هذه حسابات ومزايا افتتاح أول بنك جزائري في فرنسا

هذه حسابات ومزايا افتتاح أول بنك جزائري في فرنسا
هذه حسابات ومزايا افتتاح أول بنك جزائري في فرنسا

أفريقيا برس – الجزائر. قال الخبير المالي والاقتصادي نبيل جمعة، إن افتتاح أول بنك جزائري في فرنسا، والأول من نوعه أيضا في القارة الأوروبية، ليس حدثا رمزيا، بل هي خطوة مالية لها وزنها الاستراتيجي، لأن الفكرة تشبه أخيرا فتح منفذ رسمي بين اقتصادييْن ظلا يتعاملان عبر قنوات غير فعالة أو مكبلة بقيود تنظيمية.

واعتبر الخبير جمعة أن المعنى المباشر لهذه الخطوة هو أن الدولة توسع حضورها المالي خارج الحدود، وتتحول من بلد مستقبل للعمليات البنكية الدولية إلى بلد يملك أدواته المالية في قلب أوروبا، وهذا الأمر يعطي الجزائر قدرة أكبر على متابعة التدفقات المالية، وتطوير منتجات خاصة بجاليتها، والحد من تبعية البنوك الأجنبية.

أما المعنى العميق لهذا التدشين، يضيف المتحدث، فهو دخول الجزائر للنظام البنكي الأوروبي بصفة فاعل وعدم البقاء كمتفرج، من منطلق أن وجود بنك جزائري في فرنسا يخلق قناة رسمية أكثر شفافية لتحويل الأموال من الجالية الجزائرية في فرنسا إلى الجزائر، وكذلك للمستثمرين الأوروبيين.

كما أن هذا البنك، يؤكد جمعة، سيشكل منصة لتسهيل التجارة والاستثمار نحو الجزائر والتجارة الخارجية، مشيرا إلى أن الحضور المالي يعزز صورة الجزائر كاقتصاد يسعى للخروج من الاعتماد على المحروقات.

وبخصوص سؤال عن التغييرات المحتملة في تحويلات الجالية المالية نحو البلاد، أوضح الخبير جمعة أن التحويلات تمر اليوم عبر بنوك فرنسية أو قنوات غير رسمية، مع رسوم وعمولات مرتفعة وآجال طويلة، مشيرا إلى أن المعاملات تخضع لمراقبة مزدوجة تزيد من التعقيد، لكن مع بنك جزائري في فرنسا، التغيير المتوقع يكون في عدة مستويات.

وأشار محدثنا إلى أن مستوى التغيير الأول يتعلق بتكلفة التحويلات التي ستنخفض، لأن البنك قادر على تقديم أسعار تحويل بين اليورو والدينار أكثر تنافسية، دون الحاجة لوسطاء ودون عمولات كبيرة، في حين أن المستوى الثاني يتمثل في سرعة التحويل التي سترتفع، لأن التحويل من بنك إلى فرعه أو نظيره في الجزائر يمر عبر شبكات داخلية.

مستوى التغيير الرابع، وفق المتحدث، يتمثل في أن التحويل يصبح قانونيا بالكامل، مما يسمح للجالية بالحصول على تاريخ مالي نظيف يمكن استعماله للحصول على قروض عقارية أو مشاريع استثمارية في الجزائر.

وبخصوص الإضافة التي سيقدمها هذا البنك للجالية والمستثمرين، شدد نبيل جمعة على أن المغتربين كانوا دوما رهينة بنوك فرنسية لا ترى في الجزائر سوى سوق تحويلات، لكن بوجود بنك جزائري قادر على تغيير قواعد اللعبة من خلال حسابات باليورو والدينار، سيسمح للجالية بإدارة أموالها بين البلدين بسهولة، كما أنه يقدم منتجات ادخار موجهة للجالية، لمن يرغب في الادخار والاستثمار في الجزائر.

ويمكن للبنك أيضا أن يقدم قروضا واستشارات استثمارية لتمويل مشاريع في الجزائر بشروط أقرب لواقع المستثمرين الجزائريين وليس الفرنسيين، فضلا عن تسهيل التجارة الخارجية بين الشركات عبر فتح الاعتمادات المستندية والضمانات البنكية وتمويل عمليات التصدير والاستيراد دون المرور ببنوك أوربية متعددة، وخصوصا تعزيز الثقة لأنه يتعامل وفق التشريعات الجزائرية والفرنسية معا ويعرف خصوصيات زبائنه وأهدافهم.

وكصورة أوضح وأوسع لهذه الخطوة، يرى نبيل جمعة أن بنك الجزائر الخارجي بفرنسا سيحول الجالية الوطنية من مجرد مرسل للأموال إلى فاعل مالي حقيقي في الاقتصاد الجزائري، كما أنه سيمنح المستثمرين بوابة مباشرة لدخول السوق الجزائري دون تعقيدات تنظيمية، لافتا إلى أن هذه الخطوة قد تتوسع ببنوك جزائرية أخرى إلى أوروبا مما يبنى جسرا ماليا متينا بين الجزائر واقتصاد الجالية في الخارج.

وعن توقيت افتتاح البنك الذي يتزامن مع فترة من التوتر غير المسبوق في العلاقات السياسية والدبلوماسية وحتى الاقتصادية بين الجزائر وباريس، اعتبر الخبير المالي والاقتصادي نبيل جمعة أن هذه الخطوة لا تعتبر مفارقة بقدر ما هي رسالة محسوبة بدقة.

وعلق بالقول “السياسة يمكن أن تتقلب لكن المال يحب الاستقرار ويبحث عن منفذ آمن وهذا الافتتاح يضع خطا واضحا مفاده أن القنوات الاقتصادية والمالية يجب أن لا تكون رهينة المزاج السياسي”.

ويمكن فهم المعنى الحقيقي لهذا الافتتاح الذي جاء في ظل سياق علاقات متوترة، بحسب جمعة، عبر عدة زوايا منها فصل الاقتصاد عن التوتر السياسي، فرغم كل الخلافات فإن فرنسا تبقى أكبر فضاء تتواجد فيه الجالية الجزائرية، وهي مصدر تحويلات مالية واستثمارات صغيرة وعمليات تجارية، ولذلك، فإن فتح بنك يعني أن الجزائر تريد حماية مصالح جاليتها واقتصادها من تقلبات العلاقات السياسية.

وقال في هذا الشأن “الرسالة بسيطة وهي أن المصالح الاقتصادية أطول عمرا عن الخلافات الظرفية”.

ويشرح المتحدث أنه يمكن فهم هذه الخطوة أيضا بإظهار ثقة في القدرة التفاوضية الجزائرية، لأن هذا الخيار يظهر أن الجزائر تتعامل مع أوروبا بمنطق الفاعل وليس المتأثر، وبأن البلد يوسع أدواته المالية في قلب باريس في لحظة كان من الممكن أن يختار فيها الانكماش، مشددا على أن هذا الأمر لا يحدث إلا عندما تكون الدولة واثقة من مسارها الاقتصادي وقدرتها على فرض أجندة مستقلة.

كما يمكن إدراج سياق الخطوة في خانة حماية حركة الأموال من أي تضييق خارجي محتمل في فترة توتر سياسي، حسب الخبير، لأن والتحويلات المالية يمكن أن تتعرض لتعقيدات تنظيمية، لكن وجود بنك جزائري داخل فرنسا يقلل هذا الخطر، لأنه يتيح قناة مباشرة تخضع للقانون الفرنسي لكنها محمية بوجود مؤسسة جزائرية رسمية، ما يقلل هامش التضييق على التحويلات الشرعية ويعطي للجالية بابا مستقلا نسبيا.

وختم الخبير نبيل جمعة تصريحه بالتأكيد على أنه من حيث الجوهر، فإن هذا الافتتاح وفي هذا التوقيت، ليس تناقضا بل خطوة هادئة تقول إن العلاقات قد تتقلب لكن المصالح البنكية والاستراتيجية لا تتجمد، لأن الاقتصاد يميل إلى بناء جسور حتى عندما تكون سياسة بصدد بناء الأسوار تبني الأسوار وهذا البنك هو أحد تلك الجسور، على حد تعبيره.

وكما هو معلوم، فقد جرى افتتاح ثلاثة فروع لبنك الجزائر الخارجي، الخميس، وهذا في إطار استراتيجية هذا البنك العمومي للتوسع على المستوى الدولي، حيث جرت مراسم تدشين هذه الفروع في كل من سان دوني وكورسال ومرسيليا، بحضور كل من رئيس مجلس إدارة البنك، الهادي سلطاني، والمدير العام بالنيابة، منير بلعلى، إضافة إلى المدير العام للفرع الدولي لبنك الجزائر الخارجي، محمد اليامين لبو، إلى جانب عدد من الإطارات والشركاء وأفراد الجالية.

واعتبر البنك في بيان له أن افتتاح هذه الفروع الثلاثة التابعة له بنسبة 100 بالمائة، يمثل “خطوة تاريخية جديدة”، و”محطة مهمة في استراتيجية التوسع الدولي”.

وأكد المدير العام بالنيابة بالمناسبة أن “هذا الحدث يمثل لحظة تاريخية لمؤسستنا، ومرحلة حاسمة في مسار توسعنا على المستوى الدولي”، مذكرا بأن “بنك الجزائر الخارجي، وهو البنك الأول في الجزائر والمصنف ضمن أفضل عشرة بنوك إفريقية سنة 2025، يواصل أداء مهمته في مرافقة النمو وتقديم حلول مبتكرة لعملائه”.

وأضاف بأن “افتتاح هذا الفرع جاء استجابة لحاجة حقيقية، وهي توفير شريك بنكي قريب من المستثمرين والفاعلين في التجارة الخارجية، قادر على فهم تطلعاتهم وتلبية احتياجاتهم بكفاءة”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here