عبد اللطيف المكي لـ”أفريقيا برس”: أتمنى أن لا تذهب تونس إلى مسارات لا توجد فيها عودة

49
عبد اللطيف المكي لـ
عبد اللطيف المكي لـ"أفريقيا برس": أتمنى أن لا تذهب تونس إلى مسارات لا توجد فيها عودة

أفريقيا برس – تونس. أكد عبد اللطيف المكي رئيس حزب “عمل وانجاز” والقيادي السابق بحركة النهضة في حوراه مع “أفريقيا برس” على ضرورة إصلاح المسار الديمقراطي والسياسي بتونس، وهي برأيه من شروط الإصلاح الاقتصادي في بلد يرزح تحت أسوأ أزمة مالية في تاريخه معربا عن أمله أن لا تذهب تونس إلى مسارات لا توجد فيها عودة.

واعتبر مكي وهو قيادي في جبهة الخلاص الوطني المعارضة أن “موجة الشعبوية والوعي الزائف ستزول” حيث سيبقى تواجد الأحزاب ركيزة كل ديمقراطية حقيقية كما أن “الطريقة الإقصائية التي تنتهجها الرئاسة هي أفشل وأضعف طريقة حسب تقديره”، مشيرا إلى أن” مقاومة الفساد شعار جيد إذا ما وقع تبنيه بطريقة صحيحة بدون توظيف أو ابتزاز السلطة حيث لم تعد شروط المحاكمة العادلة متوفرة اليوم بسبب تدخل السلطة في القضاء”، حسب تعبيره.

حوار آمنة جبران

طالبتم كقيادات لجبهة الخلاص الوطني السلطة مؤخرا بالإفراج عن السجناء السياسيين، هل تتوقع استجابة في ظل تزايد الانتقادات الحقوقية لمسار الرئاسة في التعامل مع المعارضة؟

هو مرتبط بسلوك السلطة في هذه القضية لكنني أتصور أنها عازمة على إبقائهم في السجن بحسب تصريحات الرئيس قيس سعيد وبالضغط على القضاء لإبقائهم في السجن.

قلت في تصريح سابق أن الرئيس قيس سعيد يوظف في شعار محاربة الفساد لتحقيق مكاسب سياسية، لكن ألا ترى ذلك تفاعلا للرئاسة مع الشارع الذي يطالبها منذ إجراءات 25 جويلية بالمحاسبة؟

الشارع يطالب بمطلب عام وهو مقاومة الفساد مثل مطالب أخرى كالتوازن بين الجهات لكن دور السلطة السياسية التي تدرك كيف تشتغل الدولة وكيف تتخذ أفضل السبل في مقاومة الفساد بأنه عليها مقاومته بطريقة غير فاسدة وأخلاق المصلحين وليس بشيء آخر، هذا يقتضي تشغيل أجهزة الدولة لإبعاد الشبهة عن السلطة بأنها تستغل ملفات الفساد لتركيع المعارضين فخلق الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ووجود دائرة المحاسبات ووجود التفقديات في كل الوزارات ووجود الدوائر القضائية المختصة هذه المنظومة تعمل على مقاومة الفساد بطريقة سليمة وبعيدة عن شبهة تدخل السلطة السياسية للتوظيف أو الابتزاز.

وحتى لو كانت هناك نقائض في هذه المنظومة يقع إصلاحها لا إلغائها كما نرى الآن حيث أن كل هذه الهيئات المحايدة مغلقة ويتم التدخل السياسي بالموازاة مع المجموعات الفيسبوكية التي تقوم بالتشويش على الرأي العام لتوجيهه في اتجاهات معينة هذا هو اللوم، لكن مقاومة الفساد هو شعار جيد ويجب مقاومته بطريقة صحيحة وليست بطريقة فاسدة كما ذكرت.

هل ممكن إعادة التواصل مع الرئيس سعيد اليوم لتخفيف حدة التوتر مع المعارضة وإحياء فرص الحوار، خاص أنك ذكرت في تصريح سابق أنه كانت هناك محاولة منك للتواصل معه قبل 25 جويلية؟

هذه المسألة مرتبطة بالرئيس سعيد ليست مرتبطة لا بالمعارضة ولا بالمنظمات فهو من يرفض الحوار لإخراج البلاد من هذا المأزق، ولأننا نعتقد أن الملفات التي تعاني منها تونس وهي الإصلاح الاقتصادي وخلق الثروة بما يضمن مستوى عيش معقول للتونسيين ويحسن توازنات المالية الدولة هذا لا يمكن أن ينجزه شق واحد فقط من التونسيين فيما يتم في نفس الوقت إقصاء شق آخر، فالحوار هو من سيجعلنا متحدين في مواجهة التحديات والملفات التي تعترض تونس، ومن يرفض الحوار هو الرئيس سعيد بالواقع وبالخطاب العنيف تجاه المعارضة وغير ذلك.

هل تعتقد أن جبهة الخلاص والمعارضة عموما قادرة على إصلاح المسار الديمقراطي رغم التضييق التي تواجهه من قبل السلطة؟

جبهة الخلاص هي اليوم في مقدمة القوى وهي أكبر تجمع سياسي يطالب باستعادة الديمقراطية ومستعدة للتعاون مع الجميع والمطلوب منا هو بذل الجهد والمحاولة الصادقة والنزيهة تحت سقف المصلحة الوطنية هذا المطلوب منا ونأمل أن تكون هناك نتائج.

المعارضة وعلى رأسها حركة النهضة لم تستطع لحد الآن تحشيد الشارع لخياراتها ضد الرئيس، واتحاد الشغل آخذ منكم مسافة، والدول الإقليمية والدولية المؤثرة على الساحة التونسية لا تريد العودة إلى ما قبل 25 جويلية، ألا ترى أن الأفق أمام المعارضة للتغيير أصبحت معدومة؟

المسألة والوضع الحالي بالبلد ليست قضية معارضة أو سلطة بل قضايا شعب كيف تعالج، أي طريقة أنجع وأفضل في معالجتها، الطريقة الاقصائية الذي يتمسك بها الرئيس سعيد هي أضعف وأفشل طريقة، القضية إذن ليست الأفق مسدود أمام المعارضة أو لا، بل الأفق مسدود أمام الشعب، اليوم الشعب ليست له أية آلية تعديلية لتوجهات السلطة حيث تم ضرب القضاء وضرب النفاذ إلى المعلومة، كما تم إرساء برلمان لا يمثل إلا 11 بالمئة من الناخبين بغض النظر عن التساؤلات المطروحة بشأنه.

بالنسبة للعلاقة مع اتحاد الشغل: نحن نفرق بين اتحاد الشغل الذي يمثل النقابين المستقلين وبين بعض الأحزاب الموجودة بالاتحاد التي تدفع باتجاه استراتجياتها المساندة لسعيد والمتصادمة لجبهة الخلاص، نحن لا نأخذ اتحاد الشغل بأخطاء هؤلاء، كما لا نطالب بتحالف عضوي مع الاتحاد، ما نطلبه أن الجميع يقوم بدوره لاسترجاع الديمقراطية وبالتأكيد سنلتقي موضوعيا مع كل من يدافع عنها.

أما مسألة العودة إلى ما قبل 25 جويلية فلا يمكننا العودة اليوم لأن هناك الكثير من الأمور تحركت وهناك الكثير من النقد لتلك المرحلة حتى من قبلنا نحن المعارضين لسعيد، لذلك مطالبنا اليوم هي العودة إلى الديمقراطية التي تقتضي وجود تمييز بين السلطات وأن كل سلطة قادرة على رقابة السلطة الأخرى وأن يكون هناك إعلام حر وقضاء مستقل، وأنه في حال وجدت مشاكل يقع معالجتها بالتأني وليس بإلغاء الديمقراطية أصلا.

كيف تنظر لقضية اعتقال القيادي السابق في حركة النهضة محمد بن سالم، وهل بدأ مجددا موسم الهجرة نحو الشمال؟

طبعا أنا متضامن مع كل معتقل سياسي، وأرى أن الوضع الحالي لم تعد تتوفر فيه شروط المحاكمة العادلة بسبب تدخل السلطة السياسية في القضاء بدأ بتشنيع القضاء وحل المجلس الأعلى للقضاء وانتهاء بعزل القضاة والخطاب العنيف المهدد للقضاة وهو ما عبرت عنه جمعية القضاة مؤخرا في بيانها الأخير.

بالتالي حين تفتقد شروط المحاكمة العادلة لا بد أن نكون متضامنين مع من يعتقل وما إذا كانت هناك أسباب سياسية لهذا الاعتقال وفبركة قضايا إلى غير ذلك.

وبخصوص الشق الثاني من السؤال المتعلق بموسم الهجرة إلى الشمال: بالنسبة لي ومن وجهة نظري سنبقى في تونس ونعمل من أجل تونس وإذا كانت هناك زيارة للعمل أو زيارة شخصية سنسافر إليها ونعود لتونس، ولن يكون لنا خيار آخر بإذن الله.

ماهي الأسباب الرئيسية التي دفعتك للاستقالة من حركة النهضة، هل انفراد راشد الغنوشي بالرأي والعجز عن الإصلاح من الداخل ما دفعك لقرار الاستقالة؟

سبق وأن تحدثت في هذا الموضوع، لكن كل ما أقوله أنه ربما جاءت الاستقالة متأخرة نوعا ما حسب ما لاحظ ذلك كثير من الأصدقاء لأن الأسباب عميقة ونحن مختلفين على السياسات الوطنية لحركة النهضة ليس على مواقع أو على مناصب، بل على ما تقدمه الحركة من سياسات وطنية وقلنا أن هناك الكثير من الأخطاء التي دفعت إليها الحركة دفعا من حركة نداء تونس وضغوط معينة وكان على الحركة أن تصمد وتتبنى سياسات أخرى ذات نفس إصلاحي اجتماعي قوي وأن يكون هذا الصوت عاليا لكن للأسف الشديد هذا كله لم يحدث.

الاختلاف إذن هو ماذا نفعل في بلادنا وماذا نفعل بأصوات الناس التي أعطيت لنا، وعندما وصلت الأمور إلى الانقلاب لأن أخطاء الماضي سهلت الانقلاب وأعطته بعض مبررات، قمنا بمحاولة أخيرة للإصلاح والتغيير لكن حين لم تستجب القيادة غادرنا الحركة باحترام متبادل.

ذكرت في تصريح سابق أن العديد من القرارات التي اتخذها رئيس حركة النهضة فرشت السجاد الأحمر للانقلاب، كيف ذلك؟

نعم ساهمت لكن ليست حركة النهضة فقط المسؤولة على ذلك، حيث ساهمت الأحزاب الحاكمة حينها في ذلك مثل حزب قلب تونس وحزب نداء تونس، لو أنها أرست المؤسسات وذهبت في سياسات إصلاحية وأنجزت العدالة الانتقالية خاصة في محطتها الأخيرة المصالحة، و لو اشتغلت على الاستقرار الحكومي حيث ثلاثة حكومات سقطت تباعا في أقل من سنة ونصف، فالوضع الاقتصادي كان يقتضي الاستقرار نوعا ما، لكن نأمل من الجميع اليوم انتفاضة نزاهة لأجل تونس حيث كل طرف يقيم أخطائه ونتجه للمستقبل معا.

هل من الممكن العودة للنهضة أو الصلح في حال تنحي الغنوشي من رئاستها؟

هذا السؤال غير مطروح ونحن قمنا بتأسيس حزب وقدمنا عرض سياسي جديد للتونسيين ونأمل نجاحه.

كيف تقيم مسار حزب العمل والانجاز الذي تترأسه، وهل تعتقد أنه يستطيع كسب شعبية أم سجل النهضة والأحزاب عموما في الحكم يؤثر سلبا؟

هذا الترويج لوعي زائف لأن الديمقراطية تقوم على الأحزاب، وحتى يجد الشعب من يحاسب في حالة الفشل يجب أن يكون هناك حزب مستمر وهو انعكاس لتواصل الدولة لا تستطيع أن تحاسب المستقلين لأن الديمقراطية تقوم على أساسها الأحزاب من خلال تقديمها رؤى وبرامج فكرية متعددة، وأعتقد أن هذه الموجة من الشعبوية والوعي الزائف في البلد ستزول وتبقى الأحزاب هي أساس كل ديمقراطية.

بالنسبة لأهداف حزبنا “حزب العمل والانجاز” هي أن نقوم بتغيير الواقع الاقتصادي باتجاه منوال تنمية قادر على إنتاج الثروة حيث سنركز على إنتاج الثروة الذي يقتضي الاستثمار في الموارد البشرية ورأس المالي الوطني وعلى العدالة الاجتماعية بإنتاج الثروة وحسن توزيعها وبأن تبقى الدولة لديها القدرة على التعديل ما يعني المحافظة على القطاع العمومي وتطوير أدائه.

أيضا سنعمل على تحقيق انتعاشة ثقافية وطنية تعبر على التونسيين تبعث فيهم الاعتزاز بالانتماء لوطنهم ولثقافتهم وتوحدهم في بناء المستقبل وتحيي فيهم الايجابية في هذا البلد العريق وتسمو بهم إلى العطاء والخير وتقاوم كل ما نراه اليوم من ظواهر اجتماعية سلبية من كراهية وخطاب عنيف لدى بعض الفئات، بالتالي النهضة الثقافية شرط للنهضة التنموية لذلك سيكون لحزبنا سياسات ثقافية قوية فضلا على العمل على الديمقراطية، لا بد من منظومة ديمقراطية حتى لا يظلم أحد فحين يكون هناك نظام ديمقراطي عادل فإن الجميع سيطمئن على حقوقه وسيؤدي واجباته، حيث كثير من الجهد الآن يضيع اليوم بسبب الصراع السياسي لأننا في ظل نظام سياسي غير عادل وضاعت قوانا في الصراع بدل النهوض بالبلاد.

ماهو تصورك لإخراج تونس من مأزقها السياسي والاقتصادي وهل أن الذهاب إلى انتخابات رئاسية مبكرة هي الحل؟

نعم قد يكون الحل في انتخابات رئاسية وتشريعية هذا أكيد لأنه يوسع آفاق التونسيين لكن التفاصيل ليس وقت بحثها الآن، حيث أعتقد كما الكثيرين أن الملف السياسي مرتبط بالملف الاقتصادي والعكس هو الصحيح، لأن أي بلد لا يسوي أوضاعه السياسية بما يجعل الجميع يشعر بالأمان والاطمئنان ومعترف بدورهم لا يمكنه مواجهة المشكل الاقتصادي.

لذلك فإن ترتيب المسار السياسي هو شرط نجاح المسار الاقتصادي، حتى الخارج وآفاقنا معه تأثرت بسبب مشاكلنا الداخلية، لكن حين نخاطب الخارج بعد حل مشاكلنا وبعد ترتيب أوضاعنا الداخلية ونقول لهم نحن نتحدث معكم بصوت واحد سيكون الضغط من الجانب التونسي وليس من الجانب الآخر.

وبالرغم من صعوبة الظرف التي تمر به البلاد نأمل أن تذهب إلى ماهو أفضل، علينا أن نكون متفائلين وأن لا تذهب إلى مسارات لا توجد فيها عودة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here