يهود المغرب يعيدون إحياء الأطماع التوسعية في الجزائر

1
يهود المغرب يعيدون إحياء الأطماع التوسعية في الجزائر
يهود المغرب يعيدون إحياء الأطماع التوسعية في الجزائر

أفريقيا برس – الجزائر. أعاد شارل دحان، رئيس فدرالية اليهـود المغاربة في أمريكا، الجدل حول الأطماع التوسعية المغربية تجاه الجزائر، من خلال تصريحات دعا فيها إلى فتح ملف “الصحراء الشرقية”، في ظل صمت رسمي مغربي يثير حفيظة الجزائريين، ويعكس تنامي النفوذ اليهودي في دوائر القرار المغربي بعد التطبيع مع الكيان الإسرائيلي.

تدفع دوائر مغربية إلى المزيد من التأزيم والتصعيد مع الجزائر من خلال إثارة أبرز الملفات الخلافية بين البلدين، والمتعلقة بما تزعم أنه حقوق في استرجاع أجزاء من ترابها تحوزها الجزائر منذ استقلالها عن الاستعمار الفرنسي عام 1962، الأمر الذي يبرز الأطماع التوسعية المغربية في المنطقة، رغم الحدود المرسمة منذ عدة عقود، وهو ما يهدد بتفجير قد يكون من السهل إشعاله، لكن من الصعب توقّع نهاياته ولا كيفية انتهائه.

رافع القيادي في المكون اليهودي المغربي شارل دحان من أجل استرجاع “الحقوق الترابية” للمغرب من الجزائر، ويقصد بها بعض المدن الحدودية على غرار بشار وتيندوف، التي تزعم السردية المغربية أن فرنسا انتزعتها من المغرب ومنحتها للجزائر إبان الحقبة الاستعمارية.

وأكد، في تصريحات صحفية وأنشطة جوارية مع مسؤولين أمريكيين، أن “طيّ ملف الصحراء الغربية لصالح المغرب سيدفعنا للتفرغ لملف الصحراء الشرقية”، الأمر الذي سيُحيي أطماعًا قديمة تسببت في مواجهات مسلّحة بين البلدين، ولا يُستبعد أن تشعل حربًا حقيقية، خاصة في ظل التواطؤ بين صمت النظام المغربي عن هذه الأصوات، وتصاعد موجة التطرف في بعض الدوائر السياسية والإعلامية والأهلية في المغرب.

ويشغل شارل دحان رئاسة تنظيم اتحاد يهود المغرب في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو اللوبي الذي يراهن عليه النظام المغربي في تحقيق طموحاته السياسية والاستراتيجية في المنطقة، خاصة فيما يتعلق بصراعه مع جبهة البوليساريو في قضية الصحراء الغربية، وإحياء أطماع “الصحراء الشرقية”.

وتعاظم النفوذ اليهودي في المغرب منذ بداية العلاقات بين الرباط وتل أبيب مطلع الألفية، إلى أن وصل إلى التطبيع بين البلدين عام 2020، بإيعاز من الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب، على أمل تحقيق المزيد من الاعتراف والتطبيع العربي مع إسرائيل، وكان اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء الغربية مقابل التطبيع.

وبموجب الإعلان المشترك بين البلدين، تم إطلاق رحلات جوية وتبادل الزيارات الرسمية والشعبية، وإبرام اتفاقيات اقتصادية وتجارية وأمنية وعسكرية، وإقامة علاقات دبلوماسية، وهو ما اعتبرته الجزائر تهديدًا لأمنها وسيادتها بسبب موقفها الرافض للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.

صرّح وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة، لوسائل إعلام مختلفة، بأن “التطبيع بين المغرب وإسرائيل ليس كباقي التطبيع الذي جرى بين عواصم عربية وتل أبيب، لأنه يحمل طابعًا أفقيًا”، ويقصد بذلك الامتداد الشعبي بين البلدين. وقال: “هناك 600 ألف يهودي مغربي في الكيان الإسرائيلي، وإن التطبيع سمح بإعادة التلاحم بين فئات الشعب المغربي”، ويعني بذلك الوجود اليهودي في المغرب وتمدد نفوذه إلى دوائر القرار داخل مؤسساته الرسمية، بما في ذلك القصر الملكي.

وكشف شارل دحان، في تصريح لصحيفة “الصباح” المغربية، عن عزم تنظيمه “فتح ملف الصحراء الشرقية المغربية”، مشيرًا إلى أن الوقت قد حان “لإنصاف التاريخ واستعادة الحقوق الوطنية”، وأن هذه القضية التي ظلت طي النسيان لعقود ستكون محور اهتمام جديد للمغاربة في الداخل والخارج.

وقال: “في واشنطن، نقول للسلطات الأمريكية إن قضية الصحراء المغربية قد غُلقت نهائيًا، ونحن الآن نستعد لفتح قضية الصحراء الشرقية المغربية التي ضمّتها فرنسا إلى الأراضي الجزائرية، رغم أنها مغربية تاريخيًا وجغرافيًا، وستعود حتمًا إلى أحضان المملكة”.

ويزعم المتحدث أن “مناطق جزائرية مثل تندوف وبشار كانت جزءًا لا يتجزأ من السيادة المغربية”، مستندًا إلى وثائق وخرائط تاريخية تسبق الاحتلال الفرنسي، مؤكدًا أن هذا الملف لن يُطرح بمنطق التصعيد، بل في إطار الإنصاف التاريخي واستعادة الذاكرة الوطنية.

وأكد أن الجالية المغربية، وعلى رأسها اتحاد اليهود المغاربة الأمريكيين، ستعمل على تسليط الضوء على هذه القضية في الأوساط الدولية، مستلهمة نجاحها في الدفاع عن مغربية الصحراء الغربية، مشددًا: “سنستخدم الدبلوماسية الناعمة، كالوثائق التاريخية والحوار المباشر، لإقناع صناع القرار، كما فعلنا سابقًا”.

ولم يصدر أي تعليق أو موقف من البلدين، لكن الصمت الحكومي المغربي يقابله غضب جزائري صامت، عبّر عنه المحلل السياسي كمال بوزيد، بقوله: “النظام المغربي دأب على رمي بالونات الاختبار عبر الأذرع الملحقة به، ومثل هذا التصريح يعد إعلانًا صريحًا لأطماع ظل المغرب الرسمي يتكتم عنها”.

وأضاف في تصريح لـ”أفريقيا برس” أن “الأطماع تعمي بصيرة المغرب منذ عقود، وقد سبق لأحزاب سياسية مغربية أن أعلنتها من قبل، ويبدو أن هؤلاء ينظرون إلى العالم برؤيتهم فقط، ويمسكون بأقلام تلوين لتوسيع وطنهم، متناسين دور مبدأ الحدود الموروثة عن الاستعمار في تجنيب العالم صراعات وحروب قد تعيده إلى أجواء الحرب العالمية”.

ولفت إلى أن النظام المغربي، الذي بات ينتفخ باستقوائه بإسرائيل، لا يمكنه مسح اتفاق ترسيم الحدود بين بلاده والجزائر، مؤكّدًا أن هذا الطرح يؤكد عقدة تاريخية، فالمغرب كان آخر بلد اعترف بسيادة موريتانيا لأنه كان يعتبرها جزءًا منه، ولا يزال يطمع في أراضٍ أخرى بالجزائر.

وذكر زعيم اليهود المغاربة أن التحديات التي واجهتها قضية الصحراء الغربية في الثمانينيات والتسعينيات كانت بسبب النفوذ الكبير للجزائر في دوائر القرار الأمريكية، خاصةً وأنها مدعومة بعقود غاز مربحة وجماعات ضغط قوية، إلى جانب العلاقات القوية والوثيقة التي كانت تجمع وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جيمس بيكر بالرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة. لكن، رغم ذلك، تمكّن المغرب، بفضل دبلوماسيته النشطة وجهود سفرائه، من قلب الموازين.

وشدد على أهمية هذه القضية لدى أعضاء اتحاد اليهود المغاربة الأمريكيين، معتبرًا أن تسليط الضوء على هذا الملف يُمثل أولوية وطنية لا تقل أهمية عن قضايا المغرب الكبرى الأخرى، مضيفًا أن قضية الصحراء الشرقية يتم التقليل من شأنها إلى حد كبير من قبل الطبقة السياسية الأمريكية، وأن استراتيجية طموحة جارٍ بلورتها لحشد الكونغرس الأمريكي من أجل الحصول على دعم أمريكي في الأمم المتحدة لاستعادة ما يُزعم أنها أراضٍ مغربية سابقة.

ولفت إلى أن جهود اللوبي المغربي في واشنطن تُوِّجت بقرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه، وهي خطوة مفصلية في اتجاه تعزيز الاعتراف الدولي الكامل بوحدة التراب المغربي.

غير أن المتحدث تفادى التطرّق إلى تماطُل الأمريكيين في تفعيل قرار الاعتراف بسيادة المغرب منذ عام 2020، خاصةً وأن تصريح مسعد بولس، مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لوسائل إعلام عربية، تضمّن علامات استفهام بشأن الموقف الأمريكي، لما ألمح إلى شروط محتملة، لا يُستبعَد أن تكون حزمة ابتزازات، مشددًا على حلّ مقبول من الطرفين، وهو ما يتوافق مع طرح المبعوث الأممي ستيفان ديمستورا إلى المنطقة، حين دعا إلى الجدية وتقديم تفاصيل أخرى بشأن مقترح الحكم الذاتي.

وعبّر شارل دحان عن تفاؤله، قائلاً: “الحق سينتصر، والصحراء الشرقية ستعود إلى أحضان الوطن. نحن مستعدون للتضحية بكل شيء من أجل وحدة المغرب، وإن قضية الصحراء المغربية ليست بالنسبة إليّ مجرّد ملف سياسي أو دبلوماسي، بل هي قضية كرامة وسيادة وهوية”.

وأضاف: “منذ أن بدأت الاشتغال في مجال العلاقات الدولية، جعلت من الدفاع عن مغربية الصحراء محورًا أساسيًا في كل لقاءاتي مع مراكز القرار الأمريكية، سواء داخل الكونغرس أو مع المؤسسات البحثية والدبلوماسية. أنا يهودي مغربي أمريكي، أحمل في داخلي هذه الثلاثية قوة ناعمة لخدمة الحقيقة التاريخية. أشرح للسياسيين الأمريكيين أن الصحراء كانت دائمًا جزءًا من المغرب، وأن مشروع الحكم الذاتي، الذي اقترحه الملك محمد السادس، هو الحل الوحيد الواقعي والعادل والعملي للنزاع المفتعل. أعمل من موقعي داخل فدرالية اليهود المغاربة في واشنطن على تصحيح الرواية وتقديم الحقائق بلغة يفهمها صانع القرار الأمريكي”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here