مثل هذه القضايا.

وقال إسماعيل إن الرئيس التونسي قيس سعيد يُواجَه بأنه ليس من جيل الثورة ولم يساهم فيها وفي النضال ضد الديمقراطية، معتبرا أن من حقه أن يعبر عن رأيه ولكن ليس على حساب الموضوع الأساسي الذي يجب الخوض فيه في هذه المرحلة، ألا وهو إنهاء الإجراءات الاستثنائية التي خرق فيها الدستور والعودة إلى المسار الديمقراطي من بوابة البرلمان.

يتوقع مراقبون تصاعد التحركات في الشارع التونسي، سواء المحملة بالرسائل السياسية أو المثقلة بالمطالب الاجتماعية، خاصة مع اقتراب ذكرى اندلاع شرارة الثورة في 17 ديسمبر.

وفي الصدد، قال زهير إسماعيل إن هذه الذكرى تمثل مناسبة رمزية ومن الطبيعي أن كل الجهات الفاعلة ستتحرك للتعبير عن مواقفها ومشاريعها ومطالبها في هذا الموعد ضد فعاليات مواطنية.

ولفت إلى أن حركة مواطنون ضد الانقلاب، سترفع بدورها بندها الرئيسي الذي أعلنت عنه مؤخرا في إطار “المبادرة الديمقراطية”، ألا وهو عودة البرلمان باعتباره المؤسسة الأصلية في النظام السياسي المنبثق عن دستور الثورة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here