أفريقيا برس – الجزائر. يعيش قاطنو بلدية بوزريعة، منذ بداية تساقط الأمطار، التي شهدتها بلديات العاصمة وما جاورها، حالة من الذعر، جراء هاجس انزلاقات التربة التي شملت عديد الأحياء، حيث حوّلت ليالي السكان إلى جحيم، خوفا من الردم تحت الأنقاض وهم نيام، ما خلف موجة غضب كبيرة تجاه المسؤولين المحليين السابقين الذين فضحتهم سياسة الترقيع الذي احترفت تنفيذها المجالس البلدية المنتخبة المتعاقبة على البلدية منذ أزيد من نصف قرن.
ويطرح سكان عديد البلديات بالعاصمة تساؤلات حول ما قدمه المسؤولون السابقون في السنوات الماضية في مجال التهيئة والتنمية التي كانت ضمن برامجهم في حملاتهم الانتخابية السابقة، في وقت فضحت فيه الطبيعية سياسة “البريكولاج” التي أثرت سلبا على سكان المنطقة، الذين أفزعتهم حوادث انزلاقات التربة في المجمعات السكنية الجبلية، لاسيما طريق بوزريعة المؤدي إلى حي “لافيجي” بسيدي لكبير التابعة لبلدية رايس حميدو بدائرة باب الواد، في وقت تشهد فيه طريق “سيلاست” بالبلدية، خطر الانجراف الكلي في أي وقت، فضلا عن حادثة انزلاق التربة على مستوى الطريق الرابط بين شوفالي وتريولي بداية الأسبوع الماضي.
البداية كانت من الطريق التي تربط بين بوزريعة، وحي “لافيجي” بسيدي لكبير، التي يؤكد سكان المنطقة في تصريح لـ”الشروق”، إن هذه الأخيرة على وشك الانزلاق التام بعد عمليات الحفر والردم التي شهدتها المساحة المجانبة للطريق لبناء سكنات من طرف مقاولة خاصة، حيث يعتبر الطريق – حسب السكان- المنفذ الوحيد لهم للتنقل من وإلى بوزريعة، حي “لافيجي” ببلدية رايس حميدو بباب الوادي، كما يشهد الطريق يوميا مرور عشرات المركبات، ما قد يحدث كارثة مميتة، في حال تجاهل الوصاية للخطر الذي قد يسبب انهيار المساكن المجاورة وسقوط السيارات المستعملة للطريق، في ظل تواصل سقوط أمطار الخريف التي شهدتها العاصمة مؤخرا، ما يستدعى على السلطات – يقول المشتكون- استعجال غلق الطريق قبل حدوث مالا يحمد عقباه، في وقت شهدت فيه أعالي “لافيجي” انزلاقا للتربة على منزل بمنطقة لعوينة خلفت 3 ضحايا، بالرغم من عمليات التبليغ والمراسلات التي تم إيداعها بمصالح البلدية، والتي حذر من خلالها المشتكين من احتمال حدوث كوارث في حال استمر سقوط الأمطار، الأمر الذي أثار سخط مواطني بوزريعة الذين طالبوا والي العاصمة بمحاسبة المسؤولين السابقين وتحذير أعضاء المجلس البلدي والولائي الجدد، بعد انتخابات المجالس المعنية المزمع تنظيمها بتاريخ 27 نوفمبر المقبل.
الأمطار – حسب أصحاب الشكوى، كشفت المستور، وأصبح الكل يعرف أن هناك منطقة في أعالي لافيجي ببلدية بوزريعة تابعة لأعرق البلديات في العاصمة، يعاني أهلها في صمت، وفي عزلة تامة عن باقي الأحياء المجاورة، لتصبح محاصرة بالأخطار خلال فترة تساقط الأمطار، منددين بسياسة البريكولاج، وإعطاء المشاريع عن طريق “المحاباة”، والمقاولين غير الأكفاء؛ ناهيك عن غياب الرقابة الدورية للمشاريع ومتابعتها من طرف مسؤولي البلدية، كما نبّه سكان حي العصافير بأعالي “لافيجي”، و”لولي”، و”قراس” المسؤولين، بأنهم يواجهون صعوبة في العبور عبر الطريق أو الممر الوحيد لهم عبر الواد الرابط بين جاييس وزغارة للذهاب لعملهم ودراسته، خوفا من انزلاق الطريق، المتشبعة بمياه الأمطار الأخيرة، مع عودتها بحر الأسبوع الجاري حسب معلومات قدمها خبراء في مجال الأرصاد الجوية.
كما شهد الطريق الرابط بين منطقة شوفالي وتريولي بباب الواد، انزلاق التربة التي أغلقت الطريق في الفترة الصباحية، لساعات، خلفت ازدحاما لحركة المرور، في وقت شهد فيه الطريق عدة انهيارات جبلية سابقا، أعادت سكان المنطقة إلى كارثة فيضانات باب الوادي التي مرّت عليها 20 سنة، حيث خلفت عديد الضحايا، لا يزال يتذكرها أبناء المنطقة، الذين أكدوا لـ”الشروق”، أن البنايات المشيّدة على المساحات الجبلية المجانبة للطريق، معرضة للانهيار في أي لحظة، ويتطلب على المسؤولين المحليين إنشاء على حواف الطريق حواجز إسمنتية لمنع سقوط الصخور والأتربة على الطريق المؤدي نحو “تريولي” وباب الوادي، أمام غياب شبه تام للجمعيات والمجتمع المدني التي دورها إيصال صوت المواطنين للجهات المعنية، حيث سيبقی سكان الحي يعانون وسط سيناريو يتكرر كل سنة بعنوان واحد “لا للترقيع والبريكولاج”.
كما سجل حي 1600 مسكن بالسبالة في بلدية درارية، انزلاق للتربة، ما أدى إلى عرقلة لحركة المرور، حيث أرجع المسؤولون سبب الانزلاق لأشغال البناء التي يقوم بها أحد المرقين العقاريين، حيث باشرت المصالح الأمنية والتقنية التحقيقات، ناهيك عن انهيار أجزاء من سكنات وتصدع بنايات بحي الخوارزمي المحاذي للطريق المؤدي إلى مستشفى دريد حسين للأمراض العقلية ببلدية القبة، حيث تسببت الأمطار الأخيرة في انزلاق التربة بالحي السكني، ما أدى إلى انهيار أجزاء بعض السكنات وحدوث تصدعات في بعض البنايات المتكوّنة من عدة طوابق والمبنية على حواف هضبة مرتفعة مقابلة للطريق السريع، ما فرض على قاطنيها إخلاءها خوفا من الموت تحت الردوم.
وفي السياق نفسه، هدّد انجراف التربة الواقع بالقرب من محطة المسافرين ببلدية بئر مراد رايس، سير الحافلات والراجلين، حيث استدعى تدخلا فوريا للمسؤولين للوقوف على الحادثة، وإعطاء تعليمات قصد إيجاد حلولا وقائية تحسبا لأي كارثة قد تسببها الأمطار حيث أكدت مصالح الأحوال الجوية استمرارها خلال الأسبوع الجاري.
وتبقى الطبيعة، حسب المشتكين، العدو رقم واحد لسياسة “البريكولاج” التي أدت في أغلب الفترات وفي غفلة من الناس والمسؤولين، إلى كوارث مميتة، مثلما حدث في فيضانات باب الوادي بالعاصمة بتاريخ 10 نوفمبر 2001، التي خلفت نحو 900 ضحية، وبعدها فيضانات غرداية بتاريخ 1 أكتوبر 2008 والتي وصل بها منسوب المياه إلى الأسطح مخلفا 170 ضحية مع دمار كبير للمنازل والهياكل والمنشآت.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس