العلاقات الجزائرية الفرنسية لن تعود كما كانت قبل 2024

العلاقات الجزائرية الفرنسية لن تعود كما كانت قبل 2024
العلاقات الجزائرية الفرنسية لن تعود كما كانت قبل 2024

أفريقيا برس – الجزائر. قال المؤرخ ورئيس لجنة بحث ملف الذاكرة من الجانب الفرنسي، بنجامان ستورا، إن العلاقات الجزائرية الفرنسية مهما تحسنت فلا يمكنها أن ترتقي إلى المستوى الذي كانت عليه قبل صائفة 2024، واتهم ستورا أطرافا فرنسية باتخاذ قضية الذاكرة “سجلا تجاريا”، في الصراعات السياسية داخل دواليب الدولة الفرنسية.

وأوضح بنجامان ستورا أن ماكرون حقق “تقدما بعض الشيء على صعيد قضية الذاكرة”، من خلال الاعتراف بمسؤولية الدولة الفرنسية في تصفية بعض رجالات الثورة التحريرية، على غرار كل من الشهيد البطل العربي بن مهيدي، والشهيد علي بو منجل، وشخصيات من جنسيات أخرى دعمت الثورة، في صورة المناضل موريس أودان، وفتح أبواب الأرشيف الفرنسي، وتخليد ذكرى مظاهرات 17 أكتوبر 1961، غير أن ذلك يبقى غير كاف.

وأضاف: “يمكن أن يتحقق تقدم على صعيد بعض الملفات، مثل الملف الأمني مثلا، ولكن يجب الحذر، لا يمكن بأي حال من الأحوال العودة إلى مرحلة ما قبل صائفة 2024، لأن خيبة الجزائريين كانت كبيرة من تلك الخطوة”، وكان يشير هنا ضمنيا إلى الرسالة التي بعث بها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى الملك المغربي محمد السادس في 30 جويلية 2024، والتي أكد من خلالها دعم باريس للسيادة المزعومة للنظام المغربي على الأراضي الصحراوية المحتلة.

وكان وزير الداخلية الفرنسي، لوران نونياز، قد جدد التأكيد في تصريحات صحفية الخميس، أنه ما زال مستعدا للذهاب إلى الجزائر من أجل مناقشة المسائل العالقة بين البلدين، تلبية لدعوة من نظيره الجزائري، سعيد سعيود، كما قال، غير أن موعد هذه الزيارة لم يتم تحديده بعد، في الوقت الذي أشارت مصادر إعلامية فرنسية إلى أن هذه الزيارة سوف لن تتجسد قبل نهاية الشهر الجاري، ما يؤشر على وجود عقبات في طريقها.

وانتقد رئيس لجنة بحث ملف الذاكرة من الجانب الفرنسي، خلال مشاركته في لقاء “سي تا فو” الذي يقدمه التلفزيون العمومي الفرنسي، ليلة الخميس إلى الجمعة، من يقولون إن الجزائر تتخذ من ملف الذاكرة كـ”سجل تجاري” للتوظيف السياسي، وقال إن هذا الملف قضية جد حساسة بالنسبة للشعب الجزائري، وليس كما يروج له البعض في فرنسا، لأن 132 سنة من الاحتلال، تخلف ذاكرة (ندوبا) ثقافية وسياسية حقيقية يصعب تجاوزها بسرعة.

ودعا المستشار لشؤون الذاكرة في قصر الإيليزي، إلى “إعادة بناء العلاقات بين الجزائر وباريس بشكل كامل، سياسيا واقتصاديا، ولكن أيضا على صعيد الذاكرة”، لأنه “لا يمكن معالجة قضية شائكة وصعبة في ظرف سنتين أو ثلاث، والمسؤولية الكبيرة تقع على عاتق فرنسا، لأن هناك الملايين من الجزائريين يعيشون في فرنسا”.

ويقول ستورا إنه لمس هذه الصعوبة خلال إعداده للتقرير حول الذاكرة الذي سلمه للرئاسة الفرنسية في 2021، حيث كشف عن عريضة وقعها أبناء “الحركى” لمنع تخليد جيزال حليمي، المحامية الفرنسية التي ناضلت من أجل القضية الجزائرية، ردا على التقرير سالف الذكر، وذلك بالرغم من مرور ستين سنة على انتهاء الحرب، وهو ما يؤشر برأي بنجامان ستورا، على أن ندوب الماضي التاريخي لا تزول بجيل أو جيلين، وهو ما يتطلب ديماغوجية خاصة تلقن على مستوى المدارس وفي السينما والتلفزيون، وهو توجه بدأه الرئيس الفرنسي، يقول ستورا، في سنة 2020 وتوقف تماما في سنة 2024، بعد انحيازه للنظام المغربي في قضية الصحراء الغربية.

وذكر الخبير المختص في العلاقات الجزائرية الفرنسية، أن الطرف الفرنسي يوظف بدوره ملف الذاكرة سياسيا، وأشار إلى أن الأحزاب اليمينية واليمينية المتطرفة، التي لاتزال إلى غاية اليوم تستحضر الحديث عن الجزائر، في سياق التباكي على ضياع جزء من التراب الفرنسي، على اعتبار أن الجزائر كانت محتلة وملحقة إداريا بالدولة الفرنسية، وليس كما هو الشأن بالنسبة لكل من تونس والمملكة المغربية، اللتان كانتا مجرد محميتين فرنسيتين.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here