إنهاء مهام بوعلام بوعلام: تحولات السلطة في الجزائر وتوازناتها

إنهاء مهام بوعلام بوعلام: تحولات السلطة في الجزائر وتوازناتها
إنهاء مهام بوعلام بوعلام: تحولات السلطة في الجزائر وتوازناتها

أفريقيا برس – الجزائر. أصدر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مرسومًا ينهي مهام بوعلام بوعلام كمستشار مكلف بالشؤون القانونية، مع احتفاظه بمنصبه كمدير ديوان الرئاسة. أثار هذا القرار جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية، حيث اعتبر بمثابة تقليص لنفوذ بوعلام، الذي كان يُنظر إليه كأحد الشخصيات المؤثرة في السلطة.

في 14 أكتوبر 2025، صدر مرسوم رئاسي جزائري يقضي بإنهاء مهام بوعلام بوعلام كمستشار مكلف بالشؤون القانونية والمؤسساتية لدى الرئيس عبد المجيد تبون، وهو القرار الذي نُشر رسميًا في الجريدة الرسمية بتاريخ 21 أكتوبر. ورغم أن بوعلام احتفظ بمنصبه كرئيس ديوان الرئاسة، فإن هذا التحول أثار جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية، واعتُبر بمثابة “توبيخ سياسي هادئ” لرجل كان يُنظر إليه على أنه أحد أكثر الشخصيات نفوذًا داخل قصر المرادية.

من هو بوعلام بوعلام؟

بوعلام بوعلام شخصية إدارية وقانونية بارزة في الجزائر، شغل مناصب متعددة في الدولة، وكان يُعرف بقربه الشديد من الرئيس تبون. تولى منصب مستشار مكلف بالشؤون القانونية منذ بداية عهد تبون، ثم أصبح مديرًا لديوان الرئاسة رسميًا في يناير 2024 بعد أن شغل المنصب بالنيابة منذ نوفمبر 2023. يُنظر إليه كمهندس العديد من “الإصلاحات” القانونية والمؤسساتية التي شهدتها الجزائر في السنوات الأخيرة، ويُعتبر من رموز الجناح المتشدد داخل السلطة.

توقيت القرار ودلالاته

يأتي إنهاء مهام بوعلام في لحظة سياسية ودبلوماسية حساسة، تسبق مباشرة جلسة مجلس الأمن حول ملف الصحراء الغربية، وهو ما دفع بعض المحللين إلى ربط القرار بتحولات في الموقف الجزائري أو إعادة ترتيب أوراق السلطة داخليًا استعدادًا لمواجهة ضغوط خارجية.

كما أن القرار جاء بعد سلسلة تغييرات داخل الرئاسة، شملت تعيين مستشارين جدد مثل محمد حموش ونصر الدين بن طيفور، ما يُشير إلى رغبة تبون في إعادة توزيع المهام والنفوذ داخل القصر الرئاسي.

هل هو عزل أم إعادة تموضع؟

رغم أن بوعلام بوعلام لم يُعزل بالكامل من الرئاسة، إذ لا يزال يشغل منصب مدير الديوان، فإن إنهاء مهامه كمستشار قانوني يُعد خطوة رمزية قوية. فالمستشارية كانت بوابته إلى التأثير المباشر في صياغة السياسات، والتواصل مع المؤسسات القضائية والتشريعية. وبالتالي، فإن سحب هذه الصلاحيات منه يُفهم على أنه تقليص لنفوذه، وربما بداية لتهميشه تدريجيًا.

الخلفيات المحتملة للقرار

– الصراع داخل أجنحة السلطة: الجزائر تشهد منذ سنوات صراعًا خفيًا بين الرئاسة والمؤسسة العسكرية، وبين تيارات مدنية وأمنية داخل النظام. ويُعتقد أن بوعلام كان يمثل أحد أجنحة هذا الصراع، وربما أصبح عبئًا سياسيًا في ظل محاولات تبون لتقديم نفسه كرئيس إصلاحي ومتوازن.

– التحضير للانتخابات 2029: رغم أن الانتخابات الرئاسية المقبلة لا تزال بعيدة، فإن تبون بدأ منذ الآن في ترتيب فريقه السياسي، وربما يسعى إلى إبعاد الشخصيات التي قد تُثير الجدل أو تُضعف صورته أمام الرأي العام.

– الضغوط الدولية: الجزائر تواجه ضغوطًا متزايدة من منظمات حقوقية ودولية بشأن الحريات السياسية، ووجود شخصيات مثل بوعلام بوعلام في مواقع القرار قد يُفسر بأنه استمرار لنهج سلطوي، ما يُضعف موقف الجزائر في المحافل الدولية.

ردود الفعل السياسية والإعلامية: القرار لم يُعلن رسميًا عبر وسائل الإعلام الحكومية، بل اكتُفي بنشره في الجريدة الرسمية، ما يُشير إلى رغبة في تمريره بهدوء دون إثارة ضجة. ومع ذلك، فقد تناولته وسائل إعلام مستقلة ومواقع تحليلية، واعتبرته مؤشرًا على تصدع داخلي في منظومة الحكم.

كما أن بعض المراقبين ربطوا القرار بمحاولة تبون تقليص نفوذ “رجال الظل” داخل الرئاسة، وتقديم وجوه جديدة أكثر توافقًا مع المرحلة المقبلة.

السيناريوهات المستقبلية

– استمرار بوعلام في منصب مدير الديوان: إذا استمر بوعلام في هذا المنصب، فقد يحتفظ ببعض النفوذ، لكن دون صلاحيات مباشرة في صياغة السياسات أو التأثير على المؤسسات.

– إقالة كاملة لاحقًا: قد يكون إنهاء مهامه كمستشار خطوة أولى نحو إبعاده الكامل، خاصة إذا تصاعدت الضغوط الداخلية أو الخارجية.

– عودة مشروطة: في حال حدوث تغيرات سياسية أو إعادة تقييم داخل الرئاسة، قد يعود بوعلام إلى الواجهة، لكن بشروط جديدة.

تأثير القرار على صورة تبون

شهدت الجزائر في السنوات الأخيرة تغييرات سياسية كبيرة، حيث يُحاول الرئيس تبون منذ بداية ولايته تقديم نفسه كرئيس إصلاحي، متوازن، وقادر على إدارة الدولة بعيدًا عن النفوذ التقليدي. وإنهاء مهام بوعلام بوعلام يُعزز هذه الصورة، لكنه في الوقت نفسه يُثير تساؤلات حول مدى استقلالية تبون في اتخاذ القرار، وهل هو فعلاً يُعيد تشكيل السلطة أم يُنفذ توجيهات من جهات أخرى داخل النظام؟

إنهاء مهام بوعلام بوعلام كمستشار للرئيس تبون ليس مجرد قرار إداري، بل هو تحول سياسي يعكس ديناميكيات السلطة في الجزائر. القرار يُشير إلى رغبة في إعادة ترتيب البيت الداخلي للرئاسة، وتقليص نفوذ الشخصيات التي ارتبطت بالنهج السلطوي، استعدادًا لمرحلة سياسية جديدة. لكنه أيضًا يُظهر هشاشة التوازنات داخل النظام، واحتمال تصاعد الصراعات بين الأجنحة المختلفة.

في النهاية، يبقى السؤال مفتوحًا: هل يُمثل هذا القرار بداية إصلاح حقيقي في منظومة الحكم؟ أم أنه مجرد إعادة توزيع للنفوذ داخل نفس الدائرة المغلقة؟

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here