أفريقيا برس – الجزائر. مع حلول نهاية السنة الجارية، واستقبال السنة الجديدة 2026، تبرز ولاية تيميمون كوجهة سياحية صحراوية متميزة، تجمع بين الأصالة والحداثة، حيث بحلول الشهر الجاري تشهد توافداً ملحوظاً للسياح من داخل الوطن وخارجه، إذ تجاوز عدد السياح الجزائريين 18 ألف سائح فيما فاق عدد الأجانب 1900 سائح خلال 11 شهرا الماضية، وسط توقعات بارتفاع عدد السياح مع اقتراب نهاية شهر ديسمبر الجاري وحلول السنة الميلادية الجديدة، علما أن قطاع السياحة بالولاية يحصي 13 مؤسسة فندقية، ومخيمات ومحطات استراحة، وقرى العطل، بطاقة استيعاب تقدر بـ 685 سريرا، تقع في أغلبها ببلديتي تيميمون وأولاد سعيد، وهو ما يعكس الاهتمام المتزايد بالسياحة الصحراوية، وما توفره السلطات من تسهيلات أمنية وإدارية، خاصة ما تعلق بإجراءات التأشيرة للسياح الأجانب.
مقومات تجمع بين التاريخ والطبيعة
تزخر ولاية تيميمون، المعروفة أيضا بإقليم قورارة، بمقومات سياحية فريدة ومتنوعة، تجمع بين التاريخ والطبيعة، من باب السودان والقصر القديم والمتحف البلدي، إلى الواحات والكثبان الرملية والقصور الحمراء ذات الطابع العمراني المميز، إضافة إلى المغارات والأضرحة والمسارات السياحية الكلاسيكية، التي تحتفظ بالمخطوطات والفقارات كجزء من التراث المادي واللامادي لقصور الجهة بمختلف بلدياتها العشرة، حيث إلى جانب المهرجانات السياحية والبطولات الرياضية، يعد أسبوع المولد النبوي الشريف أحد المواسم السنوية التي تستقطب آلاف الزوار من داخل وخارج الولاية.
مهرجانات دولية للتعريف بالهوية الثقافية
وقد ساهمت المهرجانات الأربعة التي نظمت خلال السنة الجارية في تنشيط الحركة السياحية، وإبراز الهوية الثقافية المحلية، مما جعل تيميمون مزارا سياحياً معروفا على الصعيدين الوطني والدولي، من بينها المهرجان الدولي للفيلم القصير، والمهرجان الدولي للسياحة الصحراوية والذي رافقه مهرجان توبر للتمور، والمهرجان الدولي للكسكس، والذي عرف مشاركة دول من مختلف القارات، كما تم تنظيم الطبعة الـ 17 من المهرجان الثقافي لفن “اهليل” المصنف منذ 2025 تراثا عالميا من قبل اليونيسكو، والذي تزامن تنظيمه هذه السنة مع العطلة الشتوية وحلول نهاية سنة 2025، ورغم هذه المؤشرات الإيجابية، لا يزال قطاع السياحة بحسب رئيسة مصلحة السياحة بمديرية السياحة والصناعة التقليدية لولاية تيميمون، يواجه تحديات تتعلق بضعف تهيئة بعض المسالك السياحية، ونقص اليد العاملة المؤهلة، ومحدودية الاعتمادات المالية، وضعف النشاط الجمعوي، وهو ما يستدعي فتح المسالك الآمنة، وإنشاء مدارس ومعاهد متخصصة في السياحة والفندقة بالمنطقة، لدعم القطاع، والعمل على نشر الثقافة السياحية في الأوساط الشعبية والتربوية، في ظل تطلع القطاع لبرمجة المزيد من النشاطات السياحية على مستوى المؤسسات الفندقية، وفق التنظيم المعمول به، والمشاركة في الاحتفالات في مختلف الأعياد الوطنية والمحلية، بالتنسيق مع مختلف القطاعات، وترشيد الاستثمار السياحي، وكذا القيام بعمليات تحسيسية خلال موسم السياحة الصحراوية، بالتنسيق مع قطاع التجارة واللجان المختلطة لأعوان السياحة والصناعة التقليدية.
بنية فندقية متنامية والنقل الجوي حلقة وصل أساسية
ومع حلول السنة الجديدة 2026، تتجه الأنظار نحو تعزيز الاستثمار السياحي وترشيده وتطهير مدونة المشاريع الاستثمارية بشكل دوري من قبل اللجنة الولائية المختصة، وإعادة النظر في خريطة هياكل الاستقبال، بتشجيع الاستثمار بكل البلديات، حيث تفتقر أغلب البلديات لمخيمات وفنادق، كاوقروت ودلدول والمطارفة وشروين وأولاد عيسى وطلمين، كما لا تتوفر على ناشطين في المجال سواء ضمن جمعيات أم وكالات أو مرشدين، ما يستوجب أيضا الترويج المكثف للسياحة على المستوى المحلي باعتبارها رافدا اقتصاديا، بما يعزز صورة تيميمون كوجهة سياحية وطنية وعالمية بالنسبة للسياح الأجانب والسفراء الدوليين، لتكريس دورها الاقتصادي والثقافي في التنمية وإنعاش القطاع السياحي بالجنوب الجزائري، وإبراز أصالة الصحراء وثرائها أمام العالم باعتبار قطاع السياحة قطاع اقتصادي بالدرجة الأولى.
ويشكل النقل الجوي من ولايات الشمال خاصة، والدول الأوروبية نحو مطار تيميمون، أحد أهم الروابط التي تصل هذه المنطقة بمختلف المدن الكبرى وأوروبا، حيث تعتمد الرحلات أساساً على الخطوط الجوية الجزائرية، التي تؤمن رحلات مباشرة من الجزائر العاصمة بمعدل رحلتين إلى ثلاث رحلات أسبوعياً، وغالباً في المساء، وأخرى من وهران بمعدل رحلة واحدة أسبوعياً، هذه الرحلات ورغم محدوديتها، إلا أنها تكتسي أهمية كبيرة في تعزيز السياحة التي تشتهر بها تيميمون، من خلال تسهيل وصول الزوار خاصة السياح الأجانب عبر رحلات غير مباشرة من مدريد وباريس مرورا بمطاري احمد بن بلة بوهران وهواري بومدين بالعاصمة.
وعلى خلفية محدودية عدد الرحلات يلجأ أغلب السياح إلى الحجز المبكر خاصة في موسم النشاط السياحي، كما أن غياب الرحلات المباشرة من أوروبا يفرض على السياح الأجانب المرور عبر الجزائر العاصمة أو وهران قبل مواصلة رحلتهم نحو المنطقة، وهو ما يعكس حاجة الأخيرة إلى تعزيز النقل الجوي لمواكبة الاهتمام المتزايد بالسياحة الصحراوية، وتثمين التراث المحلي، في ظل عدم قدرة النقل البري على تلبية حاجيات السياح في التنقل إلى تيميمون، بسبب بعد المسافة بينها وبين مدن الشمال، خاصة الجزائر العاصمة ووهران وعنابة وقسنطينة، والتي لا تقل عن 1000كلم.
وتعرف أسعار الرحلات الجوية نحو تيميمون تفاوتا ملحوظا، حيث يظل عامل نقطة الانطلاق مؤثراً بشكل مباشر على تكلفة التذكرة، فالمسافر من وهران يستفيد عادة من رحلات مباشرة بأسعار في متناول الجميع مقارنة بأسعار خط الجزائر تيميمون، وهو ما يجعلها خياراً مناسباً للراغبين في زيارة قصيرة أو عطلة نهاية السنة، أما القادم من الجزائر العاصمة، فيجد نفسه أمام أسعار أعلى نسبياً، وغالباً ما تكون الرحلة غير مباشرة وتتطلب التوقف في وهران، مما يزيد من مدة السفر ويؤثر على الراحة، غير أن الأسعار ليست ثابتة، إذ تطرح شركة الخطوط الجوية الجزائرية بين الحين والآخر عروضاً وتخفيضات موسمية، خاصة في فترات الأعياد والمناسبات الوطنية، مما يتيح للسائح فرصة الحصول على تذكرة بسعر أقل بكثير من السعر العادي، خصوصاً إذا قام بالحجز المبكر أو استغل العروض الخاصة بالعائلات والجماعات، إذ يعد الحديث عن تخفيض الأسعار، عاملاً مشجعاً على زيارة تيميمون والولايات الجنوبية في الموسم السياحي الصحراوي، وبخاصة مع نهاية السنة، حيث تعد تيميمون واحدة من الوجهات المفضلة لقضاء ليلة حلول السنة الجديدة، من خلال حضور عدة أنشطة موسيقية وسهرات فنية وتراثية، وهو ما يعكس إرادة مختلف الأطراف في دعم السياحة الداخلية وربط المواطن بموروثه الثقافي والصحراوي، وهو ما يجعل من كل رحلة إلى تيميمون فرصة لاكتشاف جمال الواحات والقصور الأثرية بأقل التكاليف.
رغم التحديات… “قورارة” تتطلع إلى مستقبل واعد
ختاما تؤكد كل المؤشرات أن تيميمون باتت قطباً صحراوياً واعداً، يجمع بين الأصالة والحداثة، حيث ساهمت المهرجانات الدولية والمقومات الطبيعية والتاريخية في تعزيز مكانة الولاية على الصعيدين الوطني والدولي، ورغم التحديات المرتبطة بضعف التهيئة ونقص اليد العاملة المؤهلة، ومحدودية النقل الجوي، فإن الإرادة المشتركة بين السلطات والمجتمع المحلي والمستثمرين، تبشر بآفاق جديدة مع حلول العام 2026، من خلال ترشيد الاستثمار وتكثيف الترويج للسياحة الصحراوية وطنيا ودوليا، بما يعزز صورة تيميمون كوجهة عالمية، ويكرس دورها الاقتصادي والثقافي في التنمية المستدامة للجنوب الجزائري.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس





