أفريقيا برس – الجزائر. استغل رموز اليمين المتطرف في فرنسا، ممثلين في زعيمة حزب “التجمع الوطني”، مارين لوبان، وساعدها الأيمن، جوردان بارديلا، الذكرى الـ120 لسن قانون “الحرية الدينية”، ليهاجما الدين الإسلامي ومن ورائه الجاليات التي تدين به، وعلى رأسها الجالية الجزائرية، التي تعتبر الأكبر بين نظيراتها.
وعلى الرغم من أن هذا القانون، يضمن الحرية الدينية في فرنسا ويؤكد على أنها مكفولة بالحقوق الدستورية المنصوص عليها في “إعلان حقوق الإنسان والمواطن” لعام 1789، استنادا لمبادئ الثورة الفرنسية، إلا أن اليمين واليمين المتطرف يصران على لي عنق هذا النص القانوني، ويصران على إقحام الدولة عبر سن قوانين تمنع أبناء الجاليات المسلمة المقيمة على التراب الفرنسي، من ممارسة عقائدهم وشعائرهم وتقاليدهم.
وكتبت زعيمة اليمين المتطرف، مارين لوبان، في حسابها على منصة “إكس”، الثلاثاء التاسع من ديسمبر 2025، بمناسبة هذه الذكرى: “إن الاحتفال بالذكرى المائة والعشرين لقانون الفصل بين الكنيسة والدولة يجب أن يذكر كل فرنسي بأن مبدأ العلمانية الذي ينبع منه، يتعرض اليوم للانتهاك والتهديد بسبب صعود الطائفية الإسلامية، بتشجيع من اليسار واليمين، اللذين أدارا ظهرهما للجمهورية”.
وفي تجييش واضح ضد أبناء الجالية المسلمة، قالت مارين لوبان في تغريدتها: “..هذا المبدأ (تشير إلى اللائكية) غير قابل للتفاوض، فهو ضمان تماسكنا الوطني، إذ يسمح لكل فرد في بلدنا بالإيمان أو عدمه، ويمنع أي دين من التعدي على المجال العام، ويستبدل القوانين المدنية بأخرى دينية”.
وتحاول مارين لوبان في منشورها الإيحاء بأن أبناء الجالية المسلمة، يعتدون على قانون اللائكية، من خلال ارتداء النساء المسلمات والتلميذات للزي الإسلامي، في الفضاءات العامة، وهو النقاش الذي يحاول هذه الأيام رموز اليمين واليمين المتطرف فرضه على الرأي العام في فرنسا، من خلال الترسانة الإعلامية التي يسيطر عليها هذا التيار المهووس بمعاداة المهاجرين، وبمحاربة الدين الإسلامي.
ولم يتخلف ساعدها الأيمن، جوردان بارديلا، الذي يقود حزب “التجمع الوطني” بالوكالة عنها، في التعدي على الحقوق المكفولة للجالية المسلمة، استنادا على قانون الدولة الفرنسية، حيث الملايين من الفرنسيين الذين يدينون بالإسلام، بأنهم يهددون مبدأ العلمانية، على حد زعمه.
وقال جوردان بارديلا في “تغريدة” له الثلاثاء التاسع من ديسمبر 2025، على حسابه في منصة “إكس”، قائلا: “إذا كان مبدأ العلمانية معرضا للتهديد اليوم، فذلك يعود بالأساس إلى الإسلاموية، ومطالبها السياسية والدينية، ورغبتها في غزو المجتمع (الفرنسي) بأسره”.
وأضاف: “نحتفل اليوم بالذكرى المائة والعشرين لقانون عام 1905، الذي يرسخ فصل الدين عن الدولة ويشكل أساس الرؤية الفرنسية للعلمانية. يواجه هذا المبدأ اليوم تهديدا. وعلينا أن نتحلى بالشجاعة لنحدد من يهدده: فليست المواكب التقليدية في جنوب فرنسا، ولا مشاهد ميلاد المسيح التي تعد مصدر فخر خاص لبروفانس (منطقة بجنوب فرنسا)”.
ويتضح من كلام هذا السياسي اليميني المتطرف الذي ينحدر من عائلة مهاجرة، أنه يستثني أبناء الفرنسيين من الطائفة المسيحية الذين يشكلون الأغلبية في المجتمع الفرنسي ولا حتى أبناء الطائفة اليهودية، ولكنه بالمقابل، يلقي باللائمة على الفرنسيين من أبناء الجالية المسلمة، في تهديد مبدأ العلمانية، الذي يرسخ قانون 1905، حقوقهم في حرية اختيار الدين الذي يعتنقونه.
ويخلص في تغريدته الفجة إلى إعلان عدائه الصريح ضد الإسلام، وعنصريته ضد أبناء الجالية المسلمة، بقوله: “إن الدفاع عن العلمانية ضد أعدائها الحقيقيين يعني الصمود في وجه الإسلاموية، والجرأة على تسميتها ومواجهتها وجها لوجه”.
ومنذ عام 1905 أصبحت فرنسا دولة علمانية، واتبعت الحكومة الفرنسية مبدأ “اللائكية”، وهي تضمن الحرية الدينية، كما جاء في الفقرة الأولى من هذا القانون: “الجمهورية تؤكد على حرية العقيدة. فهي تضمن حرية ممارسة العبادة الدينية تحت القيود الوحيدة لخدمة المصلحة والنظام العام”.
ورغم أن النصوص القانونية واضحة، وهي عدم تدخل الدولة في الدين مع ضمان حرية العقيدة، إلا أن السياسيين اليمينيين واليمينيين المتطرفين في فرنسا، يضغطون من أجل سن قوانين تقيد حرية المسلمين في تأدية شعائرهم الدينية، ووصل بهم الأمر حد منع الصوم على الأطفال الذين هم دون 16 سنة، ومنع الخمار على الفتيات أيضا، في تدخل سافر للحقوق، وانتهاك واضح وصريح لقانون 1905، الذي أخل به رموز اليمين بالدعوة للتضييق على الفرنسيين المسلمين.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس





