الحملة الانتخابية تنعش المؤسسات المتعثرة

9
الحملة الانتخابية تنعش المؤسسات المتعثرة
الحملة الانتخابية تنعش المؤسسات المتعثرة

افريقيا برسالجزائر. حددت أغلبية الأحزاب الميزانية التي رصدتها لتمويل الحملة ودعم مرشحيها في مختلف المدن، وهذا قبل انطلاق الحملة الانتخابية بأيام للاستحقاق التشريعي المقرر في 12 جوان. وفي الوقت الذي تعتزم فيه مختلف التشكيلات السياسية، والقوائم الحرة، الإنفاق بسخاء على أمل إقناع المواطنين بالتصويت لصالحها، فإن فئات أخرى تستفيد وإن بشكل متفاوت من هذا السخاء المالي للأحزاب والقوائم الحرة، التي تظهر “كرما حاتميا” طيلة فترة الحملة، ما يجعل العديد من المؤسسات المشتغلة في مجال التواصل، الطباعة وكراء السيارات تتسابق لحيازة نصيبها من كعكة أموال الحملة.

لعل أول من يفرح لاقتراب الحملات الدعائية لأي استحقاق انتخابي في الجزائر، هم أصحاب المطابع، خصوصا المطابع الكبرى التي تتوفر على قدرة طباعة الآلاف من النسخ من البرامج الانتخابية واللوائح وصور المرشحين، ولا تكتفي الأحزاب بطباعة البرامج الانتخابية والقوائم التي تحمل صور المرشحين، بل حتى اللافتات التي يتم تعليقها خلال التجمعات الشعبية وفي السيارات وفي واجهة المنازل والمحلات التجارية.

“عصر ذهبي” للمطابع ومؤجّري السيارات

القوائم الانتخابية المنافسة على مقاعد الغرفة البرلمانية السفلى، تعمل على تنويع الوثائق والمطويات المقدمة للمواطنين خلال الحملة الانتخابية، الأمر الذي يدر على أصحاب المطابع أرباحا مهمة، ولعل هذه الحملة الدعائية والتي تليها المخصصة لحملة الانتخابات المحلية القادمة، تعتبران الفترة الذهبية للمطابع، فما هي إلا أشهر قليلة حتى يبدأ التفكير في الاستحقاق المحلي 2022.

كما تشكل وكالات كراء السيارات، وقود الحملة الانتخابية لمعترك جوان، إذ تنفس أصحاب وكالات إيجار السيارات في تراب الوطن، الصعداء بعد فترة جمود دامت ما لا يقل عن 14 شهرا بسبب جائحة كورونا، التي تسببت في إفلاس مئات المؤسسات والشركات المصغرة.

وتؤكد معطيات جمعتها “الشروق” أن أصحاب وكالات كراء السيارات يعيشون أزهى أيامهم، حيث كثر الإقبال على كراء السيارات، ولجأ المرشحون لاستئجار المركبات على اختلاف أنواعها لمدة تزيد عن 20 يوما بتسعيرة فاقت 4000 دج لليوم الواحد، حسب طبيعة السيارة، وذلك من أجل ضمان تنقلاتهم إلى مناطق نفوذهم الانتخابي، كما يستعمل المرشحون السيارات لحمل شعارات القائمة الانتخابية لتجوب بها شوارع المدن، وهو ما يكلف المرشح أو الحزب أكثر من 9000 دينار جزائري يوميا باحتساب تكاليف الوقود وأتعاب السائق.

جرعة أكسجين للعاطلين

وتكون هذه المناسبات الانتخابية في الجزائر، سانحة قوية للعاطلين عن العمل وحتى ربات البيوت لتحصيل بعض الأموال، لأن كل مشارك في توزيع القوائم الانتخابية والملصقات الإشهارية، وقد تبلغ العمولة مستويات مضاعفة حسب نوعية كل مرشح، خصوصا من لهم قدرات مادية معتبرة، يسخرونها لتجنيد الشباب في دكاكينهم الانتخابية واستمالة الأصوات.

ولفت مراقبون، إلى أن الحملة الانتخابية تكون فرصة للشباب العاطل عن العمل أو المتخصص في مهن معينة لتوفير دخل يومي ولو إلى حين، كما هو الحال بالنسبة إلى الشباب الذي يعمل في مجال “الأنفوغرافيا”، لأن المرشح عوض اللجوء إلى شركات متخصصة ستطلب منه مبالغ ضخمة، يلجأ إلى هؤلاء الشباب لينجزوا له لافتات تحمل شعار حزبه وصورته، بالإضافة إلى مموني الحفلات الذين يكون لهم نصيب من مال الحملة، خصوصا وأن المرشحين عليهم تنظيم الولائم على شرف أنصارهم خصوصا أولئك الذين لهم نفوذ في منطقة المترشح.

رقم جديد في المعادلة الانتخابية

لاحظ عدد من المتتبعين أن رقما جديدا أضيف لمعادلة العملية الانتخابية في الجزائر، يتعلق الأمر بالحملة الإلكترونية، بعد أن أصبح الطامحون للظفر بمقاعد نيابية، يتسابقون على جذب أكبر عدد من المعجبين إلى صفحاتهم على الفايسبوك وتويتر، ومن أجل هذا الغرض، فقد اعتمدت بعض الأحزاب على صفحات متخصصة تدير لها حملتها الدعائية الإلكترونية نظير أموال هائلة، فبالمقارنة مع الحملة الانتخابيّة لسنة 2017، يبدو التغيير جليا، إذِ انتقلت الحملة الانتخابية من الأزقة والشوارع إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وبات أغلب المرشحين يتوفرون على صفحاتٍ في عالم “الويب”.

وقال الطيب جبور الخبير في الأمن الإلكتروني في حديث لـ “لشروق”، إن أحزابا قليلة هي التي لجأت لحسابات متخصصة لتدبير عملية تواصلها مع مواطني العالم الافتراضي، في حين فضلت أحزاب وقوائم حرة أخرى، الاعتماد على مناضليها للقيام بهذه العملية، مضيفا أنه باستثناء الأشخاص الذين يشرفون على تسيير صفحات الأحزاب والسياسيين على الفايسبوك وتويتر الذين يمكن القول إنهم يستفيدون ماديا من فترة الحملة الانتخابية، فقد أكد جبور أن أغلب الأحزاب تنظر إلى التواصل السياسي الإلكتروني على أنه “شر لابد منه”، فهي من جهة غير مقتنعة بفعاليته، ومن جهة ثانية تريد التواصل مع “شعب الفايسبوك وتويتر” والمكون جله من الشباب.

في هذا السياق، يقول أحمد خنوسة أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة وهران، إن اللجوء إلى التقنيات الحديثة “ليس هو مربط الفرس”، ما دام أن جميع الأحزاب السياسية أضحت تستخدمها، إنما الإشكالات الرئيسة تتجلى في مضمون الحملات الانتخابية للأحزاب في الجزائر، ومدى استجابته لتطلعات الناخبين، مشيرا إلى أن الحملة الانتخابية التي انطلقت خافتة، تتسم بفُقدان الجاذبية الانتخابية والسياسية، وتجري وفق خطاب سياسي “هُلامي”، يعتمد على تقديم معطيات وأرقام تكاد تلامس الخيال، ومن الصعب جدا أن تتحقق على أرض الواقع، وأضاف خنوسة، الحملة الانتخابية في الجزائر تظل بدائية، ولا تتوفر على شروط الحملة الانتخابية بالمفهوم التقني والديمقراطي”.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here