مكانة الجزائر لا يمكن إنكارها ولها القدرة على خلق توازن سياسي وعسكري

26

الجزائر – افريقيا برس. يصف رئيس الرئيس السابق للمؤتمر الوطني العام الليبي، نوري أبو سهمين، الذي أسس، بداية الشهر، تشكيلة سياسية اسمها “يا بلادي”، الجزائر بالدولة المؤثرة والقادرة على خلق توازن سياسي وحتى عسكري في بلاده.

وينفي أبو سهمين ما يقال بشأن ارتباط تيار “يا بلادي” مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ويؤكد في هذا الحوار مع “الشروق”، أن أردوغان لم يستغل الشارع الليبي عبر تنظيم الإخوان، حتى يعقد تحالفات مع تشكيلته السياسة الجديدة، ويدين أبو سهمين الخطوة المصرية الأخيرة التي تسعى لتنفيذ تدخل عسكري في ليبيا وتسليح القبائل الليبية.

ويتحدث أبو سهمين الذي يعد واحدا من أهم السياسيين الذين تصدروا المشهد بعد سقوط نظام معمر القذافي، عن التدخلات الخارجية في بلاده، وعجز الأمم عبر مبعوثيها لحل الأزمة التي دخلت عامها التاسع.

بداية الشهر أعلنتم تأسيس حزب سياسي تحت اسم يا بلادي، أي مرجعية يحملها الحزب، وما الغاية من هذه التشكيلة الحزبية؟
مرجعية تيار يا بلادي يمكنكم استنتاجها من عنوان التيار، فالوطن هو المرجعية ولا شيء غير الوطن.

عندما نتناجى باسم يا بلادي الكل ضمن هذه الدائرة يدرك جيدا أنه لا مجال للتأخر أو تأجيل اللقاء وضرورة الإسراع نحو المضي قدما نحو بناء الدولة الجديدة وترميم ما يمكن ترميمه.

هل حزبكم يضم جميع مؤيدي فبراير، أم إنه مفتوح للجميع، وهل سيتم عقد تحالفات مع الأحزاب التي تقف ضد عودة العسكر؟
نتمنى ونتأمل أن يضم كل مواطن حر يعشق الحرية وينبذ الظلم والاستبداد وينادي بدولة العدل والقانون ويكره الطغيان وحكم الفرد وينشد الأمن والأمان ويسعى إلى القيام بالواجبات وينعم بالحقوق في ظل دولة عادلة وحكم مدني يؤمن بصندوق الانتخابات والتداول السلمي للسلطة.

كنت على رأس السلطة التشريعية في البلاد، والبعض يرى فترة تسييرك بأنها فاشلة بسبب سطوة المليشيات ووقوعك تحت الابتزاز، ماذا ستقدم بـ “يا بلادي”؟
كنت ضمن 200 عضو بالمؤتمر الوطني العام تم انتخابهم في أول تجربة ديمقراطية، وهذا العدد كان نتاج اختيار تلك الديمقراطية من الشعب الليبي مباشرة وفعلا كنت على رأس هذه السلطة التشريعية في مرحلة ما بعد استقالة الرئيس الأول للمؤتمر، والنجاح والفشل عاملان يواكبان أي عمل إنساني في حياتنا، والإنسان بطبيعته معرض للخطاء والمرحلة التي كنت فيها رئيسا للمؤتمر الوطني أتحمل فيها ما قد نجحت في إدارته، وكذلك أتحمل مسؤولية كل ما قد يكون فشلا أو لم أحقق فيه ما كنت أصبو إليه من أداء حسن.

أما ما قد يوصف بأنني كنت تحت سطوة المليشيات وتحت ابتزازها فموقعي التشريعي لا يصنع مني هدفا لمن هدفه الابتزاز والتهديد للحصول على المكاسب المالية والعينية.

خصوكم في الداخل والخارج، اعتبروا تأسيس الحزب لعبة جديدة يديرها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هذه الأيام لاختراق المشهد السياسي الليبي بعد أن تأكد من عجز جماعة الإخوان عن استقطاب الشارع على حد تعبيرهم؟
نحن لم نؤسس حزبا بل دعونا إلى تكوين تيار سياسي في المرحلة الحالية والخصوم الذين أشرتم إليهم ربما تقصدون صفتي رئيسا للمؤتمر الوطني العام وحديثي معكم الآن بصفتي رئيسا لتيار يا بلادي.

أما أن دعوتنا لتكوين هذا التيار قد يعتبرها البعض لعبة جديدة يديرها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لاختراق المشهد الليبي، أقول لكم أنا مسؤول وأسأل عن أي عمل وإن وصفتموه لعبة سياسية أقوم بها أنا وليس غيري، وفي الوقت ذاته لم أعلم مطلقا حتى في فترة عضويتي أو رئاستي للمؤتمر الوطني العام أن الرئيس التركي أردوغان استقطب في الماضي الشارع الليبي عن طريق جماعة الإخوان المسلمين حتى يكون في حاجة إلى من يشارك في لعبة جديدة وباسم حزب جديد أو تيار.

علاقتنا بتركيا والنظام فيها فترة رئاستي مبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة ومراعاة عدم التدخل في الشؤون الداخلية.

هل يمكن توصيف ما حدث في ليبيا بأنه نتاج الثورة المضادة للإطاحة بالإسلام السياسي من ليبيا، وتحديدا جماعة الإخوان، من أنظمة معادية للجماعة؟
التوصيف الصحيح أن القوة المضادة للثورة وليست الثورة المضادة لأن الثورات تتبنى القيم والمبادئ السامية وتعبر عن إرادة الشعوب المتعطشة للحرية والرافضة لحكم الفرد والاستبداد.

أو القوة المضادة للثورة وهي التي تعشق الاستبداد والذل وتركع للمستبدين الطغاة وهي تحاول دائما ترسيخ الديكتاتورية وحكم الفرد وحكم العائلة.

الجزائر تصف ما يجري ببلدكم بأنه “حرب بالوكالة”، هذه الحرب تظهر فيها تركيا وقطر من جهة ومصر والإمارات من جانب آخر، دون إغفال فرنسا وروسيا، على هذا الأساس كيف يمكن الوصول إلى تسوية تنهي هذه الحرب وتجنب تحويل ليبيا إلى صومال، وهذا ما تخشاه الجزائر على لسان وزيرها للخارجية؟
إذا كانت الجزائر متيقنة من هذا الوصف أقصد السلطة الحاكمة بالجزائر فالسؤال الذي يطرح نفسه لماذا بقيت الجزائر هكذا ولا يليق أن تبقى الجزائر العظيمة بلد المليون ونصف المليون شهيد وهي البلد الذي جمعته بليبيا الآمال والآلام وعبر عدة محطات في مقاومة الاستعمار الفرنسي والاستعمار الإيطالي تعاضد الشعبان في المقاومة وجمعهما ميدان الجهاد ضد الاحتلال، فكيف تبقى هكذا منذ 2011م إلى الآن أن تجرى حرب بالوكالة على الأرض الليبية كما تصفها وتتفرد بهذه الحرب دول سواء تركيا وقطر من جهة ومصر والإمارات من جانب آخر إضافة إلى فرنسا وروسيا.

إذا الموقف الذي يجب أن تتخذه بل اتخذته الجزائر هو ليس الخشية فقط بل الوقوف مع ليبيا وشعبها على أساس من الحق والعدل والإنصاف ومنع المعتدي.

لا يليق بالجزائر أن تقف موقف المتفرج بل يجب أن يكون دورا إيجابيا، وإذا سألتني فأنا شخصيا أصرح بأن هناك فرقا بين من ناصر المعتدي والانقلابيين ومن ناصر المظلومين وساهم في استتباب الشرعية والمشروعية.

فمصر والإمارات انحازا علنا مع الانقلابيين والمعتدين بل شاركوا حتى في الاعتداء. أما قطر وتركيا فالتزما مناصرة الدولة المدنية ورفض من يتعامل مع الانقلابيين وتعاملوا مع أجسام منبثقة من الشعب ومن انبثق عنها من حكومات أو لاحقا مع أجسام بمعيار التوافق بما يسمى بالمجتمع الدولي وقرارات مجلس الأمن وكانت مصر والإمارات وفرنسا وروسيا من ضمن هذه المنظومة.

في اعتقادك أي أوراق يمكن أن تلعبها الجزائر للمساهمة في تحقيق السلم؟
اعتقد أنه يتوجب على الجزائر أن يكون لها دور فعال في تحقيق السلم وخاصة أنه لم يكن لديها دور في الحرب، ولا يعني أن تبقى الجزائر محايدة الحياد السلبي أثناء الحرب، بل أيضا كان من الأولى أن تساهم في تجنيب ليبيا هذه الحروب والسبب في ذلك لأن مكانة الجزائر الإقليمية والدولية لا يمكن أن ينكرها أحد وبالتالي يمكنها أن تساهم مساهمة مباشرة وغير مباشرة في خلق توازن سياسي بل حتى عسكري بالطريقة التي هي تراها بالتأكيد، وبما يناسب تطلعاتها وفقا لدورها التاريخي وعمقها الجغرافي ومكانتها كإحدى الدول المؤثرة خاصة بالاتحاد المغاربي والأفريقي على وجه الخصوص، ونتطلع من الرئاسة الجزائرية إلى أن تخطو خطوات سريعة نحو القيام بدور فاعل.

أثارت الاتفاقية الموقعة بين حكومة الوفاق وتركيا، الكثير من اللغط، إلى درجة توصيفها بأنها احتلال تركي لبلادك، كيف تقرأ هذا الأمر، ولو كنت في مكان السراج، هل كنت ستتخذ نفس الخطوة؟
من يتحمل مسؤولية إدارة أي بلد يجب أن يكون مدركا لاتخاذ ما يلزم لحماية بلده وما هو معلوم في مجال العلاقات الدولية والاتفاقيات بين الأطراف أنه يتوجب عقد هذه الاتفاقيات على أساس تستند فيه على حفظ سيادة الوطن وعدم التدخل في شؤونه بما يتلاءم مع توفير الحد المطلوب لدعم قوة الدولة العسكرية والأمنية.

ألا تعتقد أن إقامة القواعد العسكرية الأجنبية في ليبيا، يجب أن يراعي مواقف دولتي الجزائر وتونس، المتحفظتين تجاه هذا الأمر، وإعلانهما صراحة رفض التدخل الأجنبي؟
بالتأكيد الدول المجاورة لبعضها يجب أن تراعي حق الجوار وعدم المساس بالأمن القومي الذي يجمعهم ولكن هذا السؤال يظل قائما واستفهام في صيغة سؤال هل راعت الجزائر وتونس ليبيا المجاورة لهما في أي اتفاق عسكري أو أمني أبرمته هذه الدول مع دول أجنبية.

مبادرة سياسية أطلقتها مصر، قبل فترة بحضور عقيلة صالح وخليفة حفتر، وقبل ساعات تحصل القاهرة على تفويض من بعض القبائل، لتنفيذ تدخل عسكري، هل تتوقع حصول تدخل عسكري مصري؟
الشعب الليبي لا ينتظر أي مبادرة من النظام المصري كما أن مصطلح تفويض من القبائل هذا شيء مضحك ومخجل ولا يليق إلا بمن اصطنع هذا المصطلح وهو الانقلابي نفسه.

البعض يطرح عودة “القذاذفة” إلى الحكم، والمقصود هنا سيف الإسلام القذافي، هل من الوارد حصوله، خاصة مع استمرار الهوة بين فرقاء الأزمة؟
القذاذفة إحدى القبائل الليبية المحترمة ولهم مكانتهم بالمجتمع الليبي وهم مازالوا بليبيا لأنهم جزء من هذا الوطن ولم يخرجوا منها لكي نطرح عودتهم. أما وجودهم في الحكم أو عودتهم إليه بمفهوم الحكم السابق الذي كان على رأسه من قاد ذلك النظام من القذاذفة فكان النظام حسب ما رآه رأس النظام أن الحكم جماهيري يتساوى فيه الليبيون جميعا فلماذا ننسب إليهم ما لم يزعموه.

أما عودة سيف الإسلام إلى الحكم فهو أيضا لم تكن له وظيفة في الحكم عدا أنه ابن معمر القذافي ولا يستطيع أحد أن ينتزع منه هذه الصفة.

لماذا فشل اتفاق الصخيرات، الذي رعته الأمم المتحدة، في إعادة السكة إلى ليبيا؟
هذا السؤال أعتقد لو سنحت لكم الفرصة في تقديمه لبعثة الأمم المتحدة بليبيا والدول الراعية لذلك الاتفاق والأطراف الليبية التي وقعت على الاتفاق وتعهدت بأنها قادرة على إعادة السكة إلى ليبيا حسب ما جاء في سؤالكم.

من ليون إلى كوبلر وسلامة، لا أحد من المبعوثين الأمميين حقق المطلوب في ليبيا، لماذا، هل يتعلق الأمر بالأسماء، أو بما يحيط بهذه المهمة؟
مهمة المبعوث الأممي مهمة تسييرية بين الأطراف وهو موظف بقرار واختصاصه الوظيفي محصور بنصوص في ذلك القرار أو بقرارات لاحقة وفقا لمتغيرات الأحداث بالساحة التي يكلف بإدارة الأزمة بها.

إضافة إلى أن الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن يكون لها الدور الفاعل في إدارة اللعبة السياسية وفقا لمصالحها وللتحالفات الإقليمية والدولية تجاه ملف الدولة المرسل إليها.

بالتأكيد أن المبعوث نفسه يكون له دور قد يكون إيجابيا وقد يكون سلبيا في مدى تفاعله مع المهمة أو فهمه أو نقول تفهمه وأبعد من ذلك ربما تكون له حتى مؤثرات شخصيا وفقا لعقيدته السياسية نحو الملف المكلف به ويبقى ذلك دائما من مسؤولية الأمين العام للأمم المتحدة لأنه هو المسؤول المباشر عن تقييم أداء البعثة بأكملها.

هل نضجت الظروف الدولية والإقليمية لإيجاد حل للأزمة في ليبيا؟
من يجب أن ينضج هم الليبيون لإيجاد حل وبالتأكيد على رأسهم من يتولى تسيير الأمور والأطراف الفاعلة التي تزعم أنها بالمشهد السياسي وكل من يملك أن يؤدي دورا إيجابيا للعبور بليبيا إلى بر الأمان.

ماذا عن دور الجامعة العربية؟
أتمنى أن تستفيق من نومها العميق إذا أردنا أن نكون متفائلين بالخصوص أما إذا أردنا أن نكون واقعيين فهي في حكم الموتى دون أن تكون لهم مقبرة معلومة.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here