منذر الونيسي: الربط بين سجن الغنوشي ومؤتمر “النهضة” غير موضوعي

11
منذر الونيسي: الربط بين سجن الغنوشي ومؤتمر
منذر الونيسي: الربط بين سجن الغنوشي ومؤتمر "النهضة" غير موضوعي

أفريقيا برس – تونس. تستعد حركة النهضة التونسية لعقد مؤتمرها الـ11 في أواخر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، في ظرف تاريخي خاص، بعد سجن رئيسها راشد الغنوشي ونائبيه علي العريض ونور الدين البحيري، وعدد من قياداتها الهامة الأخرى، وتواصل الملاحقات بشأن عدد من الشخصيات. يضاف إلى هذا منعها من دخول مقراتها بعد غلقها للتفتيش، في مناخ تضييق واضح من السلطة على الأحزاب، ومحاولة إنهاء دورها تدريجياً من الحياة السياسية.

غير أن هذا المؤتمر ينعقد أيضاً بعد سلسلة استقالات لعشرات القيادات الهامة من “النهضة”، وذهاب بعضهم إلى تأسيس أحزاب أخرى، بسبب خلافات جوهرية حول عدد من الملفات، بينها إدارة الحركة وكيفية التعاطي مع الانقلاب الذي قاده الرئيس التونسي قيس سعيّد منذ 25 يوليو/ تموز 2021، وغيرها من المواضيع الحساسة.

ويؤكد رئيس حركة النهضة بالنيابة منذر الونيسي، أن “التحضيرات لمؤتمر حركة النهضة جارية على قدم وساق، حيث أتمت اللجنة المضمونية أعمالها، وهي في الخطوات الأخيرة، بينما اللجنة المادية تتقدم في اجتماعاتها، حيث ستنطلق المؤتمرات المحلية قريباً”. ويضيف: “نحن نسير في الطريق الصحيح ونعد لمؤتمرنا في نهاية أكتوبر المقبل بإذن الله”.

سعي لإقامة مؤتمر “النهضة” حضورياً

ويتابع الونيسي: “لم نحدد بعد موعد المؤتمر بدقة وكذلك مكانه، حيث ننتظر استعادة مقراتنا، وإذا تم منعنا سيتم عقد المؤتمر عن بعد. نحن نسعى ليكون مؤتمرنا حضورياً، ولكن يلزمنا ترخيص من السلطة، وإذا حصلنا على الترخيص سنعقده حضورياً وإلا سنعقده عن بعد”. ويوضح أنه “تم التواصل مع قاضي التحقيق من أجل استعادة المقر”.

وحول الرهانات على هذا المؤتمر، يقول الونيسي إن “هذا المؤتمر ينعقد في فترة نعيش فيها انقلاباً كاسحاً يتمدد في جميع المساحات بمفرده في نظام تسلطي، والمعارضة، ومن بينها حركة النهضة، تبذل ما في وسعها لاستعادة الديمقراطية”.

لكن الونيسي يستدرك بأن “الحركة تتحمل جزءاً من المسؤولية عما حدث في تونس وتبعاته، ونحن نعي ذلك، ونتفهم جزءاً من التونسيين الذين قبلوا ما حدث بعد 25 يوليو 2021. وبعض قواعدنا، وجزء من قياداتنا تطالب بالقيام بمراجعات وتقديم عرض جديد للتونسيين يختلف عن القديم”.

ويشدد على أنه “مطروح على كل حزب بين المؤتمر والآخر أن يقوم بمراجعات، وأن يقيّم السياسات وما تحقق، وعليه أن يقوم بمراجعة، حتى في الأوضاع العادية، وليس في وضع انقلاب”.

وحول انعقاد المؤتمر بعد سلسلة استقالات مهمة من الحركة، يوضح الونيسي أن “حركة النهضة ممتدة ومتنوعة، وفيها تيارات فكرية، والخيارات لم تكن دائماً ذات إجماع، لكنها كانت خيارات تمرر بشكل ديمقراطي عبر التصويت”.

البعض ارتأى عدم المضي بخط الحركة

ويشير إلى أن “هناك اليوم من ارتأى عدم المضي في الخط السياسي للحركة بعد الانقلاب، وهو مقاومة الانقلاب، والبعض الآخر يرى أن الشخصيات التي أدت إلى الانقلاب كان يجب أن تغادر الصفوف الأمامية للقيادة، وهناك من يرى ضرورة أن ينأى بنفسه، وهناك من غادر السياسة تماماً، أو اختار مشروعاً سياسياً جديداً، وآخر في المجتمع المدني، وهذا عادي في أي حزب سياسي”.

ويوضح أن “النهضة ليست حزباً ستالينياً ماركسياً يتبع الزعيم والقائد، وليست حزباً من المتشابهين، بل هي حركة تضم تيارات فكرية كثيرة، وفيها خيارات كثيرة”. وحول الانتقادات التي توجه لفكرة عقد المؤتمر بينما رئيس الحركة وقيادتها بالسجن، يبين الونيسي أن “المؤتمر الـ11 كان سيعقد في يونيو/ حزيران الماضي قبل اعتقال الغنوشي والبحيري والعريض، وكان سيحدث تغييراً في القيادة بقرار من الشورى، ووفق القانون الأساسي ووفق تصريح الغنوشي نفسه، فإنه أكد أنه لن يترشح لرئاسة الحركة والقانون الأساسي يمنعه من ذلك”.

وحول ما إذا كان هذا المؤتمر قد يفتح مرحلة جديدة لحركة النهضة يسميها البعض بمرحلة ما بعد الغنوشي، يشدد الونيسي على أنه “في المطلق فإن المؤتمر 11 هو مرحلة ما بعد الغنوشي وفق القانون، بقيادة جديدة، سواء كان الغنوشي داخل السجن أو خارجه”.

الربط بين المؤتمر وسجن الغنوشي غير موضوعي

ويوضح أنه “بالتالي من يقول إن الذهاب إلى المؤتمر 11 انقلاب على الغنوشي مردود عليه، وهو مخادعة وغير صحيح، لأن راشد الغنوشي سيغادر الحركة. وهذا الربط بين سجن الغنوشي والمؤتمر غير موضوعي، فالنهضة عقدت مؤتمرات في التسعينيات (القرن الماضي) والشيخ راشد في السجن، وبعد خروجه وجد قيادة أخرى وعمل معها”.

وبشأن التضييق على الحركة والحديث عن محاولة إنهائها أو تحجيم دور الإسلام السياسي في تونس حتى بدعم دولي، يوضح الونيسي أن “معركة الأفكار لا تنتهي، واختفاء فكر أو أيديولوجيا لا يكون إلا إذا كانت الفكرة غريبة عن الواقع الفكري والسياسي والحضاري لشعب ما”.

ويشدد على أن “الإسلاميين جزء من المنظومة الفكرية والحضارية والسياسية للشعوب العربية الإسلامية، لأنهم يظنون ويعتبرون أن هناك في المرجعية العربية الإسلامية ما يمكن أن يساعد على تغيير نمط حياة التونسيين والعرب عموماً، واسترجاع حضارتهم والتطور، وهذا سماه البعض بالإسلام السياسي وآخرون بالإخوانجية وبالإسلام الديمقراطي من قبل آخرين، وغيرها من التسميات”.

الحديث عن تصفية “النهضة” أحلام

ويعتبر الونيسي أن “الحديث عن تصفية الإسلام السياسي وتصفية حركة النهضة أحلام وترهات وحديث غير عقلاني، كما لا يمكن نفي العروبيين مثلاً من الحياة السياسية، ونحن نحترم من يظنون أن في القومية حلولاً لمشاكل العالم العربي، ولكن لا يمكن إزاحة أي طرف ولا يمكن لأي طرف أن يزيح فكرة من عقل إنسان أو يمحوها”.

ويؤكد أن “حركة النهضة موجودة في قلوب من يحبونها وقلوب مناضليها ومن صوّت لها، وأفضل وسيلة للتعامل مع أي مشروع حضاري هو محاكاته ومقارعته بالفكر والحجة”.

ويشير إلى أن “الذهاب نحو المعالجة الأمنية وتجفيف المنابع والقضايا الملفقة، لا جدوى منه، وقد جرب ذلك جمال عبد الناصر وحافظ الأسد وحزب البعث العراقي، وقد جربه في تونس (الحبيب) بورقيبة ومن بعده (زين العابدين) بن علي، رحمهما الله. وحل حركة النهضة ومثل هذه الحلول لا تجدي نفعاً، فالأجدر أن تشجع الأحزاب لتقوم بمراجعاتها، وتقدم أفضل ما عندها للتونسيين. أما الإقصاء ومقارعة الحجة بالأمن والعصي الغليظة فلا تعالج جراح تونس، ولا يمكن إقصاء آلاف المناصرين للنهضة. فلنترك للديمقراطية وللقانون وللشعب وللصندوق أن يكونوا الفيصل”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here