شهادات المؤسسات الدولية تعزز المرور القوي لمشروع الموازنة العامة أمام البرلمان

15
شهادات المؤسسات الدولية تعزز المرور القوي لمشروع الموازنة العامة أمام البرلمان
شهادات المؤسسات الدولية تعزز المرور القوي لمشروع الموازنة العامة أمام البرلمان

أفريقيا برس – الجزائر. تعززت مقاربة الحكومة الجزائرية في تمرير قانون المالية للعام الجديد أمام البرلمان، بشهادات ايجابية أوردها صندوق النقد الدولي والبنك العالمي حول الوضع الاقتصادي في البلاد، ولذلك يجري شطب التعديلات المقترحة، وعدم الرد على بعض الاستفهامات المطروحة، مما أثار غضب بعض النواب، وطرح التساؤل عن جدوى البرلمان برمته، في ظل تغول الحكومة.

يسير قانون الموازنة العامة للدخول حيز التنفيذ، دون أي عراقيل، رغم الصخب الذي أثاره بعض النواب، بتوجيه انتقادات للمشروع وللحكومة معا، مستفيدة في ذلك من دعم وتأييد الكتل النيابية المؤيدة للسلطة، حيث تم اسقاط أكثر من مائة تعديل، وحتى التلاعب ببعض الخطوات الإجرائية المسبقة التي طالب بها عدد من النواب قبل الشروع في مناقشة المشروع.

واستفادت السلطة الجزائرية، من شهادات متواترة لمؤسسات مالية دولية تحمل مؤشرات إيجابية للاقتصاد الجزائري، لتمرير مقاربتها الاقتصادية والمالية رغم معارضة عدد من النواب، وكان آخرها تقرير حديث لصندوق النقد الدولي، قدر أن يقترب سقف النمو الاقتصادي من حاجز الأربعة بالمائة خلال العام الجاري، لتكون بذلك في صدارة اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا.

وهو ما استغلته الآلة الدعائية للسلطة في الترويج لمكاسب الحكومة، وهو ما نفاه الخبير الاقتصادي الياس جبايلي، في اتصال مع “أفريقيا برس”، بالقول “الآلة الدعائية حملت وجها للتقرير وتجاهلت الوجه الآخر، لأنها لم تتطرق للمحاذير التي أشار لها فيما يتعلق بالإصلاحات الاقتصادية المتعثرة، والمنظومة البنكية المتخلفة”.

وكانت مجموعة مالية تابعة لمجموعة السبعة الكبار، قد أدرجت الجزائر في الخانة الرمادية، بسبب شكوك وغموض يكتنف حركة رؤوس الأموال والفساد وغياب الرقابة.

واتهم النائبان كمال بلخضر وعبدالوهاب يعقوبي، لجنة المالية في البرلمان، بالتلاعب بالمطالب التي طرحها مجموعة من النواب عليها، قبل البدء في مناقشة قانون الموازنة السنوية، فرغم التصويت الداخلي بالأغلبية على خطوة التصريح الضريبي لصاحب الضريبة دون توكيل أي أحد، إلا أن رئيس اللجنة دعا الى إعادة التصويت واستخراج توكيلات رجحت الكفة لصالح النص.

لكن نزول الحكومة الى البرلمان، لم يكن مفروشا بالسجاد الأحمر، فقد صب العديد من النواب جام غضبهم على الأداء الحكومي، وكان وزير الصناعة علي عون، على رأس الوزراء المغضوب عليهم، نظير ما وصفوه، بـ”الفشل الذريع لقطاع الصناعة واستمرار الارتباك في قطاع تركيب واستيراد المركبات والسيارات”.

ويبدو أن الوزير الذي كان مرشحا لشغل منصب رئيس الوزراء في التعديل القادم، قد انهارت أسهمه بشكل كبير، قياسا بموجة الانتقادات التي وجهت له، حيث دعاه النائب براء من قرينة ( نجل رئيس حركة البناء الوطني عبد القادر بن قرينة )، الى “الاستقالة “لأنه صار” عبئا على الحكومة وعلى الشعب”.

وذكر مصدر مطلع، لـ”أفريقيا برس”، أن “الهجوم الشرس من طرف بعض النواب على وزير الصناعة والإنتاج الصيدلاني، يعود الى تواجده في موقع ضعف، بسبب تهم فساد تحوم حول أفراد مقربين منه، حيث تم إيداع ابنه السجن المؤقت في انتظار التحقيق خلال الأسابيع الأخيرة، الأمر الذي جعله هدفا سهلا لقوى سياسية تريد رفع مؤشراتها الشعبية لدى الرأي العام”.

وذهب النائب عن الجالية المقيمة في فرنسا عبدالوهاب يعقوبي، الى التنديد بما أسماه، بـ”التجاوزات التي شابت دراسة مشروع قانون المالية لعام 2025″.

وأبرز في بيان له اطلعت عليه “أفريقيا برس”، الحاجة الملحة لوضع قواعد واضحة وحازمة لترسيخ روح المسؤولية داخل اللجنة، بهدف تلبية تطلعات المواطنين، وتقديم برلمان يمثلهم بصدق ويدافع عن مصالحهم بنزاهة وإخلاص.

وقال: “إن مشروع قانون المالية لعام 2025، وهو أحد النصوص الأكثر أهمية، والذي له تأثيرات على الحياة اليومية للشعب الجزائري، تم التعامل معه بطريقة غير مقبولة، مما يعكس نقصا في الالتزام بالمبادئ الأساسية للعمل البرلماني، فالتسرع في دراسة هذا المشروع وغياب فرص النقاش الجاد والمستفيض حول مواده يعكسان غياب المسؤولية من بعض أعضاء اللجنة (من ممثلي جهاز حزب جبهة التحرير الوطني)، ويتناقضان مع واجبات النواب في تمثيل الشعب والدفاع عن مصالحه”.

وأضاف: “لقد غابت الشفافية وروح المسؤولية؛ إذ لم يعقد أي لقاء تمهيدي يحدد بدقة جدول أعمال اللجنة أو منهجية عملها، وقد تقدمت باقتراح لوضع قواعد عمل واضحة تضمن النزاهة والجدية، مع طرح أسئلة أساسية تتعلق بمنهجية العمل، بما يكفل شفافية التصويت وتسيير العمل بموضوعية، لكن هذا الاقتراح قوبل بالرفض بأسلوب غير لائق من قبل بعض الحاضرين، الذين تعمدوا اللجوء إلى أسلوب الضرب على الطاولة، في محاولة لعرقلة هذا المسار نحو الشفافية والتنظيم”.

وتابع: “إن تمرير هذا القانون بهذه الطريقة يظهر غياب المهنية ويجعل من الحضور والمشاركة في مثل هذه الجلسات أمرا غير ذي جدوى، مما دفعنا لمغادرة القاعة احتجاجا على هذا الأسلوب. إن هذه الممارسات كشفت عن عدم وجود رغبة صادقة لدى البعض في العمل الجاد والمخلص لصالح الشعب، وبدت مساعيهم واضحة لتعطيل أي توجه نحو الشفافية والنزاهة في عمل اللجنة”.

وأفاد تقرير صندوق النقد الدولي حول آفاق الاقتصاد الإقليمي للعام 2024، بأن الجزائر ستسجل نموا اقتصاديا يقدر بنسبة 3.8 بالمائة خلال العام الجاري، وهو ما يجعلها في صدارة نسب معدلات النمو في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، متجاوزة بذلك اقتصادات ناشئة في المنطقة.

وذكر: “الجزائر ستتمكن من المحافظة على نمو مستدام رغم التحديات الاقتصادية والمالية العالمية، وأن الاقتصاد الجزائري يتجه نحو انتعاش قوي بفضل تعافي أسعار النفط والغاز إلى جانب انخفاض في التضخم، مما ينعكس على قوة الدينار وانخفاض أسعار الأغذية الطازجة والواردات”.

ولفت الى أن “هذا التحسن في الإيرادات، والنمو المتوقع أيضا، يعود إلى الإصلاحات الاقتصادية المحلية التي تبنتها الحكومة الجزائرية في السنوات الأخيرة، والتي تستهدف التنوع الاقتصادي وتحفيز القطاعات غير النفطية، خاصة الزراعة والصناعة، بالإضافة إلى تعزيز المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم”.

لكن الموقف المتفائل للسلطة، لم يدفع الحكومة الى تقديم التوضيحات اللازمة، حول الاستفهامات المطروحة من طرف النواب الآخرين، وحتى المتابعين والرأي العام، والمتعلقة بكفيات تغطية الحكومة للعجز الوارد في المشروع، والمقدر بنحو 50 بالمائة من اجمالي النفقات المحددة بـ 126 مليار.

ولم تقدم ردود وزير المالية لعزيز فايد، الأجوبة المقنعة للتساؤلات المطروحة، على غرار بند النفقات غير المخصصة المقدرة بـ 16 مليار دولار، التي أدرجت ضمن حصة وزارته، فضلا عن الصناديق المالية.

واكتفى بالقول: “سيتم تغطية العجز بعائدات صندوق ضباط الإيرادات (فارق سعر بيع النفط والغاز والسعر المعتمد في قانون المالية) واطلاق سندات حكومية للبيع، وغلق مجموعة من الصناديق، وتمويل المحافظات الجديدة والهياكل الإدارية التابعة لها في اطار التقسيم الجغرافي المنتظر”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here