في خطوة مفاجئة، غير الاتحاد العام للعمال الجزائريين من لهجته المعتادة تجاه الحكومة، مبديا توجها نحو التصعيد، في حال تمت مراجعة قانون التقاعد، بما يمس بحقوق ومصالح المتقاعدين، في توجه مخالف تماما لما كانت عليه هذه الهيئة في عهد أمينها العام السابق، عبد المجيد سيدي السعيد.
هذا “التصعيد”، أبان عنه المكلف بالمنازعات الاجتماعية للمركزية النقابية، حسين معيزة، الذي قال إن الاتحاد سيعمل كل ما في وسعه من أجل التصدي لمشروع قانون التقاعد الجديد، الذي وصفه بالخط الأحمر. تطور أعاد إلى الأذهان الماضي القريب للهيئة التي تتخذ من مبنى دار الشعب مقرا لها، والتي عملت طوال فترة تربع سيدي السعيد على عرشها، كسوط بيد الحكومة لجلد العمال، وهي التي كان يفترض أن تقف إلى جانبهم، باعتبارها الشريك الاجتماعي الأول.
وتحدثت بعض التسريبات عن تعديلات تضمنها مشروع قانون التقاعد الموجود قيد الإعداد، من قبيل رفع سن التقاعد على 65 سنة، وخفض منحة التقاعد إلى نسبة 60 بالمائة من الأجر الذي كان يتقاضاه العامل، مع توسيع الفترة الزمنية لمؤشر التقاعد على أساس السنوات العشر الأخيرة، وليس الخمس سنوات الأخيرة، كما هو معمول به في القانون الذي يراد تعديله.
ووفق ما جاء على لسان القيادي في الاتحاد، فإن المركزية النقابية سوف لن تسمح بإهانة المتقاعدين والعمال الذين يقتربون من المعاش، مؤكدا على أن الاتحاد سيتصدى لقانون التقاعد الذي يعتبر مجحفا في حق العمال، على حد تعبير القيادي في المركزية النقابية.
وتبرر الحكومة لجوءها إلى هذه الإجراءات التي تأتي في غير وقتها المناسب، بسعيها إلى تغطية العجز الذي يعاني منه الصندوق الوطني للتقاعد، والذي يقدر بنحو 700 مليار دينار سنويا، وفق آخر تصريح صادر عن وزير المالية، محمد لوكال.
وبالمقابل، يرى الاتحاد العام للعمال الجزائريين أن من بين الآليات التي يطالب بتبنيها من أجل الرفع من القدرة الشرائية للمواطن، التخفيف في نسبة الضريبة على الدخل، وهو المطلب الذي يتزامن مع مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2020، والذي يأتي في ظرف جد خاص هذه السنة.
وتشكل مراجعة قانون التقاعد واحدة من القنابل التي تنام عليها الحكومة، وهي ورشة سعى الجهاز التنفيذي إلى فتحها في أكثر من مرة، غير أنه ظل متحفظا، خوفا من وقوع انزلاقات غير محمودة العواقب، لاسيما أن الشارع لا يزال يعيش على وقع غليان، منذ أزيد من ثمانية أشهر.
ويرى مراقبون أن خفض نسبة منحة التقاعد إلى 60 بالمائة من أجر العامل، مقابل ثمانين بالمائة كما هو معمول به حاليا، يشكل استفزازا للجزائريين، الذين كانوا يأملون في توجه نحو الأحسن، ولاسيما في ظل التراجع المخيف للقدرة الشرائية للمواطن، جراء انهيار قيمة الدينار، وما خلفه هذا المعطى من انعكاسات مباشرة على أسعار المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع.