على ضوء أحداث إيران.. سياسيون وخبراء تونسيون يطالبون بتشكيل المحكمة الدستورية حول مسألة رئاسة البلاد

4
على ضوء أحداث إيران.. سياسيون وخبراء تونسيون يطالبون بتشكيل المحكمة الدستورية حول مسألة رئاسة البلاد
على ضوء أحداث إيران.. سياسيون وخبراء تونسيون يطالبون بتشكيل المحكمة الدستورية حول مسألة رئاسة البلاد

أفريقيا برس – تونس. في زحمة التطورات الأخيرة في إيران بعد وفاة رئيسها في حادث تحطم طائرة مروحية، تصاعدت المطالب في تونس بتعجيل تشكيل المحكمة الدستورية التي لها الكلمة الفصل في فض نزاع الصلاحيات والحسم في دستورية القوانين.

وباتت هذه المؤسسة تكتسي أهمية بالغة بالنسبة للتونسيين، خاصة بعد تعديل الدستور الذي يقضي بأن يتولى رئيس المحكمة الدستورية رئاسة البلاد في حال الشغور الدائم لمنصب رئيس الجمهورية.

وينص الفصل 109 من الدستور التونسي على أنه “عند شغور منصب رئيس الجمهوريّة لوفاة أو لاستقالة أو لعجز تامّ أو لأيّ سبب من الأسباب، يتولّى رئيس المحكمة الدّستوريّة فورا مهامّ رئاسة الدّولة بصفة مؤقّتة لأجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما”.

وطالب سياسيون وخبراء في القانون الدستوري باستكمال هذه المحطة المهمة في مسار البناء الديمقراطي، خاصة وأن البلاد مقبلة على استحقاق انتخابي رئاسي نهاية السنة الحالية.

وتقترب تونس من غلق سنتيْن على صدور دستور 2022 دون أن ترى المحكمة الدستورية النور، وهو ما ترك فراغا دستوريا على مستوى الرقابة على التشريعات والمراسيم سواء الصادرة عن البرلمان أو عن رئاسة الجمهورية.

وتضطلع هذه المحكمة بصلاحيات واسعة، أبرزها الفصل في النزاعات على الصلاحيات ومراقبة دستورية القوانين ومشاريع تعديل الدستور والمعاهدات والنظام الداخلي للبرلمان.

استهتار باستقرار البلاد

وقال القيادي في حزب التيار الديمقراطي هشام العجبوني، إن تونس تأخرت جدا في تشكيل المحكمة الدستورية التي نص عليها دستور 2022.

وأضاف: “هذا الدستور ينص على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية مهام رئيس الدولة بصفة مؤقتة ولأجل أدناه 45 يوما وأقصاه 90 يوما، في حال تسجيل شغور دائم لهذا المنصب سواء بسبب الوفاة أو العزل أو الاستقالة أو لأي سبب آخر”.

وتساءل العجبوني: “في حال وفاة الرئيس قيس سعيد لا قدّر الله، أو عجزه عن مواصلة مهامه، ستقع البلاد في مأزق دستوري”، معتبرا أن هذا الفراغ الدستوري هو بمثابة الاستهتار باستقرار البلاد.

وأضاف: “سنة 2019 عاشت البلاد تجربة مماثلة إثر الوفاة المفاجئة للرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، وفي غياب المحكمة الدستورية التي من مهامها إعلان حالة الشغور الدائم، اتفقت السلطة التشريعية فيما بينها على أن يتولى رئيس البرلمان آنذاك محمد الناصر مهام الرئاسة، وكانت هناك محاولات من حركة النهضة لفرض واقع مغاير باءت بالفشل آنذاك”.

وبيّن العجبوني أن هذه المحكمة تضمن الانتقال السلمي والسلس للسلطة، مضيفا: “من المفارقات أن الرئيس قيس سعيد الذي كان يوجّه انتقادات لاذعة للأحزاب السياسية ويتهمها بتعطيل تشكيل المحكمة الدستورية قبل 25 يوليو 2021، لم يبذل جهدا في تشكيل هذه المحكمة رغم مرور سنتين على صدور الدستور”.

واستغرب العجبوني تأخر الرئيس في تشكيل المحكمة الدستورية رغم أن ترتيبات إحداثها لم تعد معقدة مثلما كان معمولا به في دستور 2014، على اعتبار أن أعضائها التسعة معروفون بصفاتهم ولا يتطلب تعيينهم المرور بانتخابات.

وينص البند 125 من الدستور الجديد على أن “المحكمة الدستورية تتركب من 9 أعضاء، ثلثهم الأول من أقدم رؤساء الدوائر بمحكمة التعقيب، والثلث الثاني من أقدم رؤساء الدوائر التّعقيبية بالمحكمة الإدارية، والثلث الأخير من أقدم أعضاء محكمة المحاسبات”.

وتساءل العجبوني: “هل أن رئيس الجمهورية يسعى إلى مواصلة احتكار تأويل الدستور؟

وشدد العجبوني على ضرورة تشكيل هذه المحكمة لضمان بناء مؤسسات ديمقراطية تؤمّن الانتقال السلس للسلطة وتكون الحكم في النزاعات المتعلقة بتأويل الدستور.

مسألة ملحة

ويرى المتحدث الرسمي باسم حزب التيار الشعبي محسن النابتي، أن أي نظام سياسي في العالم مهما كانت طبيعته فإنه يستوجب وضع آليات الانتقال السلس للسلطة سواء في المرحلة الاعتيادية أو الاستثنائية، مثل حالة الوفاة.

وقال النابتي: “تكتسي المحكمة الدستورية بناءً على دستور 2022 أهمية مزدوجة، فمن ناحية أولى تضطلع بمهمة مراقبة دستورية القوانين، والحال أن البرلمان شرّع جملة من القوانين التي نجهل مدى دستوريتها. ومن ناحية ثانية رئيسها هو من سيؤمّن المرحلة الانتقالية في حال تسجيل فراغ في منصب رئاسة الجمهورية”.

ويرى النابتي أن تشكيل المحكمة الدستورية أصبح مهمة سهلة، بعد أن تعذر تشكيلها في سنوات سابقة بسبب خضوعها للتوازنات داخل البرلمان وللمحاصصات الحزبية.

وأضاف: “لقد حرر الدستور الجديد المحكمة الدستورية من أية ضغوط، وهي نقطة قوة تحسب له وبالتالي لا يوجد أي مبرر لتأخير تشكيلها”.

وطالب النابتي باستعجال إحداث هذه المحكمة خاصة وأن البلاد مقبلة على استحقاق انتخابي يستوجب وجود هذه الهيئة الدستورية لفصل أي نزاعات محتملة، مشددا على أن أركان النظام السياسي لا تكتمل إلا بتشكيل هذه المحكمة.

إرادة سياسية مفقودة

ويعتقد أستاذ القانون الدستوري الصغير الزكراوي، أن ما حدث في إيران يستدعي الأخذ بالعبر والاستعجال بتشكيل المحكمة الدستورية لضمان الانتقال السلمي للسلطة وقطع الطريق أمام النزاعات والتدخلات الأجنبية.

وأضاف: “في حال حدوث مكروه لرئيس الجمهورية ستصبح البلاد فوق فوهة بركان، إذ لا يمكن الاستهانة بمسألة الانتقال السلس للسلطة وبأهمية وجود هذه المؤسسة الدستورية لتجنب أي تأويلات محتملة للدستور”.

وشدد الزكراوي على أنه لا يمكن لأي دولة أن تصف نفسها بأنها دولة ديمقراطية إذا لم تكرّس بصفة فعلية رقابة دستورية القوانين، مضيفا: “لطالما نادينا بتشكيل المحكمة الدستورية حتى قبل عهدة الرئيس الحالي قيس سعيد، في ظل تسرّب العديد من الأحكام غير الدستورية في العديد من القوانين والمجلات من بينها مجلة الجماعات المحلية”.

ويرى أستاذ القانون الدستوري أن ما يعيق تشكيل المحكمة الدستورية هو غياب الإرادة السياسية، متسائلا: ” كيف يمكن تأويل عدم التعجيل بتشكيلها رغم مرور عامين على دخول الدستور حيز التنفيذ؟ ربما تريد هذه السلطة أن تشتغل وهي في حلّ من أي رقابة دستورية”.

ويشير الزكراوي إلى أن تشكيل المحكمة الدستورية باتت مسألة أكثر من ملحة لتجنيب البلاد الصدامات والهزات التي شهدتها في الفترات الأخيرة ولفسح المجال لتقييم النظام السياسي الحالي.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here