ردود فعل محلية ودولية بعد تشكيل حكومة قيس سعيّد

19

بقلم: خالصة حمروني

بعد 12 يوماً من تاريخ تكليفها، كشفت رئيسة الحكومة نجلاء بودن عن أعضاء حكومتها يوم الاثنين 11 أكتوبر 2021 في قصر قرطاج. وشهدت حكومة نجلاء بودن حضوراً لافتا للمرأة من خلال تكليف 8 وزيرات وكاتبة دولة، إلى جانب تثبيت كلّ من وزير التربية فتحي السلاوتي ووزير الخارجية عثمان الجرندي، والإبقاء على المكلف بوزارة الصحة علي مرابط والوزيرة المكلفة بتسيير وزارة المالية سهام نمصية بوغديري والمكلف بتسيير وزارة تكنولوجيات الاتصال نزار بن ناجي.

كما قامت رئيسة الحكومة بإعادة ثلاثة وزراء كان رئيس الحكومة السابق هشام المشيشي قد أقالهم وهم توفيق شرف الدين على رأس وزارة الداخلية الذي تمّ إعفاؤه من مهامه يوم 5 جانفي 2021 على خلفيّة قيامه بتحويرات في مراكز أمنية مركزية حساسة وأخرى جهوية، وكمال دقيش على رأس وزارة الشباب والرياضة أقيل يوم 15 فيفري، وأيضا ليلى جفال التي عادت لتتولّى حقيبة وزارة العدل بعد أن أُقيلت من أملاك الدولة والشؤون العقارية.

وستكون بودن التي تمّ تكليفها يوم 29 سبتمبر 2021 على رأس عاشر حكومة تتداول على السلطة التنفيذيّة منذ سنة 2011.

ويذكر أنّ حكومة بودن هي الثالثة منذ انتخابات 2019، وذلك بعد استقالة حكومة إلياس الفخفاخ في جويلية 2020، وحكومة هشام المشيشي الذي وقع إعفاؤه من مهامه من طرف رئيس الجمهورية يوم 25 جويلية 2021.

حكومة جديدة – تشكلت في ظرف استثنائي وستعمل ايضا في ظل تواصل التدابير الاستثنائية- لاقت منذ الوهلة الأولى لإعلانها ردود فعل مختلفة بين مرحب ورافض لها.

“أفريقيا برس” عمدت في هذا الملف متابعة أغلب المواقف المعلن عنها، سواء الحزبية وأيضاً الصادرة عن المنظمات الوطنية وبعض الدول العربية.

مواقف حزبية

اعتبر حزب “حركة تونس إلى الأمام” أن حكومة بودن المعلن عنها جسّمت القطع النهائي مع منظومات ما قبل 25 جويلية 2021 ، وتُمثّل انطلاقة التّأسيس لمرحلة جديدة وتكريس السّيادة الوطنية والالتزام بفتح ملفات الفساد المالي والإداري والسياسي وفتح ملفات الاغتيالات والإرهاب وتطهير القضاء ممن كانوا أدوات لدى حركة النهضة للتّغطية على ملفّات الفساد والإرهاب والجهاز السرّي.

وأعربت الحركة، في بيان أصدرته اليوم الثلاثاء، عن ارتياحها لتشكيل الحكومة بعيداً عن مجلس نواب الشعب التي طغت عقلية المحاصصة على تزكياته للحكومات السابقة، “من أجل توافقات مغشوشة أساسها المقايضة بالملفّات”.

حزب “المسار الديمقراطي” الاجتماعي أكد من جهته أنّ نجاح الحكومة الجديدة التي تمّ الإعلان عن تركيبتها بداية الأسبوع الجاري “رهين أدائها وتوضيح مهامها”. واعتبر أن الحكم على هذه الحكومة يبقى رهين نجاحها في ترجمة الخطوط العريضة المعلن عنها وضبط برنامج عاجل للإنقاذ المالي والاقتصادي والانكباب على الملفات الاجتماعية التي من شأنها أن تحسن الوضع المعيشي للتونسيين، كما أكّد على ضرورة وضع سقف زمني لعمل الحكومة وإيجاد آليات رقابة على أدائها لضمان ظروف أفضل لنجاحها مع توضيح الخطوات القادمة في اتجاه تنظيم انتخابات سابقة لأوانها تفضي إلى تركيز المؤسسات الدائمة وتنهي الوضع الاستثنائي.

من جهته عبّر “الحزب الوطني التونسي” عن ارتياحه للإعلان عن تركيبة الحكومة الجديدة برئاسة نجلاء بودن. واعتبر هذا الحزب، في بيان أصدره مجلسه الوطني المضيّق، أن هذا الإعلان “إيجابي” بالنظر لتقلد المرأة العديد من الوزارات، بالإضافة إلى التقليص في عدد الحقائب الوزارية، مثّمنا إعادة إنشاء وزارة الاقتصاد والتخطيط “التي تم إلغاؤها سنة 2011، بما من شأنه أن يجعل من هذه الوزارة قاطرة الإصلاح الاقتصادي العميق والطريق المؤدية للنمو الشامل”.

وأكد الحزب الوطني التونسي ضرورة “الخروج من حالة العجز الاقتصادي والمرور إلى دفع النمو والتنمية وخلق الثروة الوطنية” داعيا إلى “تشجيع الاستثمار وتسريع إنجاز المشاريع المعطلة، عبر وضع استراتيجية واضحة المعالم وإجراءات حازمة وإصلاحات اقتصادية“.

حزب العمال أكد من جهته أن حكومة “الإجراءات الاستثنائية” غير المسقفة بزمن أو غير المؤقتة، هي حكومة انقلاب إضافة إلى كونها قانوناً وفعلا حكومة رئيس الدولة الذي أسند إلى نفسه بمقتضى الأمر 117 الاحتكار التام للسلطة التنفيذية .

واعتبر الحزب “إنّ ما قدمته بودن المكلفة برئاسة الحكومة في خطاب أداء اليمين أمام رئيس الجمهورية لا يعدو أن يكون كلاما إنشائيا وإعلانات بلا مضامين لا ترتقي حتى إلى مستوى التوجهات العامة” مشيراً إلى أّنها تكرار لنفس الكلام الذي مجّه التونسيات والتونسيين مع الحكومات السابقة، وأيضا “مع سعيّد نفسه الذي ظل طوال عامين يقود بلادنا بالخطب الملغزة”. وأكّد أنّ تونس وشعبها في حاجة ماسة إلى إجراءات استعجالية لإنقاذها وإنقاذ شعبها من البطالة والجوع والبؤس والفاقة والمرض والجهل والعطش.

وبالنسبة إلى “حزب التيار الشعبي” فإنه يرى أن الإعلان عن تركيبة الحكومة الجديدة، يعد خطوة مهمة في مسار 25 يوليو واستكمالا له، مؤكداً أنه لأول مرة يتم تشكيل حكومة بعيداً عن قبضة منظومة الفساد والإرهاب، ولا تخضع للصفقات والمحاصصات والبيع والشراء الذي طبع كل الحكومات السابقة. ولاحظ الحزب، في بيان أصدره أن تركيبة الحكومة تعتبر مقبولة، لأن أغلب اعضائها من الكفاءات العلمية المرموقة ولا تحوم حولهم شبهات، وهو ما يمثل تحولا نوعياً مهماً سيعطيها أريحية لكي تضطلع بالمهام الجسيمة التي تنتظرها.

وأكد أن الاعلان عن الحكومة فيه رسالة مهمة للرأي العام بأن هناك بوادر تحول إيجابي سياسي واقتصادي واجتماعي، ورسالة لبقايا المنظومة البائدة مفادها بأن رهانهم على الفشل سيسقط عاجلاً أم آجلاً، ورسالة لبعض القوى الوطنية الرافضة لمسار 25 يوليو بأن التخوفات المبالغ فيها لا مبرر لها، وكذلك للشركاء في الخارج بأن حالة الفراغ لم تعد قائمة. وأعرب عن الأمل في أن تتسلح الحكومة ببرنامج اقتصادي واجتماعي يمنح التونسيين الأمل، وينقذ تونس من محنتها.

المنظمات الوطنية

الإعلان عن أسماء حكومة بن بودن لاقى أيضا ردود فعل من قبل المنظمات الوطنية والتي بدت في أغلبها مرحبة لهذه التشكيلة. الاتحاد العام التونسي للشغل، ممثل في شخص الناطق الرسمي سامي الطاهري إن “هناك عديد التحديات المطروحة على المدى القصير على الحكومة الجديدة التي تقودها نجلاء بودنّ”، موضحاً أن من أبرز هذه التحديات إعادة التوازن للمالية العمومية في ظل ارتفاع عجز الموازنة ووجود حاجة ماسة لتعبئة موارد مالية جديدة.

وأفاد الطاهري أن تشكيل الحكومة الجديدة سيساعد على سد الفراغ الحكومي وسيعيد تشغيل دواليب الدولة بعد تعطل دام أكثر من شهرين منذ اتخاذ التدابير الاستثنائية في 25 يوليو الماضي من قبل رئيس الدولة قيس سعيّد، مضيفاً إنه لا بد من وضع خطة استعجالية من قبل الحكومة الجديدة في المجالين الصحي والتعليمي على اعتبار أنهما يمسّان حياة الناس ومستقبلهم خاصة في ظل جائحة كوفيد 19.

كما شدد على ضرورة إيلاء أهمية قصوى للملف الاجتماعي جراء تفاقم البطالة وارتفاع معدل الفقر وتدهور القوة الشرائية بما ينبئ بوقوع احتجاجات وتوترات اجتماعية.

وفي السياق ذاته دعا الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية الحكومة الجديدة إلى الإسراع في اتخاذ القرارات الضرورية لإنقاذ الإقتصاد وانعاشه، في وقت تعيش فيه تونس أوضاعا صعبة على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

من جهته قال الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر إنّ الحكومة الجديدة برئاسة نجلاء بودن، التي تم الإعلان عن تركيبتها مؤخراً تجد نفسها ملتزمة بحكم استمرارية الدولة على الاستجابة إلى التطلعات الاجتماعية. وأوضح المنتدى أن الحكومة ترتبط باتفاقيات اجتماعية بعضها تصنف ضمن الاتفاقات المنظمة كالتي تجمعها مع الاتحاد العام التونسي للشغل وتهم أساساً المفاوضات الاجتماعية والحوار الاجتماعي، كما ترتبط بالاتفاقيات غير المنظمة سواء تعلق الأمر باتفاقيات موقعة مع تنسيقيات أو مع فئات من المعطلين عن العمل في الجهات أو على مستوى مركزي.

من جهته أعرب الاتحاد الوطني للمرأة التونسيّة عن ”استحسانه لاختيار امرأة تتولى رئاسة الحكومة في سابقة لم يشهدها العالم العربي من قبل كرّست الاستثناء التونسي في مجال تكريس حقوق النساء، لاقت الترحيب من الرأي العام الوطني والدولي”. وسجل الاتحاد الوطني للمرأة التونسية ارتياحه للاستجابة لمطلبه في تمكين النساء من تسيير وزارات سياديّة ومنحهّن الثّقة لإدارة ملفات لها أهميّة بالغة. كما أكد الاتحاد أن حضور النساء في تركيبة الحكومة ”لم يرتقِ إلى التناصف المنشود والمنصوص عليه بالدستور التونسي ولا يجسّد المواطنة الحقيقية للنساء اللاتي ساهمن في إنقاذ البلاد في كل المراحل الدقيقة وأثبتن كفاءتهن في كل المجالات وجدارتهن في كل الميادين”.

ترحيب عربي

بخصوص ردود الفعل الدولية نتطرق إلى موقف الشقيقة الجزائر إذ هنئ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مكالمة هاتفيّة يوم الثلاثاء 12 أكتوبر 2021 رئيس الجمهورية قيس سعيد بتكليف الحكومة الجديدة.

وجاء في بيان لرئاسة الجمهورية الجزائرية؛ “أجرى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، مكالمة هاتفية مع قيس سعيد رئيس الجمهورية التونسية الشقيقة هنئه فيها بمناسبة تنصيب الحكومة الجديدة متمنياً له ولحكومته التوفيق والسداد”. وأكّد البيان أنّ “تعزيز التعاون الثنائي في مختلف القطاعات سيكون محور أجندة الزيارة المرتقبة لرئيس الجمهورية إلى تونس الشقيقة”.

من جهتها أعربت وزارة الخارجية عن ترحيب المملكة العربية السعودية بتشكيل الحكومة التونسية، وعن أملها في أن تحقق هذه الحكومة تطلعات الشعب التونسي الشقيق في كل ما يحقق له الرفاه والتقدم. كما أكدت المملكة حرصها على كل ما من شأنه تحقيق دعائم الاستقرار والتنمية في الجمهورية التونسية.

دولة الإمارات هي الأخرى رحبت بتشكيل الحكومة التونسية الجديدة برئاسة نجلاء بودن، معربة عن أمنياتها بالتوفيق والسداد لها في مسيرتها القادمة، بما يعزز استقرار تونس وازدهارها.

وأكدت وزارة الخارجية والتعاون الدولي ثقة دولة الإمارات بقدرة الشعب التونسي الشقيق على تجاوز المرحلة الراهنة في ظل قيادة قيس سعيد رئيس الجمهورية التونسية. وأشارت الوزارة إلى حرص دولة الإمارات على تعميق وتوسيع آفاق التعاون مع الجمهورية التونسية ودفعها إلى الأمام في المجالات كافة، تدعيماً لأواصر العلاقات الوطيدة التي تربط بلدينا وشعبينا الشقيقين.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here