الجزائر في الطريق الصحيح للخروج من قائمة “غافي”

الجزائر في الطريق الصحيح للخروج من قائمة “غافي”
الجزائر في الطريق الصحيح للخروج من قائمة “غافي”

أفريقيا برس – الجزائر. شدد مدير الشؤون المدنية وختم الدولة بوزارة العدل، محمد علي صالح، على أن الجزائر عازمة على الخروج من “اللائحة الرمادية” لـ”مجموعة العمل المالي” (غافي)، وتحقيق مكافأة المجموعة الدولية، من خلال فرض رقابة صارمة على جميع المعاملات التجارية وإصدار قوانين وإطارات تنظيمية لمكافحة الجرائم المالية، بما في ذلك استراتيجيات مكافحة الفساد وتبييض الأموال وتمويل الإرهاب.

وقال علي صالح، على هامش اليوم الدراسي الموسوم بـ”تعميم نتائج تقرير التقييم القطاعي لمخاطر استغلال الموثقين في جرائم تبييض الأموال وتمويل الإرهاب”، المنظم بالمدرسة العليا للفندقة والإطعام، في عين البنيان بالعاصمة، إن “مجموعة العمل المالي غافي صنّفت الجزائر ضمن اللائحة الرمادية، التي تدرج البلدان الأقل انخراطًا في جهود مكافحة غسل الأموال وعائدات تمويل الإرهاب دون دلائل أو قرائن تثبت ذلك”.

وأكد المتحدث أن السلطات الجزائرية “تسعى للخروج من هذه اللائحة في أسرع وقت ممكن، وهذا بتضافر جميع الجهود، من خلال إصدار ترسانة من القوانين وإطارات تنظيمية لمكافحة الجرائم المالية، والقيام بإجراء عمليات التفتيش وتطبيق عقوبات فعالة ومتناسبة ورادعة، وتطوير نظام فعّال فيما يتعلق بالمعلومات الأساسية والمستفيدين الفعليين، وتحسين نظام الإبلاغ عن المعاملات المشبوهة”.

وفي السياق نفسه، شدد محمد علي صالح، خلال كلمته في افتتاح اليوم الدراسي، على أن قطاع التوثيق “شريك محوري في تأمين مختلف المعاملات المدنية والتجارية والعقارية”، مؤكدا أن وجود الموثق على تماس مباشر مع بعض المعاملات التي قد تُستغل لتمرير أموال غير مشروعة “يجعل تعزيز ثقافة الامتثال وتحسين منظومة اليقظة المهنية ضرورةً لحماية المهنة والمحيط الاقتصادي”.

وأشار المتحدث إلى أن نتائج التقييم القطاعي، التي تُعرض للدراسة والمناقشة، “تمثل خطوة جوهرية نحو فهم أدق للمخاطر المحدقة بالقطاع، وتحديد نقاط القوة التي يجب تثمينها، ونقاط الضعف التي تحتاج معالجة شاملة قائمة على التنسيق والتعاون بين مختلف الفاعلين”. وأضاف أن هذه النتائج “تمثل أساسًا لبناء خطة عمل فعالة للغرفة الوطنية للموثقين، تتماشى مع المعايير الدولية وتوصيات مجموعة العمل المالي، ومع التوجهات الاستراتيجية للسلطات العليا للبلاد”.

وختم بالتأكيد على أن المرحلة المقبلة “تكتسي أهمية بالغة في استكمال تنفيذ التدابير التي شرعت فيها سلطة الإشراف والرقابة، لاسيما من حيث تعزيز فعالية هذه التدابير عبر التطبيق الصارم لخريطة الطريق، في شقها المتعلق بالتكوين المستمر والتفتيش الميداني والمكتبي، وتطبيق الإجراءات التصحيحية والعقوبات المناسبة في حينها”.

من جهته، أقرّ رئيس الغرفة الجهوية لموثقي ناحية الوسط، ناجم رقاني، بوجود “تكالب واضح ضد الجزائر، سياسيًا واقتصاديًا، لكن بفضل رجالها وإطاراتها ومسؤوليها سنكون بالمرصاد ونسعى جاهدين إلى إخراجها من اللائحة الرمادية لغسل الأموال، شهر ديسمبر على أقصى تقدير”، على حد تعبيره.

وأوضح رقاني أن “التحرك التشريعي الرامي إلى حذف الجزائر من القائمة الرمادية، من خلال تحيين وتحصين المنظومة الوطنية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، يأتي ضمن مسعى رسمي للتماهي مع المعايير الدولية التي تفرضها مجموعة العمل المالي”، مشيراً إلى أن الموثقين “على استعداد تام، وعلى قدم وساق، للقيام بالدور المنوط بهم على أحسن وجه”.

وأضاف، خلال كلمته في اليوم الدراسي، أن “تعميم نتائج التقييم القطاعي لمخاطر استغلال الموثقين في جرائم تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، جاء وفق خريطة الطريق القطاعية لهيئة التوثيق، المسطرة من طرف اللجنة الوطنية لتقييم مخاطر جرائم تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، ووفق الاستراتيجية الوطنية للفترة 2024-2026، وفي إطار تجسيد العمليات المدرجة في ذات الخريطة والملتزم بها أمام مجموعة العمل المالي غافي”.

وأشار إلى أن “هيئات التوثيق، ممثلة في الغرفة الوطنية والغرف الجهوية الثلاث، كانت من الهيئات السباقة إلى تنظيم سلسلة من الأيام الدراسية والتحسيسية والتكوينية منذ مطلع السنة الجارية، سواء بصفة مستقلة أو بالتنسيق مع الجهات القضائية، وذلك لتعزيز الوعي والامتثال للمعايير الدولية للوقاية والمكافحة من جرائم تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، بغرض المساهمة في إخراج الجزائر من المنطقة الرمادية”.

كما أكد رقاني على ضرورة “إعداد تقييم قطاعي لمخاطر استغلال مهنة التوثيق في جرائم تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، مع نشره وتعميم نتائجه على المهنيين”.

وثمّن رئيس الغرفة الجهوية الدور المحوري للموثق في ضمان استقرار وشفافية المعاملات القانونية والمالية، مؤكدا أن موقعه “الاستراتيجي يجعله في خط الدفاع الأول ضد محاولات استغلال العقود الرسمية كوسيلة لتبييض الأموال أو تمويل الأنشطة غير المشروعة”.

وأوضح أن العقود التي يبرمها الموثق “متعددة ومتنوعة وتشمل جميع المجالات، وهي ذات قيم مالية مختلفة تصل أحيانًا إلى مبالغ كبيرة وفلكية، مما يجعلها عرضة للاستغلال من قبل ذوي النوايا السيئة إن لم يتحلّ الموثق باليقظة الكاملة ويمارس بضمير مهني صادق”.

ودعا ممثل الموثقين إلى “رفع نسبة الوعي واليقظة المهنية، وغلق كل المنافذ والثغرات التي قد تُستغل في عمليات تبييض الأموال، وهو ما يتطلب فطنة قانونية ومعرفة دقيقة بآليات التحايل المالي”.

وفي المقابل، شدد رقاني على ضرورة “توفير الحماية الكاملة للموثق من أي مخاطر قد تهدده بسبب أدائه لدوره الإيجابي”، مقترحًا “رقمنة عملية الإخطار بالشبهة بواسطة آلية التشفير، حتى يتشجع الموثقون على أداء الدور المرجو منهم، في التصدي لهذه الظواهر التي تمثل المصدر الرئيسي لتمويل الجرائم المنظمة التي تنخر المجتمعات وتهدد استقرارها”.

وبدوره، أكد وكيل الجمهورية لدى محكمة الدار البيضاء، رستم منصوري، على أن الجزائر تسعى جاهدة لأخلقه الحياة العامة، من خلال مكافحة كل صور أشكال الفساد، والتصدي لظاهرة تبييض الأموال، فهي من الأولويات الاستراتيجية للدولة، مشيرا إلى أن المنظومة القانونية تدعمت في السنوات الأخيرة بمجموعة من القوانين والتنظيمات في مجال الوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل ومكافحتها.

وتطرق ممثل الحق العام إلى تفاصيل المواثيق التي أمضت عليها الجزائر في إطار محاربة ظاهرة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وكذا جميع القوانين التي جاء بها المشرع الجزائري خاصة الصادرة مؤخرا والتي تصل عقوبتها إلى 15 سنة حبسا نافذا.

كما فصّل في أساليب التحقيق في جرائم تبييض الأموال وتمويل الإرهاب والتي قال عنها إنها تعتمد في غالبها على التكنولوجيا الحديثة لعجز الأساليب التقليدية على مسايرة التطور التقني للجريمة.

وختم الوكيل منصوري تدخله بالتذكير بجهود الجزائر في مكافحة مثل هذه الظواهر، قائلا “الجزائر أثبتت التزامها بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب من خلال منظومة قانونية ومؤسساتية متكاملة”، مؤكدا أن المجهودات متواصلة لتعزيز التبادل المعلوماتي والمساعدة القضائية والتعاون بين الدول.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here