ألغام سياسية وأمنية في علاقات الجزائر وسوريا

11
ألغام سياسية وأمنية في علاقات الجزائر وسوريا
ألغام سياسية وأمنية في علاقات الجزائر وسوريا

أفريقيا برس – الجزائر. تعترض علاقات الجزائر مع الإدارة الجديدة في سوريا، ألغام سياسية وأمنية، فقد أفضت الزيارة المتأخرة التي أداها وزير الخارجية أحمد عطاف الى دمشق، الى لغط كبير، بعد حديث تقارير إعلامية عربية وفرنسية، عن أسر المعارضة السورية المهيمنة على الحكم، عددا من أفراد الجيش الجزائري كانوا يحاربون الى جانب جيش الرئيس السابق بشار الأسد، الأمر الذي أثار غضبا كبيرا في الجزائر، ورغم عدم تسجيل أي موقف رسمي على ما نشر لحد الآن، الا أن وكالة الأنباء الجزائرية سارعت لاتهام النظام المغربي بمحاولة تلغيم علاقات الجزائر مع سوريا، وافتعال الافتراء والكذب لتشويه سمعتها.

وتتداخل العديد من المعطيات والأوراق في العلاقات الجزائرية- السورية، فهي على التناغم الذي ميزها خلال حقبة الرئيس السابق بشار الأسد، فانها دخلت مرحلة فتور وصف بـ”غير المفهوم”، نظرا لتأخرها اللافت في مد قنوات التواصل مع الإدارة الجديدة، عكس حكومات ودول من المنطقة والعالم.

وبغض النظر عن الرواية المتداولة حول أسر قوات سوريا الجديدة لأعداد من أفراد الجيش الجزائري كانت تقاتل الى جانب القوات النظامية، فان تغلغل تنظيم داعش والقاعدة في العراق وسوريا منذ العام 2013، جعل الحضور الجزائري قائما في المنطقة بحكم الفصائل والعناصر التي التحقت بالتنظيم هناك.

وكانت تقارير أمنية سابقة، تحدثت عن حركة تجنيد وترحيل للعناصر والخلايا المسلحة الجزائرية، انطلاقا من مناطق شرق البلاد، مرورا بتونس وليبيا الى غاية تركيا، وهناك يجري توطينهم في المناطق السورية.

وتشكل حادثة الشاب المهاجر محمد أمين عيساوي، الذي حاولت الاستخبارات الفرنسية تجنيده من أجل متابعة النشاط المسلح في الجزائر والنيجر، بحسب الرواية التي قدمتها الإفادة التي أدلى بها لوسائل اعلام محلية منذ عدة أسابيع، نموذجا عن الوجود الجزائري في سوريا، فقد تنقل بينها وبين العراق قبل أن يلقى عليه القبض، ثم يطلق سراحه ويعود الى وطنه الأم ويدخل في مغامرة جديدة لم يشأ الانخراط فيها.

وعلى جانب آخر تشكل المعلومات التي تتحدث عن قنوات تواصل مفتوحة بين الإدارة السورية الجديدة، والتنظيمات الاخوانية الناشطة في تونس وليبيا، ممثلة في حركة النهضة وأذرع حكومة طرابلس، للاستعانة بهم في إرساء قواعد ومؤسسات الحكم، تشكل مؤشرا غامضا بالنسبة للجزائر، في ظل غموض الحدود الأيديولوجية وإمكانية امتدادها الى ما بعد تونس وليبيا، وهو الذي الأمر الذي لا تريده الجزائر سواء على الصعيد الأمني أو السياسي، فهي على موقفها الثابت تجاه الحرب على الإرهاب، تسمح للاخوان المحليين بأدوار محدودة فقط في الساحة السياسية.

واذا كانت حقبة حركة النهضة على رأس الحكومة والبرلمان التونسيين، قد ساهمت في تقارب كبير بينها وبين الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، ورئيس الحركة راشد الغنوشي، بحكم الصداقة العميقة التي تربط الرجلين، فان قدوم السلطة الجديدة في الجزائر بقيادة الرئيس عبدالمجيد تبون، سمحت ببناء تحالف وثيق مع الرئيس التونسي قيس سعيد، الأمر الذي يبرز طي صفحة حركة النهضة، في حين تسجل توافقا لافتا مع حكومة عبدالحميد الدبيبة في ليبيا، وتربطها علاقة تحالف استراتيجي مع الأتراك، لكن ذلك لا يغفل هواجسها المخفية من الأبعاد والحدود الجغرافية لأيديولوجية الحكام الجدد في سوريا.

وتعد العلاقات الجزائرية- السورية، من أبرز العلاقات المتشابكة في المنطقة العربية، فرغم تباعد المسافة، الا أنها تنطوي إلى بعد اجتماعي وروحي، تأسس على يد عبدالقادر الجزائري، الذي لجأ الى سوريا (1856- 1883)، ومعه أعداد من أفراد العائلة والأقارب وأبناء القبيلة، لكن معلومات مستجدة تحدثت عن وفاة أحد أحفاده (خلدون الحسيني)، قد قضى في سجن صيدنايا، بعد الحكم عليه بالاعدام من طرف نظام الأسد العام 2015.

ونفى العقيد المتقاعد عبدالوهاب مسعود، لـ “أفريقيا برس”، أن يكون للجيش الجزائري وجود فوق الأراضي السورية للقتال الى جانب قوات نظام بشار الأسد، لأن تقاليد وعقيدة المؤسسة العسكرية الجزائرية لا تسمح بخروج أفراد الجيش خارج حدوده، رغم أن الدستور رفع الحظر، لكنه أبقاها في الاطار الإنساني المنظم الخاضع لسلطة الهيئات الإقليمية والدولية.

وأشار الى أن “هوية الدوائر الإعلامية التي تردد السردية المذكورة، تفضي بسهولة الى الخلفية الحقيقية للمسألة، فالنظام المغربي لا يتوانى في شن حملات تضليلية من أجل الإساءة وتشويه صورة الجزائر، ولذلك يجري تعبئة أذرعه الإعلامية لنشر معلومات مغلوطة سرعان ما ينكشف زيفها وضعف حجتها، فالتقارير المتداولة لا تتعدى حدود المنابر الاعلامية المغربية أو الموالية له”.

وتابع “العلاقات المميزة بين الجزائر والنظام السوري السابق ليست خفية ولم تكن في الخفاء، لكن سردية أسر أعداد من الجيش الجزائري على يد قوات الإدارة الجديدة تفتقد للطرح الموضوعي والعقلاني الذي يقنع المتلقي، والترويج لرفض الرئيس محمد الجولاني، طلب وزير الخارجية أحمد تسليمهم، ليس هناك ما يثبته، بدليل ترفع الجهات الرسمية في البلدين”.

وتواصل وزارة الخارجية الجزائرية، تجاهل ما تردد حول التقارير المذكورة، وعهدت لوكالة الأنباء الرسمية، بالرد عن تواتر معلومات حول فشل الجهاز الديبلوماسي في مسألتي استعادة الأسرى، أو تحصيل العضوية في مجلس الأمن والسلم الافريقي.

وقدم تعليق لها، سردية مخالفة للروايات التي أوردتها مواقع وصحف إخبارية، حول وجود عدد من أفراد الجيش الجزائري كأسرى لدى قوات الإدارة الجديدة في سوريا، لكن ذلك أبقى الانقسام لدى الشارع الجزائري، بين مقتنع بالسردية المقدمة، وبين مطالب بضرورة تقديم معلومات رسمية من طرف الجهات الوصية، ورفع اللبس عما يتردد في تلك الدوائر الإعلامية.

وحمّلت الوكالة الجزائرية ما وصفته بـ”الحملة المعادية”، الى لوبيات سياسية وإعلامية موالية للمغرب، تريد تقديم صورة مشوهة عن الجزائر للرأي العام، بافتعال معلومات “مفبركة ومغلوطة”.

ودون أن تشير لا من بعيد ولا من قريب الى الجهة الثقيلة التي تم الاستناد اليها في نقل تقارير الأسرى، وهي إذاعة “مونتي كارلو” الفرنسية، التي نشرت تقريرها وفق ما أفاد به مراسلها في دمشق، فان الوكالة الجزائرية أشارت فيها الى أن “المملكة المغربية انتهى بها المطاف إلى حد تصديق أكاذيبها وتوهماتها واختلاقاتها. فقد روجت منذ بضع أسابيع خلت عن وجود جنود من الجيش الجزائري ومن جبهة البوليساريو يقاتلون إلى جانب نظام بشار الأسد. واليوم، تخرج علينا بافتراء متصل بسابقه مفاده أن وزير الدولة أحمد عطاف قد تقدم بطلب الإفراج عن هؤلاء الجنود، حين لقائه بالجولاني، وأن الأخير قد رفض ذلك”.

وأضافت “محض افتراءات من نسج خيال بؤساء لا هَمَّ لهم سوى الجزائر، وكل شيء مباح بالنسبة لهم في سبيل ذلك. فاللقاء الذي جمع عطاف بالشرع كان استثنائياً بكل المقاييس وكان بعيداً كل البعد عن مثل هذه الافتراءات التافهة التي يتم الترويج لها من قبل المغرب”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here