حرب على المضاربين.. واستقرار قريب في الأسعار

11
حرب على المضاربين.. واستقرار قريب في الأسعار
حرب على المضاربين.. واستقرار قريب في الأسعار

أفريقيا برسالجزائر. استغلّوا الندرة في بعض المواد الأساسية، فقاموا بتخزين كميات معتبرة منها، لغرض المضاربة في أسعارها لاحقا، تاركين المواطن يركض في جميع الاتجاهات بحثا عن طوق الأمان..إنهم المضاربون، آفة المجتمع التي ظهرت خلال السنوات الأخيرة، والذين حوّلوا حياة الجزائريين إلى جحيم، بمضاربتهم كل مرة في مادة استهلاكية أساسية. وهاهو رئيس الجمهورية يضع لهم حدّا، عندما وصف السلوك بـ”الجريمة الكاملة”، التي يعاقب فاعلها بـ30 سنة سجنا كاملة..فما الذي جعل المُضاربين يتغلغلون في المجتمع؟

أضحت المُضاربة في مُختلف المواد الاستهلاكية، هاجسا يؤرّق الجزائريين الباحثين عن سبيل للنجاة من آثار جائحة كورونا على معيشتهم. فزيادة على الارتفاع المُستمر في أسعار جميع المواد الاستهلاكية، من الكمالياّت وحتى الضروريّات. سيطرت فئة من “سماسرة الأزمات” على المشهد، ولجأت إلى سلوكها المعتاد، والمتمثل في تخزين كميات معتبرة من مادة استهلاكية أساسية يكثر عليها الطلب، وهدفُها إحداث بلبلة في الأسواق وزعزعة استقرار المُجتمع، إضافة لتحصيل أرباح خيالية بعد طرح السلعة في السوق بضعف سعرها.

وتبقى ظاهرة “المضاربين” تطرح أكثر من سُؤال، عن أسباب فشل جميع سبل مكافحتهم، ما جعلهم يتحوّلون إلى “بارونات” مخفية، يتحكّمون في الأسواق.

أطنان من البطاطا مخزنة في المستودعات

وتبقى مادّة البطاطا، الأكثر مضاربة في أسعارها منذ سنوات، باعتبارها الأكثر استهلاكا لدى شريحة كبيرة من المواطنين، وبمجرد ارتفاع أسعارها لتقارب 100 دج، استأنف “سماسرة الأزمات” مُهمتهم، وشرعوا في تخزينها لطرحها بعد أيّام بأسعار مضاعفة.

وفي هذا الصّدد، حجزت مصالح الأمن بالتنسيق مع أعوان الرقابة خلال الأسبوعين المنصرمين، كميات معتبرة من البطاطا والمواد الأساسية مخزنة داخل غرف تبريد، كانت موجهة إلى المضاربة. فبولاية بومرداس، تمكنت فرقة المراقبة لوزارة التجارة، بالتعاون مع أفراد الدرك الوطني، من حجز كميات ضخمة من البطاطا، تقدر بـ840 طن، كانت مخبأة بثلاث مخازن بالولاية.

كما تمكنت المفتشية الإقليمية للتجارة بعين مليلة، بولاية أم البواقي، بالتنسيق مع الكتيبة الإقليمية للدرك الوطني، من حجز 12000 قنطار من مادة البطاطا كانت موجهة للمضاربة.

خبابة: القانون الجديد يصنّف المضاربة في خانة الجنايات الخطيرة

وبمدينة العطاف بولاية عين الدفلى، حجز أعوان المراقبة التابعين للمفتشية الإقليمية للتجارة رفقة عناصر الدرك الوطني، كمية كبيرة من البطاطا تقدر بنحو 700 قنطار، كانت موجهة للمضاربة، ومخزنة بإحدى غرف التبريد غير المصرح بها.

المضاربة جريمة “كاملة الأركان” وعقوبتها الحبس المشدد

ولتفاقم ظاهرة المُضاربة، وإحداثها بلبلة في المجتمع، كلَف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وزير العدل حافظ الأختام، بإعداد مشروع قانون خاص بمكافحة الظاهرة، في أقرب الآجال. وذلك عن طريق إعادة سن قوانين جديدة، تضم أقصى العقوبات لكل من يتلاعب بقوت الجزائريين، والتي قد تصل إلى 30 سنة حبسا نافذا، كونها جريمة كاملة الأركان.

كما أكد رئيس الجمهورية، على ضرورة تشديد الرقابة الميدانية على المحلات التجارية، لمنع الزيادة “غير المبررة” في أسعار المواد الغذائية، مع السحب النهائي للسجلات التجارية للمتورطين.

جمعية المستهلك: المضاربون يستحقون السجن لتلاعبهم بأقوات المواطنين

وفي هذا الشأن، أكد المختص في القانون، عمار خبابة عبر “الشروق”، الحكم بعقوبة 30 سنة لم يكن موجودا سابقا ولا في أي قضية. وقال بأن المشرع الجزائري وقبل 2014، كانت عقوبات القضايا الجنائية، تتراوح بالسجن المؤقت بين 5 إلى 20 سنة، أو المؤبد أو الإعدام. ولكن بعد تعديل 2014، جعل المشرع، العقوبات الجنائية تتراوح بين 5 و20 سنة، “لكن أضاف لها فقرة، ورد فيها.. ماعدا الحالات التي يقرر فيها إقامة حدود أخرى قصوى”.

وبالتالي، حسبه، المُشرع فتح المجال لإمكانية إصدار قوانين، تكون عقوبتها أكثر من 20 سنة.

والأمر نفسه، حصل في قضايا الجنح، فقبل تعديل 2014، تم تحديد عقوباتها بين شهرين حبسا نافذا و5 سنوات، ولكن بعد تعديل 2014 أضاف فقرة في المادة 5 من قانون العقوبات، تنص على أن العقوبات في الجنح تتراوح بين شهرين و5 سنوات، ماعدا الحالات التي يقرر فيها القانون حدودا أخرى.

وبالتالي، فتهمة “المضاربة” يمكن أن تصنف ضمن قضايا الجنايات وحتى الجنح المشددة، حسب تصريح خبابة. وختم مؤكدا، بأن المُضاربين “يستحقّون مثل هذه العقوبة الثقيلة، لأنهم يتلاعبون بقوت المواطنين، وأمنهم الغذائي”.

المضاربة طالت مواد أساسية

وبدوره، ثمّن رئيس المنظمة الجزائرية لحماية وارشد المستهلك، مصطفى زبدي لـ “الشروق”، تجريم سلوك المضاربة من طرف رئيس الجمهورية. مؤكدا أنه سبق لمنظمتهم أن طالبت بمراجعة قانون حماية المستهلك، مع تشديد العقوبات ضد المتورطين فيها.

وحسب المتحدث، فقد “تفاقمت ظاهرة المضاربة، حتى طالت مواد حساسة وأساسية للمواطنين، ومن غير المعقول الإبقاء على نفس العقوبات السابقة، في وقت تم تشديد العقوبات في قضايا أقل أهمية”.

اتحاد التجار: انخفاض مرتقب في الأسعار بعد تشديد الرقابة والعقوبات

ومن جهته، رحّب رئيس سوق الجملة فرع بومرداس وممثل اتحاد التجار ببومرداس، زرزور أحمد عبر “الشروق”، بتجريم ظاهرة المضاربة من طرف رئيس الجمهورية، وقال “السجن لا نتمناه حتى للعدو.. ولكن الظاهرة استفحلت ولابد لها من حلول مستعجلة”. ليُؤكد بأن المتورطين في هذا السلوك “لا علاقة لهم بالفلاحة.. لأن الفلاح يسعى لبيع منتجه بمجرد نضجه، أما السماسرة فهم من يلجأ للتخزين لمضاعفة الأرباح”.

وحسب محدثنا، فكلما زاد تخزين المنتجات وقلّ عرضها في الأسواق، ارتفعت أثمانها وهو ما جعله يدعو لإخراج المنتجات مثل البطاطا من غرف التبريد، بمجرد ارتفاع سعرها في السوق لما فوق 60 دج للكلغ الواحد، حتى يبقى السعر مستقرا في هذا الحدّ.

ورأى، بأن الفوترة تعتبر أهم عامل للتحكم في الأسواق، وقال “نحن تجار الجملة نتعامل بالفوترة، أما تجار التجزئة فيرفضونها، لأن غالبيتهم لا يحوزون سجلا تجاريا، وهو الأمر الذي يحدث فوضى بأسواقنا”.

ويتوقع زرزور، أن تنخفض أسعار البطاطا وبقية المنتجات قريبا، إثر حملة المراقبة والمداهمات من طرف السلطات المعنية.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here