أفريقيا برس – الجزائر. خلّف وزير الداخلية الفرنسي، لوران نونياز، بحديثه عن وجود تواصل مع نظيره الجزائري سعيد سعيود، حالة من الهيجان السياسي لدى اليمين المتطرف، تجلى من خلال تشكيك رئيس حزب “الاسترداد”، إيريك زمور، في انتزاع الجزائر استقلالها، والتطاول على رجال الثورة الذين هزموا جيش الاحتلال الفرنسي، فيما انبرى لهم كل من دومينيك دوفيلبان والمرشحة السابقة للرئاسيات الفرنسية، سيغولين روايال، واصفة إياهم بـ “أنصار الجزائر الفرنسية”.
واتهمت كلا من سارة خنافو، النائب الأوروبي عن حزب “الاسترداد”، ومعها رئيس حزبها، إيريك زمور، وزير الداخلية الفرنسي، لوران نونياز، بالخضوع للجزائر، وذلك على خلفية انتقاده للطريقة التي تعاطى بها سلفه في قصر بوفو، برونو روتايو، مع الجزائر، حيث اعتبر وزير الداخلية الجديد بأن “سياسة لي الذراع لا تجدي نفعا مع الجزائر”.
وبينما ابتهج اليمين المتطرف واليمين التقليدي بمرور لائحة إدانة اتفاقية 1968 مع الجزائر على مستوى الجمعية الوطنية (الغرفة السفلى للبرلمان)، والتي سبقها التقرير البرلماني الذي هيأ الجو السياسي لذلك، خرجت سيغولين روايال، التي نافست نيكولا ساركوزي على كرسي الرئاسة في العام 2007، بتغريدة على حسابها في منصة “إكس”، هاجمت فيها من ينفخون في نار العلاقات الثنائية.
وكتبت معلقة على مداخلة نارية من نائب عن الحزب الاشتراكي وهو يهاجم من يطالبون بإلغاء اتفاقية 1968: “برافو. وما هو أكثر من ذلك هو الاتهام بأن تكلفة 2 مليار أورو التي تثقل كاهل الخزينة الفرنسية بسبب تلك الاتفاقية”، مؤكدة على الدور الذي لعبه الجزائريون في النهوض بالشركات الفرنسية، وأضافت: “الميداف (الباترونا الفرنسية) الصامتة لديها فكرة”.
ودخل الوزير الأول الفرنسي الأسبق، دومينيك دوفيلبان، أيضا على الخط، وقال في برنامج لقناة “بي آف آم تي في” الأحد: “إن الخيوط التي كنا نأمل في سحبها بعد حضور سفيرنا خلال إحياء ذكرى مظاهرات عام 1961، وبعد تبادل الرسائل بين لوران نونياز، ونظيره وزير الداخلية الجزائري، كل هذا قد انكسر فعليا بسبب هذه البادرة (لائحة البرلمان الفرنسي) التي تتسم بوحشية لا تصدق”.
وانتقد بشدة الوضع الذي آلت إليه العلاقات الثنائية: “لا يمكننا إنكار أهمية العلاقات الإنسانية القائمة بين الطرفين، وعلينا تقييم الوضع القانوني الذي نعيشه اليوم نتيجةً لكل هذا: عائلات لم تعد قادرةً على رؤية بعضها البعض، وأجدادٌ لم يعودوا قادرين على رؤية أحفادهم، وطلاب لا يستطيعون العودة إلى جامعاتهم”.
ويعود تأجيج هذا السجال السياسي إلى الفرنسية من أصل مغربي، سارة خنافو، التي زعمت بأن فرنسا تنفق على الجزائريين، وذلك في برنامج حواري نهاية الأسبوع على قناة “بي آف آم تي في”، وقالت: “انفصلنا عن الجزائر عام 1962. لكن فرنسا حصلت على حضانة الأطفال… ولا تزال تدفع نفقة الأطفال”، وهي تشير هنا إلى الجزائريين الذين يعيشون في فرنسا ويساهمون في النهوض باقتصادها.
كلام السياسية المتطرفة وجد ردا قويا من إمام جزائري في فرنسا، إسماعيل، الذي كتب في منصة “تويتر” سابقا: “استعارتك تعكس الكثير من ازدرائك، والقليل جدًا من ثقافتك”. وأضاف: “الجزائر لم تنفصل عن فرنسا، بل حررت نفسها بعد 132 سنة من الاحتلال والنهب والمجازر”، في إشارة إلى “دين ضخم لم تسدّده فرنسا أبدا”. وتابع: “أما بالنسبة لـ”حضانة الأطفال”، فهؤلاء مواطنون فرنسيون، ولدوا هنا، ويعيشون هنا، ويساهمون هنا”.
هذا الرد القوي استدعى تدخل إيريك زمور بكثير من الوقاحة، عندما قال إن “ديغول هو من منح الجزائر استقلالها، لأنه لم يُرِد أن تُصبح قريته كولومبي- لي- دو- موسكي”، في إشارة إلى عبارة نُسبت إلى الجنرال عند وصفه لقرية كولومبي- لي- دو- إغليز التي عاش فيها حتى وفاته، مشككا في كفاح الشعب الجزائري من أجل استقلاله.
ليرد عليه الإمام إسماعيل بقوله: “ديغول أدرك ببساطة أنه لم يعد قادرا على مواصلة حرب خاسرة أخلاقيا وسياسيا وعسكريا”. واتهم فرنسا الاستعمارية بأنها أفقرت الجزائريين وهجرتهم، وأضاف الإمام مخاطبا زمور: “أنتم تُؤجّجون الحقد لأنكم لا تطيقون فكرة الأسماء العربية التي تُجسّد فرنسا الجمهورية”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس





