أفريقيا برس – الجزائر. عمّت فرحة كبرى في صفوف المحامين الجزائريين، الثلاثاء، بعد استعادة زميلهم عبد الرؤوف أرسلان حريته بعد أكثر من سنة قضاها رهن الحبس المؤقت بولاية تبسة أقصى شرق الجزائر.
في ساعة متأخرة من ليل يوم الثلاثاء، غادر المحامي عبد الرؤوف أرسلان المؤسسة العقابية لتبسة، بعد صدور الحكم الذي غطى مدة مكوثه في السجن. وظهر المحامي في بنية هزيلة بعد فترة السجن الطويلة، لكن ذلك لم يحجب فرحته التي قاسمها مع أكثر من خمسين محاميا من زملائه قدموا من كل أنحاء الجزائر للتضامن معه والدفاع عنه في المحكمة. ونشر محامون فور خروج زميلهم صورا معه، عليها عبارات الارتياح لنهاية هذا الكابوس الذي امتد أكثر من سنة.
وجاء في قرار محكمة الجنايات بتبسة، تسليط عقوبة 3 سنوات سجنا منها عام نافذ، لكل من المحامي أرسلان عبد الرؤوف، والنشطاء الآخرين المتابعين في نفس القضية، بكاكرية عزيز، حميدي رضوان، ومنصوري عز الدين. وقبل صدور الحكم، سادت مخاوف من أن تكون العقوبة ثقيلة، بعد التماس ممثل النيابة في حق المتهمين 10 سنوات سجنا نافذا وغرامة مالية بـ300 ألف دينار ما يعادل ألفي دولار. واستمرت المحاكمة لساعات طويلة بعد هذه الالتماسات نظرا لغزارة عدد المحامين الذين تقدموا للمرافعة، مطالبين ببراءة زميلهم من كل التهم الموجهة إليه.
وتوبع المحامي أرسلان بتهم جنائية تتعلق بالانضمام إلى حركة رشاد التي تصنفها السلطات الجزائرية على لائحة الإرهاب، بالإضافة إلى تهمة نشر أخبار كاذبة بسبب منشوراته على فيسبوك. وأخذت قضيته تعاطفا واسعا وطنيا ودوليا، بعد أن اعتُقل في 26 أيار/مايو 2021 وهو بصدد الدفاع عن ثلاثة نشطاء سياسيين معروفين بمشاركتهم في مسيرات الحراك الشعبي. ورفضت غرفة الاتهام خلال هذه المدة كل طلبات الإفراج عنه، مما ولّد حالة من الغضب لدى المحامين وتوترا بينهم وبين النيابة.
وخلال وقوفه أمام القاضي، قال أرسلان إنه لم يكن أبدا عضوا في حركة رشاد، وذكر أنه كان طالب بحلها في وقت سابق حفاظا على وحدة الحراك الشعبي وانسجامه. واعتبر أرسلان أنه ضحية مافيا محلية في ولاية تبسة، سربت وشاية كاذبة عنه، بسبب تمسكه بالدفاع عن سجناء الرأي. وأبرز المحامي أنه أمضى وقتا صعبا في السجن لكن بقي متماسكا ولم ينهار، رغم اعتقاده بأنه مظلوم، حفاظا على شرف الجبة السوداء التي يحملها على أكتافه، على حد قوله.
وفي قضية أخرى مثيرة للاهتمام، يمثل الناشط السياسي محاد قاسمي أمام محكمة الجنايات الاستئنافية بأدرار في الجنوب الجزائري، وسط تفاؤل بإمكانية الإفراج عنه، بعد الحكم الاستئنافي الأخير الذي صدر في حقه الأسبوع الماضي في قضيته الأولى المتهم فيها بالإرهاب والذي جاء مخففا، رغم أن الحكم الابتدائي كان بـ5 سنوات سجنا نافذا. لكن المحاكمة أجلت اليوم بطلب من محاد بسبب اجتيازه وهو في الحبس امتحان الباكالوريا.
وسبق لقاسمي الذي يوجد في السجن منذ 14 يونيو/ حزيران 2020، أن أُدين في القضية الثانية المتعلقة بالتخابر بـ3 سنوات سجنا نافذا. وتوبع الناشط في هذه القضية بخمس تهم تتكون من جناية وأربع جنايات، هي جناية إطلاع الغير على معلومات محاطة بالسرية لصالح الدفاع الوطني وفقا للمادة 67 فقرة 3 من قانون العقوبات وجنح إهانة رئيس الجمهورية، وإهانة هيئة نظامية، ونشر أخبار كاذبة، ونشر خطاب الكراهية.
وكان المحامي والحقوقي عبد الغني بادي، قد أوضح في تصريح لـ”القدس العربي”، أن الحكم الابتدائي في هذه القضية، قد أدان قاسمي بكل التهم عدا تهمة خطاب الكراهية، وقال: “الذي صدمنا هو الإدانة في الجناية، كون محاد قاسمي لم يطلع الغير على أي معلومة محاطة بالسرية، بل مجرد صور أرسلها لمنظمة مناهضة للغاز الصخري، ووضحنا للمحكمة أن هذه الصور ليست محاطة بالسرية أبدا، وكانت متاحة في منصات التواصل الاجتماعي”.
واشتهر قاسمي سنة 2013 بمشاركته في قيادة الحركة الشعبية لمناهضة استغلال الغاز الصخري جنوبي الجزائر، وذلك عقب إعلان الحكومة وقتها الشروع في تجارب للتنقيب على الغاز الصخري بمنطقة عين صالح في الجنوب الشرقي. وأثار ذلك مخاوف كبيرة من الإضرار بالبيئة وتلويث المياه الجوفية المتواجدة بغزارة في المنطقة، مما دفع بالحكومة تحت قيادة الوزير الأول السابق المسجون حاليا عبد المالك سلال للتراجع.
كما برز قاسمي بقوة أيضا في مظاهرات الحراك الشعبي الذي انطلق في 22 شباط/ فبراير 2019، وأدى إلى الإطاحة بحكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، حيث كان من بين قادة المظاهرات في مناطق الجنوب وساهم في التعبئة لها.
اضغط على الرابط لمشاهدة الفیدیو
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس