الرئيس تبون يلم شتات السياسيين

24

تتجه مياه المشهد السياسي الراكدة، نحو التحرك بعد أشهر من الركود فرضته تداعيات فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، ويجسد هذا الاعتقاد، استقبال الرئيس عبد المجيد تبون، وفدا عن ممثلي “مبادرة القوى الوطنية للإصلاح”.

ويقف خلف “مبادرة الإصلاح” مجموعة من الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والجمعوية، يتقدمهم كل من المرشح السابق للانتخابات الرئاسية، عبد القادر بن قرينة، رئيس حركة البناء الوطني، وبلعيد عبد العزيز، رئيس جبهة المستقبل، والطاهر بن بعيبش، رئيس حزب الفجر الجديد، وهي فعاليات انخرطت في مسار الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

وكان أصحاب هذه المبادرة قد التقوا الثلاثاء المنصرم بفندق الأوراسي، وقرروا حينها رفع أرضية هذه المبادرة إلى رئيس الجمهورية، ولم يلبث أن تفاعل القاضي الأول مع أصحاب هذا المسعى، بعد يوم فقط من الإعلان عنها، وقد عبر عن ذلك بقوله: “الحمد لله رأينا مبادرات تثلج الصدور، فعلا تثلج الصدور حينما نرى سياسيين واعين وأحزابا وجمعيات ورجالا وطنيين يجتمعون لدعم الاستقرار والتغيير التدريجي والسلمي في بلادنا”.

وبدا واضحا أن جسور التلاقي بين الرئيس وجزء من المعارضة مطلوبة من الطرفين، وأن التناغم بشأن تسيير المرحلة المقبلة قائم، وقد عبر بن بعيبش بشأن ذلك بقوله: “هذا الأمر نثمنه، لأن السلطة واعية اليوم بظروف المرحلة، وطرحنا في المبادرة لا يختلف كثيرا عن ذلك، هم يريدون الإصلاح ونحن تبنينا المسعى ذاته، وهي تحتاج لمن يدعمها في مسعاها، فالهدف واحد والاختلاف موجود في طريقة تجسيد هذا الهدف، والذي هو بحاجة لتوافق وإجماع حوله، فنحن نسعى لتحقيق إجماع وطني حول هذه المبادرة”.

وليست المرة الأولى التي استقبل فيها الرئيس تبون وجوها سياسية معارضة، لكنها المرة الأولى التي يستلم فيها مبادرة لتكتل سياسي من أصحابها مباشرة، وتأكيده أيضا التعاطي معها من منطلق أن هدف الطرفين واحد وهو القيام بإصلاحات لإنقاذ البلاد من أزمتها السياسية والاقتصادية، وكذا مواجهة المتاعب الوبائية التي تعاني منها البلاد.

ويعتبر هذا التوجه نهجا مغايرا لذلك الذي سلكه نظام الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، والذي كان يحتقر المعارضة، بل ويقوم من خلال أذرعه المختلفة بتفجير أي تكتل سياسي، أو أي حزب لا ينخرط في توجه السلطة أو لا يتقاسم معها أجندتها.

ويتذكر الجميع كيف تعاملت السلطة السابقة مع أرضية مزفران، التي شاركت فيها مختلف القوى السياسية والفعاليات النقابية والجمعوية، فبدل أن تجلس معها على الطاولة، وتطرح خارطة الطريق التي تبنتها المعارضة للنقاش، راحت تهاجمها بشكل فج، بل وسعت إلى محاولة تفجير هذا التكتل السياسي من الداخل، كما حاولت إيهام الرأي بتبني تلك المطالب، لكن بشكل مشوّه، في محاولة منها لسحب تلك الورقة من أيدي المعارضة.

ويستشف مما سبق، أن الرئيس تبون يسعى إلى تغيير أسلوب عمل السلطة في التعاطي مع خصومها السياسيين، والسعي إلى الاستفادة من أخطاء السلطات السابقة، التي كانت سببا في نزول الجزائريين إلى الشارع بشكل غير مسبوق، ذات 22 فبراير 2019، ويبقى مشروع تعديل الدستور امتحانا حقيقيا لمدى نجاح هذا المسعى من عدمه.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here