الجماجم والأرشيف والتفجيرات النووية… ملفات في أجندة الحكومة!

15
الجماجم والأرشيف والتفجيرات النووية… ملفات في أجندة الحكومة!
الجماجم والأرشيف والتفجيرات النووية… ملفات في أجندة الحكومة!

أفريقيا برسالجزائر. وضعت حكومة الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمن، على رأس أولوياتها في ملف الذاكرة، حسم الملفات العالقة بين الجزائر والمستعمرة السابقة، فرنسا، والتي تعود في مجملها إلى الحقبة الاستعمارية الكالحة، وذلك من خلال تحيين الترسانة القانونية الـمتعلقة بالذاكرة الوطنية، التي كثيرا ما تسببت في توتير العلاقات بين الجزائر وباريس.

وعرض مخطط عمل الحكومة إلى هذا المحور، عندما تحدث عن “استكمال ملفات الذاكرة الـمتعلقة باسترجاع رفات وجماجم شهداء الـمقاومة الشعبية، والأرشيف الوطني، وتفجيرات التجارب النووية بالصحراء الجزائرية، ومفقودي ثورة التحرير الوطني والـملفات الأخرى الـمرتبطة بحالة المنفيين والـمهجرين، وكذا جميع أشكال الجرائم التي ارتكبتها فرنسا الاستعمارية بحق الشعب الجزائري”.

ولم يفصّل “المخطط” في طبيعة مشاريع القوانين التي ستطرحها لاحقا على الهيئة التشريعية، لكن يبدو أنها قررت الذهاب بعيدا في ملف الذاكرة منتهجة الوسائل القانونية لاسترداد الحق الجزائري، في ظل هروب الدول الفرنسية إلى الأمام. وعلى رأس هذه الملفات، قضية جماجم شهداء المقاومة الجزائرية ضد فرنسا منذ البدايات الأولى للاحتلال، المعروضة في المتاحف الفرنسية في مشهد يفتقر إلى قيم الحضارة الإنسانية.

وكانت الجزائر قد استردت الدفعة الأولى من جماجم 24 من الشهداء صيف العام 2020، وتوجد بينهم جمجمة الشيخ بوزيان، الذي قاد ثورة في جنوب البلاد في العام 1847، قبل أن يعتقله الفرنسيون عام 1849 ثم أطلقوا عليه الرصاص وقطعوا رأسه. غير أن هناك عددا أكبر من الجماجم، لا تزال معروضة في المتاحف الفرنسية ومنها المخفية في الأقبية الفرنسية، وهي محل مطالب من قبل السلطات الجزائرية باسترجاعها لتدفن وفق الأعراف الإسلامية.

الملف الآخر الذي لا يقل أهمية، وهو ملف الأرشيف الجزائري المهرب إلى فرنسا، والذي بينت المفاوضات السابقة أن باريس غير جادة في تسليمه، إذ تشير الأرقام المتعلقة بهذا الملف أن ما تم تسليمه لا يتعدى 02 بالمائة فقط من المحفوظات الجزائرية المسروقة. وإن رفع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، السرية عن الأرشيف الجزائري الذي مضى عليه خمسة عقود فما فوق، إلا أن ذلك يبقى شأنا فرنسيا، لأن الجزائر تطالب بتسلمه وليس برفع السرية عنه.

وتعتبر قضية التفجيرات النووية الفرنسية في جنوب البلاد، وما خلفته من تداعيات خطيرة على الحياة البشرية وعلى البيئة، من أعقد الملفات العالقة بين الجزائر وباريس. فهذا الملف ينقسم إلى شقين لم تتعامل معهما فرنسا بمسؤولية، إذ تطالب الجزائر بتسليمها خارطة التفجيرات النووية مع تحمل أعباء تنقية مناطق التجارب ومحيطها من الإشعاعات النووية، وكذا تعويض الضحايا ماليا والتكفل بهم صحيا.

ورغم سن الطرف الفرنسي قانون موران في العام 2010، الذي ينظم عملية التعويض للمتضررين من الإشعاعات، إلا أن الحكومة الفرنسية لم تعوض لحد الآن ولا جزائريا واحدا، رغم وجود أدلة على أن الأمراض التي يعانون منها، سببها الإشعاعات النووية الناتجة من مخلفات السموم المتأتية من التفجيرات، المترسبة في الأرض والمتحركة في المحيط.

كما أن هناك ملفات أخرى لا تقل جرما عن سابقتها، وهي تلك المتعلقة بالمفقودين إبان الثورة التحريرية، الذين خطفهم جيش الاحتلال، ولا يزال ذووهم لا يعلمون عنهم أي شيء حتى الآن، في ظل تستر النظام الفرنسي حينها على جرائمها، والتي بدأت تتجلى من خلال الاعترافات التي صدرت في السنوات القليلة الأخيرة عن الدولة الفرنسية، مثل جريمة تصفية المناضل علي بومنجل، والشهيد البطل العربي بن مهيدي، وقبل ذلك اختطاف وتصفية المناضل الفرنسي الداعم للثورة، موريس أودان.

وتعتبر قضية المنفيين والمهجرين الجزائريين واحدة من أفظع الجرائم التي سلطتها فرنسا على الجزائريين، وقد تم تسليط الضوء عليها في السنوات الأخيرة، كما هو الحال بالنسبة لأولئك الذين رُحّلوا قسرا عشرات الآلاف من الأميال إلى كاليدونيا الجديدة، وهنا يتعين على باريس أن تبرئ ذمتها إزاء هؤلاء المعذبين.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here