أفريقيا برس – الجزائر. بقلم : محمد مسلم
بعد أشهر من الهدوء، عاد الإعلام الفرنسي إلى النبش في الشأن الداخلي للجزائر، مستغلا الأحداث المأساوية التي شهدتها البلاد في الآونة الأخيرة، والمتمثلة في الحرائق التي اجتاحت ربوع البلاد وما تبعها من تداعيات.
وجاء التدخل هذه المرة عبر القناة الفرنسية الخامسة (تي في 5)، وهي قناة عمومية موجهة للدول الفرانكوفونية في العالم، من خلال إجرائها حوارا مع أحد المدافعين عن الطرح الفديرالي في الجزائر، وهو رشيد أوعيسى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة ماربورغ الألمانية، تم نشره على الموقع الإلكتروني للمؤسسة الإعلامية الفرنسية.
ولم يتورع الأستاذ الجامعي عن الخوض في قضية جد حساسة بالنسبة للجزائر والجزائريين، وهي مسألة الوحدة الترابية التي تعتبر من المقدسات، من خلال محاولته البحث عن تبريرات تشفع للمطالبين بتقسيم البلاد، ممثلين في المنظمة الإرهابية “الماك”، إلى فدراليات، تمهيدا لتفكيكها لاحقا، كما حصل ويحصل في العديد من بلدان العالم.
وإن حاول ضيف “تي في 5” التأكيد على أن المنظمة الانفصالية التي يقودها اللاجئ في فرنسا، فرحات مهني، لا تمثل منطقة القبائل ولا تحظى بأي ترحيب من قبل سكان هذه المنطقة، إلا أنه بالمقابل دافع عن أهم مطلب ترفعه “الماك”، وهو تفتيت الوحدة الترابية تحت أي مسمى كان. وأوضح أوعيسى: “إلى غاية الآن، لم يكن للحركة (يقصد الماك) دور، لأن سكان منطقة القبائل تجاهلوا مطالبها”، لكنه يعود ليقع في المحظور، عندما يعترف لهذه المنظمة الإرهابية بدور ما في فتح النقاش حول الفيدرالية في الجزائر، “أعتقد أن هذا النقاش ضروري ومشروع”، يقول المحاور، الذي يبدو أنه تم اختياره بعناية للعب دور ما.
ونقلت القناة الفرنسية عن الجامعي المغمور تساؤله: “لماذا لا نطرح على الطاولة قضية الفيدرالية الألمانية أو الإسبانية حيث يمكن أن تكون هناك منافسة إيجابية بين المناطق؟”، في تطاول مرفوض وتدخل سافر حاول من خلاله تبرير ضرب الوحدة الترابية للبلاد.
ويستطرد المحاور مدافعا عن مشروعه الذي عبر الجزائريون عن رفضه، ليس فقط على المستوى الرسمي، بل تعداه إلى المستوى الشعبي من خلال الهبة التي استهدفت ولا تزال، أفعال وممارسات منظمة “الماك” الإرهابية، عبر شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة.
وذهب ضيف القناة الفرنسية بعيدا في دس السم في العسل، إمعانا في ضرب الوحدة الترابية للجزائر، عندما حاول ترويج سلعة فاسدة، معتبرا “الفدرالية أسلوبا لبناء الديمقراطية”، والتي قدم أمثلة عنها لا تنطبق بالضرورة على الحالة الجزائرية، مثل الفيدرالية السويسرية، والأمريكية، والألمانية..
وأخطر من ذلك، سعى المحاور جاهدا إلى تبرئة منظمة “الماك” الإرهابية من الحرائق التي اجتاحت بعض مناطق البلاد في الآونة الأخيرة، وكذا التشكيك في خطاب السلطات العمومية التي أكدت في أكثر من مرة على مسؤولية هذه المنظمة في تلك الأحداث المأساوية.
وسبق لطريقة تناول بعض وسائل الإعلام الفرنسية للشأن الداخلي للجزائر أن أحدثت توترات بين البلدين، كان أبرزها استدعاء سفير الجزائر بالجزائر قبل أزيد من عام، غير أن الهدوء لم يلبث أن عاد إلى العلاقات الثنائية.