أفريقيا برس – الجزائر. في جلسة محاكمة ماراطونية، دامت أكثر من خمس ساعات كاملة في ملف الوالي الأسبق لولاية عين تموشنت، أحمد حمو توهامي، التمس مساء الاثنين ممثل الحق العام بمحكمة جنح وهران، توقيع عقوبات تتراوح بين 4 و6 سنوات حبسا نافذا بحق 96 شخصا يتابعون في ملف الحال، بينهم المدير السابق لأملاك الدولة ورئيس فرعي سابق بالمصالح الفلاحية في عين تموشنت، ورؤساء بلديات، وأربعة رجال أعمال وإطارات في ثلاث مديريات تنفيذية مختلفة في ذات الولاية الساحلية “الطاقة والمناجم، السياحة والفلاحة”، إضافة إلى ابن والي أسبق في ولاية بالغرب الجزائري وابن القائد السابق لمجموعة الدرك بوهران. وتمت المحاكمة بعد الظهيرة على مستوى محكمة جنح وهران، وسط حضور أمني لافت داخل وخارج قاعة المحكمة، التي غصت بأصحاب الجبة السوداء والمتهمين، في الملف الذي تم تحويله في شهر سبتمبر الماضي من القطب الجزائي المتخصص، إلى محكمة الجنح.
وبالعودة إلى التفاصيل، استغرق سماع كافة المتهمين، وقتا مطولا، علاوة على مرافعة هيئات دفاع الموقوفين وغيرهم من المتهمين، مما حذا بهيئة المحكمة إلى التماس اختصار المرافعات وتقديم مرافعات “جامعة مانعة” لربح الوقت بالنظر إلى زخم القضايا الأخرى التي كانت تنظر المحكمة.
أراضٍ فلاحية لغير مستحقيها
وأبانت جلسة المحاكمة المثيرة، عن حقائق صادمة عكست بوضوح الفساد الذي كان مستشريا بقوة في دواليب الإدارة المحلية في وقت سابق، بحيث أفصحت المحاكمة، أن الوالي الأسبق الذي تم إيداعه الحبس المؤقت بتاريخ 16 جانفي من السنة الجارية بأمر صادر عن قاضي تحقيق الغرفة التاسعة لمحكمة فلاوسن في وهران، تورط بمعية مديرين تنفيذيين ورؤساء مصالح في مديريات تقنية مختلفة، في قضايا فساد من العيار الثقيل، أهمها إبرام صفقات عمومية مخالفة لأصول التشريع، منح امتيازات غير مشروعة تتمثل في أراضٍ فلاحية بمناطق إستراتيجية، دون وجه حق لصالح إطارات ورجال أعمال، من بينهم ابن والي سابق في ولاية غربية، وابن القائد السابق لمجموعة الدرك الوطني بوهران بسعر رمزي .
وواجهت هيئة المحكمة الوالي الموقوف بمحاضر الضبطية القضائية وأقواله التي تضمنتها هذه الأخيرة، إذ كشفت التحريات عن أن هناك 74 ملفا لم تستوف الشروط القانونية في الحصول على عقارات عن طريق الامتياز، لكن تم منح أصحابها الأراضي بطرق كان مخططا لها بطرق غير شرعية .
واستظهر قاضي الجلسة، الدلائل التي تؤكد أن هناك نية مبيتة في إقصاء أشخاص من حق الاستفادة من حق الامتياز، الذي يكفله القانون في إطار مشاريع الاستثمار في ولاية عين تموشنت، مستفسرا عن السبب الحقيقي وراء إقصاء مجموعة من المستثمرين من ذلك، بالرغم أنهم دفعوا رسوم الدمغة وتكاليف الملف المقدرة بــ15 مليون سنتيم، بخلاف عدد من المحظوظين الذين حصلوا على عقارات في مناطق إستراتيجية على سبيل “المحسوبية”. وواصلت هيئة المحكمة مواجهة الوالي وبعض القائمين السابقين على مديريتي أملاك الدولة والفلاحة، بخصوص موافقتهم على منح رجال أعمال وأشخاص مقربين من “دوائر رسمية” لعقارات في مناطق “باهظة الثمن”، في الوقت الذي لم يسمح للجنة الولائية بالتداول على هذه الملفات .
الوالي الموقوف حاول الرد على التهم المنسوبة أليه بأنه لم يكن على دراية بذلك، غير أن قاضي الجلسة واجهه بمحاضر رسمية تحمل توقيع الوالي “أ ح ت”. وخلال سماع تصريحات ستة رؤساء بلديات سابقين، حاولوا جميعهم إنكار تهمة المشاركة في منح امتيازات غير مبررة، على أساس أنهم كانوا يقومون بالتصديق على وثائق لا غير، تأتيهم من السلطات الوصية، ليتدخل المدعي العام مقاطعا أحدهم “هل يمكن المصادقة على وثائق دون فحص محتوياتها؟”.
ملف الحال، الذي كانت محكمة العامرية في عين تموشنت، حققت مطولا فيه بموجب قانون الوقاية من الفساد ومكافحته 01/06، قبل إحالته إلى القطب الجزائي المتخصص بوهران ومن ثمة تحويله إلى محكمة جنح فلاوسن، كشف عن تقارير في غاية الخطورة، تبرز فضائح نهب العقار على مستوى 23 بلدية من أصل 28 بلدية في تركيبة الولاية، حصل فيها رجال أعمال ومقربون من دوائر رسمية وأشخاص خارج تراب الولاية وأبناء مسؤولين سامين في قطاعات مختلفة، على مساحات عقارية بطرق ملتوية وفق ما جاء في محاضر الضبطية القضائية.مع العلم أن هيئة محكمة جنح وهران أرجأت النطق بالأحكام في ملف الحال إلى تاريخ 29 نوفمبر الجاري.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس