قيس سعيّد يعتمد جوي هود سفيراً جديداً لواشنطن بعد خلاف إثر تصريحات

11
قيس سعيّد يعتمد جوي هود سفيراً جديداً لواشنطن بعد خلاف إثر تصريحات
قيس سعيّد يعتمد جوي هود سفيراً جديداً لواشنطن بعد خلاف إثر تصريحات

أفريقيا برس – تونس. تسلّم الرئيس التونسي قيس سعيّد، مساء الخميس، أوراق اعتماد سفراء جدد لدى تونس، من بينهم السفير جوي هود، سفير الولايات المتحدة الأميركية، رغم خلافات مع الرئيس سعيّد أثارتها تصريحات سابقة للسفير هود.

وفي تصريح مصور نشرته السفارة الأميركية بتونس، اليوم الجمعة، قال السفير هود متحدثا بالعربية: “يسعدني أن أكون السفير الجديد في تونس وأتطلع إلى تعزيز العلاقات التاريخية طويلة الأمد بين بلدينا”.

وأضاف هود أنه مطلع على “التحديات الاقتصادية الهامة التي تمرّ بها تونس في هذه الفترة”، قائلاً: “لهذا سأعمل أنا وفريقي بجدّ لتعميق الشراكة الاقتصادية لخلق وظائف جديدة وأتطلع لتعزيز الصداقة التي تربط بين البلدين منذ قرنين وتوفير المزيد من الفرص التعليمية ودعم السياحة ودعم التعاون… متحمس للقائكم وبدء العمل في تونس”.

ويأتي هذا التعيين على خلفية خلاف بين السفير والرئيس التونسي قيس سعيّد، وصل إلى حد تهديدات دبلوماسية، رجحت معها توقعات برفض تونس للسفير هود.

في 20 مايو/أيار 2022 أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن اعتزامه ترشيح جوي هود ليكون سفيرا لبلاده في تونس. وألقى هود كلمة أمام الكونغرس الأميركي، في يوليو الماضي، قال فيها إنه “سيستخدم جميع أدوات النفوذ الأميركي للدعوة إلى عودة الحكم الديمقراطي، وتخفيف معاناة التونسيين من حرب بوتين المدمرة، وسوء الإدارة الاقتصادية، والاضطرابات السياسية”. وأكد أنه “سيدعم جهود تطبيع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل في المنطقة”.

أثارت كلمة هود حفيظة الرئيس التونسي، واعتبرها في حينه تدخلا في الشأن الداخلي لتونس.

وفي فيديو لاجتماع مع وزير الخارجية عثمان الجرندي، شدد سعيّد على أن “تونس دولة حرّة مستقلّة ذات سيادة، وأن سيادتنا واستقلالنا فوق كل اعتبار”. كما أكد أن “من بين المبادئ التي يقوم عليها القانون الدّولي مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول”.

وبعد هذا الاجتماع استدعت الخارجية التونسية القائمة بأعمال السفارة الأميركية في تونس ناتاشا فرنشيسكي، للتعبير عن احتجاجها على التصريحات غير المقبولة لهود.

وقال الجرندي إنّ هذا الموقف الأميركي “لا يعكس بأي شكل من الأشكال روابط الصداقة التي تجمع البلدين وعلاقات الاحترام المتبادل بينهما”، مؤكداً رفض بلاده أي تشكيك في “مسارها الديمقراطي”.

وجوي هود هو سياسي أميركي، ولد في 11 ديسمبر/كانون الأول 1976 في الولايات المتحدة الأميركية. ونشط في الحزب الجمهوري وانتخب عضواً في مجلس النواب عن ولاية مسيسيبي. وسبق أن كان قائماً بأعمال مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، من يناير/كانون الثاني وحتى سبتمبر/أيلول 2021. وعمل في مناصب دبلوماسية مختلفة في سفارات واشنطن، في العراق والكويت والسعودية وقطر واليمن، إضافة إلى مكتب الشؤون الإيرانية في وزارة الخارجية. وهو حاصل على شهادتي بكالوريوس وماجستير في القانون والدبلوماسية، ويتحدث الفرنسية والعربية.

وتشوب العلاقات التونسية الأميركية حالة من التوتر منذ انقلاب 25 يوليو 2021، إذ عبرت الإدارة الأميركية عن امتعاضها من سقوط التجربة الديمقراطية في تونس، لكن بقيت مواقفها متقلبة وغير واضحة، واجهها الرئيس التونسي في كل مرة بانتقادات مباشرة ورفض للتدخل في الشأن التونسي.

وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قد قال في بيان، الخميس 28 يوليو 2022، إثر الاستفتاء على الدستور الذي كتبه قيس سعيّد: “شهدت تونس تناقصا مقلقا في المعايير الديمقراطية على مدى العام المنصرم، وألغت الكثير من مكتسبات الشعب التونسي التي حصل عليها بشق الأنفس منذ 2011′′.

وأضاف بيان بلينكن أن “الولايات المتحدة لديها مخاوف من أن الدستور الجديد قد يضعف الديمقراطية ويقوض احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وأن عملية صياغته لم تحظ بنطاق واسع من الحوار النزيه”.

وعقب الدور الثاني من الانتخابات التشريعية، الأحد الماضي، دعت الولايات المتحدة، أول من أمس الأربعاء، تونس، إلى “تعزيز المشاركة الديمقراطية بعدما حضر فقط 11.4% فقط من الناخبين في الدورة الثانية من انتخابات مجلس النواب محدود الصلاحيات”.

وقال نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية، فيدانت باتيل، إن “انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات التونسية مؤشر على ضرورة انخراط الحكومة في عملية أكثر شمولا لتوسيع المشاركة السياسية”.

وأضاف: “الإقبال المنخفض للناخبين يعكس الحاجة الماسة للحكومة للانخراط في مسار جامع أكثر للمضي قدما، لكن الانتخابات تمثل خطوة أخرى في مسار مهم وأساسي لإعادة الضوابط والتوازنات الديمقراطية في هذه البلاد”.

وأردف بأن “واشنطن تبقى ملتزمة بالشراكة طويلة الأمد مع تونس، وستواصل دعم تطلعات الشعب التونسي لحكومة ديمقراطية وخاضعة للمساءلة، وتحمي حقوق الإنسان والحريات الأساسية بما في ذلك حرية التعبير وتحفظ مساحة للمجتمع المدني”.

قال مدير ديوان الرئيس السبسي، وعضو جبهة الخلاص، رضا بلحاج، إن “الموقف الأميركي لم يتغير منذ 25 يوليو، إلا أنه تحول شيئا فشيئا من خطاب دبلوماسي يعبّر عن رفضه للانقلاب بعبارات دبلوماسية إلى موقف سياسي يدعو إلى مرحلة تشارك وحوار وطني”.

وتابع: “الموقف الأميركي يختلف عن موقف بعض البلدان الأوروبية من تونس، وهو مستقر طيلة فترة الانقلاب منذ عام و6 أشهر، ولكن الرؤية والتصور يزدادان دقة في كل مرحلة”، مشيرا إلى أنه “رافض لموقف قيس سعيّد، ولو بأسلوب دبلوماسي لين ويدعو لحوار وطني شامل وغير إقصائي للعودة إلى الديمقراطية”.

وأضاف أن “قدوم السفير الجديد لن يغير الموقف الأميركي، ولكنه يدخل في مرحلة أخرى من مراحل الموقف الأميركي وربما مرحلة متقدمة تتجسم مع السفير الجديد”.

وبيّن أن “السفير الجديد في الجانب الميداني يعرف الملف التونسي والجيوساسي ورتبته العالية في إدارة الخارجية الأميركية، مما يعني مرحلة جديدة وفي نطاق الاستمرار”.

تقرير “كارتر”

وفي سياق متصل، نشر الموقع الرسمي لـ “مركز كارتر” تقريرا لدراسة الحالة في تونس بعد الانتخابات التشريعية التي تعتبر آخر محطة في خريطة الطريق، التي أعلن عنها سعيّد في 17 ديسمبر/كانون الأول 2021.

وجاء التقرير تحت عنوان: “ما بعد الانتخابات: ضعف الإقبال في الانتخابات التونسية يؤكد الحاجة إلى توافق واسع النطاق”.

واعتبر التقرير أن نسبة المشاركة المنخفضة تاريخياً، تؤكد، للمرة الثانية خلال شهرين، على حاجة جميع الأطراف في تونس للمشاركة في حوار وطني شامل وشفاف لإعادة ضبط التحول الديمقراطي المتعثر في البلاد، وإيجاد توافق في الآراء بشأن حلول للبلاد السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية.

ولفت إلى أن المشاركة الضعيفة للناخبين في تونس، حوالي 11 في المائة في كلتا الدورتين، تؤكد أن عملية الانتقال الديمقراطي خرجت عن مسارها عندما سيطر سعيّد على جميع السلطات في يوليو 2021، مع التنبيه على ضرورة أن يتحد السياسيون والمجتمع المدني بمختلف توجهاتهم لإعادة البلاد إلى المسار الديمقراطي.

وعبّر المركز، من خلال التقرير، عن دعمه لمبادرة الإنقاذ التي أطلقها الاتحاد العام التونسي للشغل، والرابطة التونسية لحقوق الإنسان، ونقابة المحامين التونسيين، والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمشاركة في الحوار الوطني، مجددا توصياته التي قدمها بعد الدورة الأولى من الانتخابات، والتي حثّ فيها البرلمان المنتخب حديثًا على الانخراط مع الجهات الفاعلة التي بدأت مبادرة الحوار الوطني.

وشدد المركز على أن الشعب التونسي يستحق حكومة شفافة تسعى إلى معالجة القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية الملحة التي دفعت إلى الثورة، مشيراً إلى أن السلطة مطالبة بالوفاء بهذه التطلعات، وإعادة تونس إلى المسار الديمقراطي الذي بدأته في عام 2011.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here