امتعاض جزائري من مجريات القمة العربية الطارئة في القاهرة

6
امتعاض جزائري من مجريات القمة العربية الطارئة في القاهرة
امتعاض جزائري من مجريات القمة العربية الطارئة في القاهرة

أفريقيا برس – الجزائر. نقلت وكالة الأنباء الجزائرية، امتعاض الرئيس عبد المجيد تبون، من تحضير القمة العربية الطارئة في القاهرة، ومن المحتوى المنتظر، والذي جرى بلورته في اطار ضيق أقصى الأطراف الأخرى من الادلاء برأيها في القضية الفلسطينية والوضع في قطاع غزة، وهو الامتعاض الذي عبر عنه بإعلان غيابه عن القمة، والاكتفاء بتمثيله من طرف وزير الخارجية أحمد عطاف، الأمر الذي يثير الاستفهام عن مصير ومستقبل علاقات الطرفين، وحتى دورها التقليدي داخل المجموعة العربية.

وأثار اعلان الرئيس الجزائري الغياب عن القمة العربية الطارئة، عبر برقية لوكالة الأنباء الرسمية تكهنات متضاربة، بين من اعتبره تعبير صريح لكنه متأخر عن موقف يندرج في صلب العقيدة الجزائرية المناهضة لأشكال التقرب والانبطاح للعدو الصهيوني، وبين من يراه قفزة نحو المجهول تضع الجزائر في دوامة العزلة السياسية والديبلوماسية داخل عمقها القومي.

وذكر مصدر مقرب من الرئاسة الجزائرية، بأن الجزائر ترفض أن تكون شاهدا على مخرجات قمة أعدت مسبقا بالتنسيق من الإدارة الأمريكية وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، أو أن تزكي قرارات لم تشارك في بلورتها، فضلا عن الاحتكار الممارس من طرف اطار ضيق، يعتقد أن القضية الفلسطينية لا تعنيه الا أصحابه، بينما الآخرون غير معنيين بها، رغم وقوفها ودعمها الدائم لها.

وأكد الديبلوماسي السابق حليم بن عطاء الله، بأن الجزائر التي احتضنت القمة العربية الواحدة والثلاثين العام 2022، وبذلت جهودا مضنية من أجل تفعيل العمل العربي المشترك، الذي أدرجه الرئيس عبدالمجيد تبون، في برنامجه الانتخابي العام 2019، كرهان لديبلوماسية بلاده، لا تريد الذهاب الى قمة عربية ستقدم القضية الفلسطينية على طبق من ذهب لأعدائها.

ولفت في تصريح، لـ “افريقيا برس”، الى أن “الموقف الجزائري غير المسبوق، هو افراز طبيعي لحجم وحدة الخلافات الاستراتجية داخل المجموعة العربية، وهو انعكاس لاستغلال موقع الطوق من طرف حكومات عربية، للتفرد بالقضية الفلسطينية في اطار امتداد سياسة التقارب والتطبيع مع الكيان الإسرائيلي، بينما يجري تجاهل من يوصفون بـ “عرب الصف الثاني”، رغم علاقتهم الوثيقة والوجدانية مع القضية.

لكن في المقابل ذهبت تعاليق على شبكات التواصل الاجتماعي، الى أن الموقف الرسمي له قنواته الرسمية، وكان الأجدر الاكتفاء بالكشف عن خفض التمثيل، وهو كاف لتبليغ الرسالة المطلوبة، وحتى الحضور للتعبير الصريح عن الموقف والمرافعة لصالحه أمام أنظار الرسميين والإعلاميين، من مختلف الأقطار العربية، كان سيكون أكثر دلالة من اختيار الغياب.

ورغم اجماع متابعين على عدم امتلاك الجزائر للنصاب القانوني أو الثقل السياسي داخل الجامعة العربية، الا أن اعلان ربط غيابها بالمخارج التي أعدت مسبقا للوضع في فلسطين وقطاع غزة، وأسلوب التمييز والاقصاء داخل دواليب العمل العربي، لا يمكن أن يقدم إضافة للقضية، فضلا على أنه لا يستبعد أن يكون بداية لتكريس الانقسام العربي بين المطبعين مع اسرائيل والمستعدين لارساء سلم إقليمي انتقائي في المنطقة، وبين الرافضين لأي تقارب عربي اسرائيلي قبل تحقيق الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني الواردة في المبادرة العربية 2002.

ويبدو أن الجزائر، تقف في منعرج حاسم باتخاذها لهذا الموقف، فهي على رغبتها في النأي بنفسها عما سيتخذ في حق فلسطين وقطاع غزة باسم القيادات العربية، يمكن أن تحرك بقرارها المياه الراكدة، مع فرضية انضمام قيادات أخرى الى مقاربتها، للتعبير عن رفضها التفرد الضيق بالشأن الفلسطيني، واقصاء فواعل أخرى رغم دورها وجهدها في دعم القضية.

واستندت برقية وكالة الأنباء الرسمية، الى ما أسمته بـ “مصدر مطلع”، والذي يكون في غالب الأحيان مسؤول سياسي أو اعلامي، أوعز للوكالة عن طرق مديرية الاعلام في الرئاسة، أو حرر البرقية بنفسه وأمر بنشرها في شريط الوكالة.

وذكرت البرقية، أن الرئيس تبون قد حزت في نفسه طريقة العمل هذه، التي تقوم على إشراك دول وإقصاء أخرى، وكأن نصرة القضية الفلسطينية أصبحت اليوم حكرا على البعض دون سواهم. في حين أن منطق الأمور كان ولا يزال يحتم تعزيز وحدة الصف العربي وتقوية التفاف جميع الدول العربية حول قضيتهم المركزية، القضية الفلسطينية، لاسيما وهي تواجه ما تواجهه من تحديات وجودية تستهدف ضرب المشروع الوطني الفلسطيني في الصميم.

وشددت على أن هي المقاربة التي طالما نادت الجزائر بالاحتكام إليها والاهتداء بها، وبلادنا تواصل تكريس عهدتها بمجلس الأمن للمرافعة من أجل القضية الفلسطينية، صوتا عربيا يصدح بالحق، وصوتا عربيا يدافع عن حقوق المظلومين، وصوتا عربيا لا ينتظر من أشقائه جزاء ولا شكورا، ولكن يتحسر ويتأسف على ما آلات إليه أوضاع وأحوال الأمة العربية.

وكانت الجزائر، قد احتضنت القمة العربية الواحدة وثلاثين العام 2022، بعد عامين من التأجيل بسبب جائحة كورونا، وقد راهنت حينها على انجاحها بكل السبل، وبذل كل المجهودات من أجل اقناع أكبر عدد ممكن من القادة العرب بالحضور اليها.

وظهر الرئيس تبون حينها، في ثوب البطل القومي، لما تعهد في خطاباته، بأن ” يأخذ القضية الفلسطينية على عاتقه لوحده”، “وأنه “ستكفل شخصيا بالأزمة اللبنانية”، غير أن سيرورة الأحداث يبدو أنها سارت عكس توجهات الرئيس، الذي يكون قد اكتشف معطيات أخرى داخل العمل العربي المشترك، ولذلك يريد النأي ببلاده عما يمكن أن يتخذ من قرارات سياسية بشأن فلسطين وقطاع غزة باسم المجموعة العربية.

وسبق للرئيس الجزائري، أن صرح منذ أسابيع قليلة لصحيفة “لوبينيون” الفرنسية، بأن “الجزائر ليست لها مشاكل مباشرة مع الكيان الاسرائيلي، ومتى تم تسوية الملف الفلسطيني وفق مبدأ الدولتين والعاصمة القدس وعودة المهجرين، ستطبع الجزائر علاقاتها مع الكيان الاسرائيلي في اليوم التالي”، وهو الموقف الذي يكون قد تجاوزته وثائق القمة لصالح خارطة طريق أملتها الإدارة الأمريكية وحكومة الاحتلال.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here