الجزائر… عين على النيجر

9
الجزائر... عين على النيجر
الجزائر... عين على النيجر

عثمان لحياني

أفريقيا برس – الجزائر. في إبريل/نيسان الماضي، اختار وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، أن تكون دول الساحل الثلاث، النيجر ومالي وموريتانيا، أولى الدول التي يزورها بعد أقل من شهر من تعيينه في منصبه.

ولا يعرف ما إذا كان ذلك بدافع الحذر والحرص على منع انتقال الحالة السودانية إلى دول المنطقة، أم استشعاراً استباقياً لتغييرات قد تحدث. أياً كانت الدوافع، فإن تهديد باريس بالتدخل العسكري في النيجر في حالة التعرض لمصالحها، وإعلان دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) الاستعداد لاستخدام القوة لإعادة النظام الدستوري في النيجر، وما قابله من إعلان تحالف بين مالي وبوركينا فاسو مع النيجر لصد أي عمل عسكري ضدها، تنذر بإمكانية انزلاق الأوضاع بشكل أو آخر.

كل هذا يفسر المخاوف الجزائرية المبكرة من إمكانية تمدد الحالة السودانية واندلاع حرب في المنطقة، التي تتجه لأن تصبح ساحة صراع بين أقطاب دولية، موسكو وحلفائها المحليين، وباريس وحلفائها من الجانب الآخر.

ثمة سؤال تفرضه طبيعة مواقف متداولة لكثير من النخب السياسية في الجزائر: هل يكفي أن يكون الانقلاب في النيجر، ضد المصالح الفرنسية، ليحدد طبيعة واتجاهات موقف الجزائر التي تبدو مهتمة منذ فترة باستبعاد النفوذ والحضور الفرنسي في منطقة الساحل، خاصة في بلد له جوار حدودي متاخم لها، بكل ما يعنيه ذلك من استحقاقات أمنية واجتماعية وسياسية؟ وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا يلتقي الموقف الجزائري الرسمي مع الموقف الفرنسي في رفض الانقلاب والدعوة لعودة الرئيس محمد بازوم إلى السلطة؟

في الواقع، دائماً ما تخفي المواقف المعلنة الموجهة للاستهلاك السياسي (انسجاما مع مبادئ عامة)، مواقف أخرى أكثر انسجاماً مع واقع العلاقات المعقدة مع كل الأطراف الفاعلة في بلد أو منطقة، أو المتدخلة في أزمة أو حدث. ويقودنا ذلك للبحث عميقاً في ما إذا كانت الجزائر مستفيدة بالأساس من الانقلاب الذي حصل في نيامي، أم متضررة منه.

يتوقف حساب ذلك على مسألتين، في المقام الأول المعطى السياسي والأمني من تداعيات الانقلاب وتغيير السلطة بالقوة، إذ لا تبدو الجزائر مستعدة لتحمل المزيد من أعباء جغرافيا سياسية غير مستقرة، بسبب الانهيار المؤسساتي المستمر، والتغييرات غير الدستورية المتوالية في المنطقة، أو لأن يكون رفض الانقلاب في النيجر مقدمة لشرعنة عمل عسكري يعيد تكرار الانفلات الذي حصل عام 2011 في ليبيا، وما تبعه من انتشار السلاح والجماعات المسلحة وشبكات الجريمة والهجرة وغيرها.

المقام الثاني اقتصادي صرف، ويرتبط بمدى الضمانات التي يقدمها القادة الجدد في النيجر للجانب الجزائري، باعتبار أن الانقلاب يضع حزمة من المشاريع الحيوية، التي راهنت عليها الجزائر، وتشمل النيجر، محل تعطيل، كأنبوب نقل الغاز من نيجيريا إلى الجزائر وخط الألياف البصرية والطريق الصحراوي، ومشاريع “سوناطراك” للتنقيب عن الغاز والنفط في شمال النيجر التي تم الاتفاق عليها، ومشروع منطقة التبادل التجاري الحر لتصريف السلع الجزائرية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here