هكذا حوّلت باريس مشروع قرار ميت إلى رسالة تهدئة ومغازلة

2
هكذا حوّلت باريس مشروع قرار ميت إلى رسالة تهدئة ومغازلة
هكذا حوّلت باريس مشروع قرار ميت إلى رسالة تهدئة ومغازلة

محمد مسلم

أفريقيا برس – الجزائر. قبل أقل من أسبوع على إصدار مجلس قضاء العاصمة قراره النهائي في قضية الكاتب الفرانكو جزائري، بوعلام صنصال، وجه الطرف الفرنسي رسائل مغازلة للسلطات الجزائرية، تماشيا ولغة التهدئة التي تبناها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بتفادي المواقف الاستفزازية تجاهها.

وفي خطوة مفاجئة سحبت الجمعية الوطنية الفرنسية (الغرفة السفلى للبرلمان)، مسودة مشروع قرار يقضي بإلغاء العمل باتفاقية الهجرة لعام 1968، بين الجزائر وفرنسا، والذي اقترحته المجموعة البرلمانية لحزب يميني صغير، يقوده إيريك سيوتي، وهو زعيم حزب “الجمهوريون”، قبل أن يطرد من الحزب في أعقاب تحالفه المفاجئ مع اليمين المتطرف بزعامة مارين لوبان، في الانتخابات التشريعية الأخيرة.

وكان من المقرر أن يناقَش مشروع القرار الخميس الأخير، غير أنه تم الإعلان بشكل مفاجئ عن سحبه في ظروف غامضة، فيما بدا عربون تهدئة مع الطرف الجزائري، توجسا من تصعيد لا يخدم المصالح الفرنسية في الجزائر، فهل يرقى هذا الفعل البرلماني ليكون مبادرة يمكن الاعتداد بها على صعيد خفض التصعيد بين البلدين؟

تحصي المجموعة البرلمانية التي قدمت مشروع القرار 16 نائبا فقط، وهي تنتمي إلى حزب وليد لا يتعدى عمره السنة، وهو حزب “اتحاد اليمين من أجل الجمهورية”، وقد أنشأه إيريك سيوتي بعد طرده الصائفة المنصرمة من رئاسة حزب “الجمهوريون” اليميني، الذي أصبح وزير الداخلية الحالي، برونو روتايو، رئيسا له في شهر ماي المنصرم.

ويعتبر هذا الحزب قريبا جدا من حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان ومساعدها جوردان بارديلا، وقد احتل هذا الحزب المرتبة الثالثة في الانتخابات التشريعية الأخيرة، بعد كل من تيار اليسار أو “الجبهة الوطنية الجديدة”، الذي حصل على الأغلبية البرلمانية، ويليه في المرتبة الثانية حزب ماكرون “رونيسونس”، وهو ما يعني أن رهان مجموعة إيريك سيوتي التي دفعت بهذا المشروع، يبقى خاسرا منذ البداية، حتى ولو دعمه اليمين المتطرف، بحكم مستوى التمثيل في الغرفة السفلى للبرلمان.

ويزعم مشروع القرار أن اتفاقية 1968 تمنح الجزائريين امتيازات استثنائية دون سواهم من أبناء الجاليات المغاربية والإفريقية، في مجالات السكن والاقامة والدراسة وممارسة المهن الحرة، ويشير مشروع القرار إلى أنه “حان الوقت لتكييف ترسانتنا القانونية بشأن الهجرة مع تطور علاقتنا مع الجزائر”، كما يدعو “لإعادة الوسائل القانونية للدولة للحد من منح التأشيرات للجزائريين، وتعليقها عند الضرورة”.

وسبق هذا المشروع مبادرات أخرى مشابهة استهدفت اتفاقية 1968 للهجرة بين الجزائر وفرنسا، غير أنها فشلت لعدم حصولها على الأصوات المطلوبة، وهو ما يؤشر على أن رهان مشروع قرار مجموعة إيريك سيوتي، لم يكن إسقاط تلك الاتفاقية الراسخة، وإنما البحث عن أهداف سياسية ودبلوماسية من وراء ذلك، عبر تقديم هذا المشروع ثم سحبه.

كما سبق للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أن تدخل في أكثر من مناسبة ليؤكد بأنه لا ينوي إلغاء اتفاقية 1968 من جانب واحد، وقد اصطدم مرات عديدة مع وزير داخليته، برونو روتايو، بخصوص تدخل الأخير المستمر في ملف العلاقات الجزائر، مؤكدا بأنه يبقى من الصلاحيات الحصرية لقصر الإيليزي وقصر “الكيدورسي” (وزارة الخارجية).

كل هذه المعطيات تشير إلى أن استمرار الغرفة السفلى للبرلمان الفرنسي، السير في مشروع القرار كان سينتهي إلى لا شيء بالنظر لانعدام فرص تمريره، غير أن سحبه في آخر لحظة، حول المبادرة إلى مغازلة للطرف الجزائري، تُضاف إلى جهود التقارب المسجل بين العاصمتين في الآونة الأخيرة بعد أشهر من التصعيد غير المسبوق.

وقد استغل الوزير المنتدب للتجارة الخارجية والفرنسيين في الخارج، لوران سان مارتان، هذا الموقف ليشيد بالنواب، معتبرا القرار من شأنه أن يبعث برسائل تهدئة تساهم في خفض التوتر الذي يطبع العلاقات الجزائرية الفرنسية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here