أفريقيا برس – الجزائر. مع اقتراب موعد الدخول المدرسي المقبل 2025/2026، تكثّف وزارة التربية الوطنية ومديرياتها عبر ولايات الوطن التحضيرات الميدانية لضمان انطلاقة سلسة ومنظمة للسنة الجديدة، وفق رؤية إصلاحية تعكس التوجيهات الرسمية الرامية إلى تعزيز الحوكمة في تسيير المؤسسات التربوية، وضمان نجاعة الأداء الإداري والتربوي.
وإلى ذلك، فإن المصالح المختصة بمديريات التربية للولايات مطالبة وجوبا بالسهر على تنفيذ بعض الأعمال المستعجلة قبل نهاية شهر أوت الجاري.
ويتعلق الأمر بتعيين مديري المؤسسات التعليمية الجدد الذين أنهوا التكوين، إلى جانب تجسيد تدابير وإجراءات الحركة النقلية السنوية للمديرين القدامى، من خلال الحرص على “إحداث” التوازن في توزيع الموارد البشرية، لكي لا يتم الاصطدام بمدارس من دون تأطير إداري في بداية الدخول.
وفي هذا الصدد، أفادت مصادر أن عملية تعيين منتوج التكوين من مديري المؤسسات التربوية الجدد للأطوار التعليمية الثلاثة “ابتدائي ومتوسط وثانوي”، تحتل صدارة هذه التحضيرات، باعتبارها خطوة أساسية لضخ دماء جديدة في هياكل التسيير، وتحقيق التوازن بين متطلبات الميدان ومعايير الكفاءة.
منتوج التكوين… دماء جديدة في هياكل التسيير
وفي هذا السياق، لفتت مصادرنا إلى أن الموسم الدراسي المنقضي قد شهد تنظيم دورات تكوينية مكثّفة على مستوى المعهد الوطني لتكوين إطارات ومستخدمي التربية ومراكز التكوين، استفاد منها المئات من المترشحين لشغل مناصب مديري المؤسسات التربوية بمختلف أطوارها.
وهي التكوينات التي امتدت على أشهر عدة، ركّزت على محاور أساسية شملت فن القيادة التربوية، التسيير المالي والمادي، التشريع المدرسي، أساليب الإشراف البيداغوجي، والاتصال الإداري الفعّال، إضافة إلى ورشات تطبيقية تحاكي واقع التسيير اليومي للمؤسسات، توضّح مصادرنا.
وعليه، وبعد استكمال التكوين بنجاح، تتجّه وزارة التربية الوطنية إلى تعيين هذه الكفاءات في مناصبها المالية الجديدة، ما يفتح المجال أمام جيل من المسيّرين المؤهلين ميدانيا وإداريا لتحمّل مسؤوليات إدارية وتربوية.
وهي التعيينات الجديدة التي تراهن عليها الأسرة التربوية كثيرا، لأنها تسهم في تحسين جودة التعليم، ورفع مؤشرات الانضباط المدرسي، وتطوير البيئة التربوية، من خلال تبني أساليب عمل عصرية، والابتعاد عن النمطية الإدارية التي كانت في الكثير من الأحيان عائقا أمام الابتكار.
الحركة النقلية.. توزيع عادل وتلبية لحاجيات الميدان
وبخصوص الحركة النقلية السنوية الداخلية لمديري المؤسسات التربوية القدامى، أبرزت المصادر ذاتها، بأن مديريات التربية للولايات، تعمل على قدم وساق لإنهاء العملية قبل نهاية شهر أوت الجاري، وفق معايير قانونية صارمة، لأجل تحقيق الهدف المبتغى وهو إعادة توزيع “عادل” و”منصف”، للموارد البشرية، وفق احتياجات كل منطقة، وضمان استغلال أمثل للخبرات والكفاءات، ما يسهم في ضمان استقرار المؤسسات التربوية والمحافظة بذلك على ممتلكاتها.
ومن هذا المنطلق، أشارت نفس المصادر إلى أن مديريات التربية للولايات، ملزمة بمراعاة معايير دقيقة، عند الشروع في تجسيد حركة تحويلات رؤساء المؤسسات التربوية داخليا، على غرار الأقدمية، الوضعية الاجتماعية، الكفاءة المهنية، ونتائج تقييم الأداء، وهي تعد بمثابة فرصة أيضا لتجديد الأجواء داخل المؤسسات عبر تبادل الخبرات وفتح المجال أمام أفكار وأساليب تسيير متنوعة.
محاضر التنصيب.. ضمان للشفافية وحماية للممتلكات
وقصد ضمان مصداقية العملية وإنجازها في شفافية تامة وتوثيقها بشكل قانوني، أكدت مصادرنا على أن مديريات التربية للولايات، وخلال الاجتماعات التنسيقية الأخيرة التي عقدتها، قد ألحت على إلزامية تحرير محاضر الاستلام والتسليم بين مدير المؤسسة التربوية المغادر والمدير المستلم للمهام، والتوقيع عليها من الطرفين، والتي يجب أن تكون معلنة، بحضور ممثل عن مديرية التربية، لتفادي أي طعون أو اعتراضات قد تؤثر على استقرار الدخول المدرسي المقبل من جهة، ومن جهة ثانية، للوقاية من أي نزاعات مستقبلية أو اتهامات بالخلل أو الإهمال.
وذلك على اعتبار أن هذه المحاضر لا تعتبر إجراء شكليا فحسب، بل هي “وثيقة قانونية”، تحدّد بدقة الوضعية المادية والمالية والبيداغوجية للمؤسسة التربوية عند تغيير المسؤول، وتشمل عديد الجوانب والمجالات، ويتعلق الأمر أولا، بالجرد الكامل للممتلكات والتجهيزات، من أثاث ووسائل تعليمية وأجهزة إعلام آلي، وثانيا، الوضعية المالية بما في ذلك الحسابات، الميزانيات، والمصاريف المبرمجة أو المنجزة، وثالثا، الوثائق الإدارية والتربوية مثل السجلات الرسمية، الملفات المدرسية، والمراسلات.
وبناء على ما سلف، أبرزت مصادرنا أن إحدى الإشكاليات التي تطرح نفسها في كل حركة نقلية أو إحالة على التقاعد، هي مسألة إخلاء السكنات الوظيفية الملحقة بالمؤسسات التربوية، ففي بعض الحالات، يتأخر مديرون مغادرون في إخلاء هذه السكنات، إما بدافع التريث في الانتقال إلى مقر إقامة جديد، أو لأسباب اجتماعية، مما يعرقل استلام المدير الجديد لمهامه في ظروف طبيعية.
ولهذا، شدّدت وزارة التربية الوطنية، وفي عديد المناسبات، على أن إخلاء السكن الوظيفي يجب أن يتم بالتزامن مع محاضر الاستلام والتسليم، خاصة إذا تعلق الأمر بمدير أُحيل على التقاعد أو انتقل إلى مؤسسة تربوية أخرى، مع منح آجال قانونية محدّدة للإخلاء، حفاظا على السير الحسن للعملية التربوية.
وبالاستناد إلى ما سبق، أكدت مصادرنا على أنه ورغم وضوح التعليمات، إلا أن تنفيذ هذه الإجراءات التحضيرية على أرض الواقع قد يواجه بعض التحدّيات، من أبرزها، نقص الوعي القانوني لدى بعض الأطراف بأهمية محاضر التسليم والاستلام، ما يجعلها في نظرهم مجرد روتين غير ذي أثر، فضلا عن الطابع الاستعجالي للدخول المدرسي، الذي يفرض أحيانا تسريع التعيينات من دون استكمال كل الإجراءات بالصرامة المطلوبة.
وأشارت مصادرنا إلى أن مهتمين بالشأن التربوي والإدارة المدرسية، رافعوا لأجل تجسيد عدة توصيات على أرض الواقع، ويتعلق الأمر ببرمجة دورات تكوينية للمديرين الجدد حول الجوانب القانونية للتسيير، إلى جانب إعداد رزنامة دقيقة لاستلام وتسليم المهام قبل موعد الدخول المدرسي بفترة كافية، وكذا إشراك مفتشي التربية والإدارة في مراقبة وتوثيق العمليات لضمان الشفافية.
وذلك بغية ضمان دخول مدرسي منظم، وتفادي بذلك أي ارتباك في هذه المرحلة الحساسة، والتي تسبق موعد الالتحاق بمناصب العمل والعودة إلى مقاعد الدراسة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس