هل تنجح المساعي الفرنسية في ترميم ما أفسده ماكرون؟

هل تنجح المساعي الفرنسية في ترميم ما أفسده ماكرون؟
هل تنجح المساعي الفرنسية في ترميم ما أفسده ماكرون؟

أفريقيا برس – الجزائر. شهدت العلاقات الجزائرية – الفرنسية في الأسابيع القليلة الأخيرة، مدا للجسور لكن بشكل محتشم، فيما رافق ذلك محاولات لوضع العصا في العجلة من قبل الجانب الفرنسي، جسدته تصريحات غير موفقة صادرة عن وزير الخارجية الفرنسي، جون نويل بارو، وهي التطورات التي تزامنت وغضب جزائري كامن من الدور الذي لعبته باريس في دواليب الأمم المتحدة، لدعم النظام المغربي في قضية الصحراء الغربية.

كل شيء بدأ بمغازلات مدروسة من قبل وزير الداخلية الفرنسي، لوران نونياز، عن تلقيه دعوة من قبل نظيره الجزائري، بعدما تنصل من سياسة “القبضة الحديدية” التي انتهجها سلفه في قصر “بوفو”، برونو روتايو، الذي وضع تدمير العلاقات الثنائية هدفا له، غير أنه غادر الحكومة مطرودا، من دون أن يحقق شيئا بقدر ما خسر الكثير في مشروعه السياسي الرامي إلى اقتحام قصر الإيليزي، على ظهر العلاقات بين الجزائر وباريس.

بدوره، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، المغضوب عليه في قصر المرادية، كان يراقب الوضع عن قرب، واستغل الذكرى الـ71 لاندلاع الثورة التحريرية ضد المحتل الغاشم، ليوجه رسالة تهنئة إلى نظيره الجزائري، عبد المجيد تبون، غرقت في سيل من التهاني التي وجهها أيضا بقية رؤساء وملوك وأمراء الدول الشقيقة والصديقة.

وتبع ذلك “خرجة” متعثرة لوزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي، جون نويل بارو، تحدث عن رغبة بلاده في استعادة التعاون الأمني والدور الذي فقدته الشركات الفرنسية في الجزائر، والتي كانت تحظى بامتيازات لا حصر لها، قبل أن يدمّرها ماكرون بقرار طائش، بدعم مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به النظام المغربي في الصحراء الغربية، أتى على كل آماله في استعادة مصالح بلاده في مستعمرة بلاده السابقة.

هذا ما يجعل التساؤل قائما: إلى أي مدى يمكن أن تساهم هذه المغازلات في تبديد الغيوم الكالحة التي خيمت على العلاقات الجزائرية – الفرنسية؟ وهل يمكن لزيارة وزير فرنسي إلى الجزائر لا تزال محل شكوك، أن تعيد الأمور إلى نصابها؟ ولاسيما في ظل الضرر البليغ الذي ألحقته سياسات ماكرون بالعلاقات الثنائية منذ ما يزيد عن السنة؟

يرى أستاذ العلوم السياسية والنائب بالمجلس الشعبي الوطني، علي ربيج، أن الضرر الذي أصاب العلاقات الجزائرية – الفرنسية بسبب المواقف غير محسوبة العواقب من الجانب الفرنسي، أكبر بكثير من مجرد تصريحات أو زيارات في الأفق لبعض المسؤولين الفرنسيين إلى الجزائر، وقال: “أنأ لا أعتقد أنه بمجرد زيارة وزير الداخلية الفرنسي إلى الجزائر، يعني أننا قد طوينا ملف الأزمة الشائكة التي تعصف بالعلاقات الثنائية”.

وأوضح: “أنا لا أشاطر من يرى بأن العلاقات الجزائرية – الفرنسية تتحسن، لا بالعكس ربما اليوم هذه الزيارة تشير إلى أن الموقف الفرنسي كان مرتهنا في يد اليمين المتطرف، وأن شعور دوائر صناعة القرار في باريس بأن هذه الأزمة قد أضرت بصورة وموقف فرنسا وبمصالحها في الجزائر”.

وبرأي المحلل السياسي، فإن الطرف الفرنسي ولاسيما معسكر ماكرون الماسك بزمام السلطة، يفتقد إلى الجدية اللازمة لإعادة ترميم العلاقات الثنائية، بدليل تورطه في تمرير اللائحة البرلمانية التي تقدم بها اليمين المتطرف، ممثلا في حزب “التجمع الوطني”، التي تطالب بإسقاط اتفاقية 1968، وقال ربيج: “من موقعي كمتابع للأزمة الجزائرية – الفرنسية، أرى أنه لا توجد نية حقيقية لدى الطرف الفرنسي للذهاب إلى إصلاح الضرر الذي أصاب العلاقات الجزائرية – الفرنسية”.

ومضى موضحا: “لا يمكن إنكار الدور الذي لعبه حزب ماكرون في التصويت لصالح لائحة اليمين المتطرف بالجمعية الوطنية الفرنسية (الغرفة السفلى للبرلمان)، فكتلة الحزب التي يقودها غابريال أتال (رئيس حزب النهضة الماكروني ورئيس حكومة ماكرون سابقا)، تخلف الكثير من نوابها عن جلسة التصويت ومن حضر منهم صوت لصالح اللائحة، وهو ما يفضح ممارسات الرئيس الفرنسي ومحيطه”.

وليس التصويت على اللائحة البرلمانية هو وحده الذي يفضح “خيانة ” الطرف الفرنسي و”نفاقه”، فقد كشفت تسريبات الغرف المظلمة أيضا عن دور نشط للدبلوماسية الفرنسية بتوجهات من قصر الإيليزي، في إنقاذ النظام المغربي من هزيمة كانت وشيكة في الأمم المتحدة، بخصوص ملف الصحراء الغربية، بحيث مارست باريس ضغوطا كبيرة على جيرانها في الاتحاد الأوروبي، الدانمارك وسلوفينيا واليونان، الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن من أجل التصويت على القرار الأممي قبل إخضاعه للتعديل أكثر من مرة، وهو ما يؤكد للمرة الألف أن الفرنسيين لا يمكن ائتمانهم.

ومن هذا المنطلق، يرى النائب أن الجزائر سوف “لن تقدم طوق نجاة للرئيس الفرنسي وهو على مشارف نهاية عهدته، باعتباره هو من بادر بإصلاح العلاقات الثنائية، في حين هو من تورط في “إفساد هذه العلاقة”، داعيا إلى “التعامل بحذر مع هذه الخطوات التي هي الآن تتشكل في الأفق من قبل الحكومة الفرنسية الحالية، أو حتى من قبل ماكرون، الذي عمّق، للأسف الشديد، الأزمة، ويمكن القول إنه قد فات الأوان على ماكرون لإصلاح ما أفسده”.

المصدر: الشروق

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here