منذ أسابيع قليلة كان المستشار السياسي لحركة نداء تونس برهان بسيّس يدلي بتصريحات لوسائل الإعلام التونسيّة مفادها إمكانية ترشّح المدير التنفيذي للحركة حافظ قائد السبسي للبرلمان عن دائرة ألمانيا إثر الشغور الحاصل بها، وتبعه بعد ذلك تأكيد من القيادي بنداء تونس رؤوف الخمّاسي في أكثر من موقع إعلامي، غير أنّ البلاع الأخير للهيئة السّياسية لحركة نداء تونس قد فاجأ الجميع بترشيح فيصل حاج طيّب لخوض الإنتخابات عوضا عن ابن الرئيس، وهو ما يدعو لفهم حيثيات هذا الموقف وتداعياته والبحث عن أسباب تراجع ابن السبسي عن الترشّح وما سيتركه ذلك من أثر على مستقبل الحزب .
وفي هذا الجانب فقد طرح الإنسحاب تساؤلات عديدة تعدّدت القراءات حولها ، حيث ذهب بعض المحلّليل إلى أنّ القيادة السياسية لنداء تونس قد ارتكبت خطأ سياسيّا فادحا بالإعلان عن مرشحها دون قراءة جيّدة لواقع الجالية بألمانيا، التي كانت ردّة فعلها شديدة منذ الإعلان الأوّل عن ترشيح حافظ السبسي ، ويستندون في ذلك على نصّ البلاغ الأخيرالذي تضمّن إشارة واضحة بأنّ معطيات الواقع والإستعدادات الميدانيّة للحزب لم تكن بمستوى التحدّي المطروح ، وهو ما دفعهم إلى تغيير الموقف والإعلان عن مرشّح جديد . وفي جانب آخر فقد ذهب آخرون إلى أنّ سبب تراجع حافظ السّبسي يعود إلى عدم تلقّيه من جهة إشارات واضحة من حركة النهضة لدعمه لخوض الإنتخابات، ومن جهة أخرى أنّ المشاورات الكثيفة التي حصلت بين وفده وبين تنسيقيّة النداء بألمانيا إثر زيارته الأخيرة جعلته يدرك صعوبة الموقف وما قد تحدثه نتائج الإنتخابات من مفاجآت غير سارّة قد تطيح به كرمز لزعيم حزب يحكم البلاد وابن لرئيس دولة . و يذهب آخرون إلى ما هوّ أبعد من ذلك ، حيث يرون أنّ حالة الإرتباك وغياب الرّؤية السياسيّة الواضحة وحالة الإنقسام والصراع الدّاخلي للحزب هيّ التي دفهت بحافظ السبسي إلى التراجع لأنّ عواقب المغامرة إن أدّت إلى الفشل ستكون لها انعكاسات خطيرة على مستقبل الحزب
ويميل شقّ آخر إلى التأكيد على أنّ هناك تصفية حسابات داخليّة تدفع لها بعض الأطراف من داخل الحزب للتخلص من حافظ السبسي كزعيم للحزب، عبر الزجّ به في مواجهة غير محسوبة العواقب وتحميله مسؤوليّة الإنتكاسة.
وبقطع النظر عن مسايرة هذه الرؤى لحقيقة الواقع من عدمه ، فإنّ تراجع حافظ السبسي عن خوض الإنتخابات الجزئيّة بألمانيا يشير إلى هزيمة ساحقة لمنظّري النداء، وضعف تام في الأداء والإنجاز يمكن أن يفسّر بعدم القدرة على رسم سياسات عامّة وناجحة قد يترتّب عنها انعكاسات وخيمة مستقبلا على الحزب وهياكله التنفيذيّة .
خسر حافظ السبسي المعركة بالنقاط ، فهل سيخسرها خلفه فيصل حاج طيّب إن توحّدت المعارضة بالضربة القاضية ؟؟؟ هذا ما ستعلن عنه الأسابيع القادمة