أفريقيا برس – الجزائر. أسدل، الستار الثلاثاء على امتحان شهادة التعليم المتوسط دورة جوان 2025، الذي اختتم باجتياز المترشحين ثلاثة اختبارات موزعة على فترتين صباحية ومسائية، حيث أثارت أسئلة مادة اللغة الفرنسية “توتر” عدد كبير من المترشحين، وأربكت البعض الآخر منهم، بسبب مستوى النص والأسئلة المرافقة له، التي وردت غير متناسقة مع القدرات اللغوية المتوسطة لأغلب التلاميذ، وتضمنت مصطلحات صعبة.
في حين تسببت، أسئلة مادة علوم الطبيعة والحياة، في “إرهاق” أغلب المترشحين، نظرا لأنها وردت طويلة وتحتاج إلى أكثر من ساعة ونصف لحلها بشكل صحيح، كما ارتكزت بالدرجة الأولى على الحفظ والاسترجاع اللذان يكرسان للتلقين، أكثر من “التفكير العلمي”، الذي يستند إلى معايير الفهم والتفسير والتحليل.
تضمن مفردات صعبة.. إجماع على صعوبة نص الفرنسية
وبخصوص، آراء المترشحين حول طبيعة المواضيع المطروحة عليهم في اختبار اللغة الفرنسية، فقد اشتكى معظمهم من صعوبة فهم النص، واعتبروا أن اللغة المستعملة وردت صعبة نسبيا على التلاميذ الذين لديهم مستوى محدود في المادة، في حين انتقد آخرون بعض الأسئلة، خاصة المتعلقة بإعادة صياغة الجمل وفهم العلاقات المنطقية، بسبب أنها غير مألوفة لديهم.
وفيما يتعلق بآراء المختصين، فقد أوضحت الأستاذة صبرينة تواتي، بأن موضوع الفرنسية من حيث المضمون، ورد مناسبا جدًا ومواكبا لقضايا العصر “البيئة”، لكن من حيث المستوى اللغوي، فقد تم استعمال مفردات موصوفة بالمعقدة على غرار “substituer”, “règlements”, “braconnage“، وهي مصطلحات صعبة على التلميذ المتوسط، في حين أن بعض الأسئلة تتطلب من التلاميذ الحرص على تفكيكها لغويا ومنطقيا، وهو الأمر الذي قد لا يكون سهلا على الجميع.
ومن جهتها، سجلت مفتشة مادة اللغة الفرنسية عكاش نبيلة، بعض الملاحظات، وتمثلت أساسا في النص الذي ورد أطول من المعتاد بالنسبة للمتعلمين محدودي المستوى، مع كثافة الأفكار التي تجعل الاستيعاب صعبا من دون تدريب مسبق، في حين أن بعض الأسئلة لم تراع الفروقات الفردية بين التلاميذ، خاصة في التمرين الأخير الخاص بالوضعية الإدماجية.
واستخلاصا مما سبق، أجمع أساتذة ومفتشون، أنه بالرغم من أن الموضوع، يُعالج قضية بيئية آنية وهامة، ويسلط الضوء على تدهورها بسبب النشاطات البشرية مثل: إزالة الغابات، التلوث وانقراض الحيوانات والنباتات، إلا أن مستوى النص والأسئلة المرافقة له لا يتناسب تمامًا مع القدرات اللغوية المتوسطة لأغلب المترشحين، ممّا قد يؤثر سلبًا على أدائهم ويضعهم في حالة توتر من اللغة الفرنسية، التي يعاني أغلبهم ضعفا فيها منذ السنوات الأولى من التعليم.
“العلوم” بين موضوع طويل “حافظي” واستبعاد الفصل الثالث
فيما يتعلق بالاختبار في مادة علوم الطبيعية والحياة، الذي برمج في الفترة الصباحية من الساعة الحادية عشر إلى غاية منتصف النهار و30 دقيقة، أثارت الأسئلة المطروحة تساؤلات وانتقادات واسعة في الأوساط التربوية، حيث أجمع أساتذة وتلاميذ على أنه قد اعتمد بالدرجة الأولى على الحفظ الآلي وألغى معيار الفهم الذي يتطلب توظيف مهارات عديدة على غرار التحليل والربط والتفسير.
وإلى ذلك، فقد ورد الموضوع طويلا وغير متوازن، من حيث التدرج الزمني للبرنامج الدراسي، حيث ارتكز بشكل شبه كلي على مضامين الفصل الدراسي الأول وبداية الفصل الدراسي الثاني، متجاهلا بذلك إلى حد بعيد وحدات الفصل الدراسي الثالث.
وتكوّن، الموضوع من أجزاء رئيسية، تضمن الجزء الأول دراسة وثيقة حول الجلد وبنيته ومشتقاته، مع أسئلة متنوعة تتراوح بين التسمية، والتحليل، وإعادة الرسم، والربط بين المنبهات والمستقبلات الحسية، في حين أن الجزء الثاني، فتمحور حول تجربة تتعلق بهضم البروتينات بواسطة العصارة المعدية.
موضوع طويل… يحتاج أكثر من ساعة!
وبخصوص، آراء الممتحنين، فقد وصف العديد منهم الموضوع، بأنه طويل نسبيا، مقارنة بالمدة المحددة (ساعة ونصف)، ويتطلب بذلك وقتًا أكبر للإجابة، خاصة في ظل كثرة الأسئلة الفرعية التي تتطلب تفسيرًا كتابيًا دقيقًا، وهو ما قد يشكّل عبءًا على التلاميذ “متوسطي الأداء”، ويؤثر على جودة الإجابات.
في حين، أعرب آخرون عن ارتياحهم لكون الموضوع قد ورد “مفهوما” و”خارج الصدمات”، لكنه لم يخلُ من الانتقادات، حيث لفتوا في هذا الصدد إلى أن الأسئلة كانت مفهومة لكن عددها كبير، ويلزمهم وقت أكثر لحلها بشكل صحيح.
أساتذة الاختصاص: الأسئلة “حافظية” ومهمشة للمكتسبات العملية
وأجمع، العديد من أساتذة المادة الذين تحدثت إليهم “الشروق”، على أن الموضوع جاء معتمدًا على ما يعرف اصطلاحا “بالتراكم المعرفي النظري”، والحفظ المباشر، أكثر منه على مهارات التحليل والربط والتفسير، رغم توفر وثيقتين في صلب التمرينين.
وإلى ذلك، فقد أشار البعض الآخر من الأساتذة، إلى أن الجزء الأول رغم بساطته الظاهرية، إلا أنه تطلّب جهدًا في التمثيل والرسم والتفسير، بينما اقترب الجزء الثاني من تجارب مخبرية مألوفة، لكن في سياق مباشر يغلب عليه البُعد الوصفي.
وفي الموضوع، أبرز أستاذ لمادة علوم الطبيعة والحياة، من مديرية الجزائر ـ غرب، أن الأسئلة في المجمل جاءت ضمن المقرر الدراسي السنوي، إلا أن هيكلتها تميل نحو الاسترجاع، أكثر من التفكير العلمي، بحيث طغت الأسئلة الفرعية، واستُبعد فصل كامل من البرنامج الدراسي.
ومن جهتها، أوضحت الأستاذة ناصري سهيلة، بأن الموضوع أسقط فعليًا كل محتوى الفصل الدراسي الثالث، رغم أنه يتضمن مفاهيم بيولوجية عميقة مرتبطة مباشرة بحياة التلميذ.
وأما الأستاذ رابح غريب من متوسطة بالجزائر شرق، أوضح بأن مدة ساعة ونصف من الزمن لم تكن كافية، لحل موضوع طويل ويضم بدوره مراحل متعددة.
كواليس من مراكز الإجراء: إشاعات تربك المترشحين
في بعض مراكز الإجراء، جرى تداول إشاعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حول تسريب محتمل للأسئلة الخاصة بالاختبار في مادة التاريخ والجغرافيا والتي برمجت مساء اليوم الثاني من امتحان “البيام”، هذا الأمر دفع بعض المترشحين إلى التركيز على مواضيع محددة بناءً على ما تم تداوله، مما أثر على استعداداتهم، إلا أن الأسئلة الفعلية جاءت مختلفة تماما، مما أربك بعضهم وأدخلهم في نوبة توتر شديدة.
وهي التصرفات التي أثارت استياء الأساتذة الحراس، وأكدوا على أن مثل هذه الممارسات تتسبب في تشتيت انتباه التلاميذ وتؤثر سلبا على أدائهم، فيما شددوا على أهمية الابتعاد عن مواقع التواصل الاجتماعي.
طرائف داخل القاعات
في إحدى قاعات الإجراء بولاية البليدة، لاحظ المراقبون أن أحد المترشحين كان يجيب عن الأسئلة بصوت مرتفع، معتقدًا أنه يساعد زملاءه، وعندما نُبه إلى ضرورة الحفاظ على الهدوء، اعتذر قائلاً: “كنت أظن أنني في حصة مراجعة جماعية!”.
وفي موقف آخر، طلب أحد المترشحين من المراقب ورقة إضافية، وعندما سُئل عن السبب، أجاب: “أريد أن أرسم خريطة الجزائر بالتفصيل، حتى وإن لم يُطلب مني ذلك، لأُبهر المصححين!”.
ارتداء زي غير معتاد
وفي إحدى الولايات، حضر تلميذ إلى مركز الامتحان، مرتديًا زيًا تقليديًا كاملًا، مما أثار استغراب زملائه والمراقبين، وعند سؤاله عن السبب، أجاب بأنه أراد الاحتفال بنهاية الامتحانات بطريقة مميزة وفريدة من نوعها.
محاولة الغش بطريقة مبتكرة
وفي إحدى القاعات، حاول تلميذ استخدام سماعة “بلوتوث” صغيرة للغش، لكنه نسي إيقاف تشغيل الموسيقى، مما أدى إلى اكتشاف أمره بسرعة من قبل المراقبين.
احتفال مبكر بالنجاح
وبعد انتهاء الامتحان الأخير، بدأ بعض التلاميذ في الاحتفال داخل القاعة قبل مغادرتها، مما دفع المراقبين إلى تذكيرهم بضرورة الحفاظ على الهدوء حتى الخروج الرسمي.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس