أفريقيا برس – الجزائر. بعد اتساع شريحة المسنين، والمعاقين حركيا، وأصحاب الأمراض المزمنة في الجزائر، باتت الحاجة إلى العلاج المنزلي، ضرورة ملحة تقتضي توفير طواقم طبية متنقلة سواء في القطاع العمومي أم الخاص، وهذا للتقليل من معاناة بعض المرضى الذين يحتاجون إلى رعاية صحية دون التنقل إلى المستشفيات والعيادات.
واشتكى في هذا الإطار مختصون، ورؤساء جمعيات رعاية المرضى، من بينهم المصابون بالسرطان، وكذا الفدرالية الجزائرية للمعاقين حركيا، من غياب ثقافة العلاج المنزلي والرعاية الطبية المنزلية، وتساءل هؤلاء عن مصير البرنامج الخاص بهذه الرعاية من طرف وزارة الصحة.
ورغم مرور 6 سنوات على إطلاق البرنامج الخاص بالعلاج الصحي في المنزل من طرف الوزارة الوصية، إلا أن المستفيدين منه قليلون جدا، بالمقارنة مع شريحة مرضى السرطان، وكبار السن، والمعاقين حركيا، الذين هم بأمس الحاجة إلى خدمات صحية منزلية، وهذا بحسب ما أفاد به، الدكتور محمد كواش، المختص في الصحة العمومية.
زيادة في طلبات العلاج المنزلي لدى المخابر والمؤسسات الخاصة
وتعكس الطلبات المتزايدة على مخابر خاصة ومؤسسات الرعاية الطبية المنزلية، التي كرست نفسها لهذه الخدمة، الأهمية المتزايدة للرعاية والخدمة الصحية في المنزل، وتوسع فئة المرضى الذين يعجزون عن التنقل للعيادات والمستشفيات قصد العلاج والتشخيص، حيث إن أدنى خدمة طبية كتغيير الضمادات، والحقن، تكلف بعض المرضى معاناة هم في غنى عنها، وتكاليف مالية باهظة، وقد يجد البعض أنفسهم مضطرين للتخلي عن العلاج.
وأكد في السياق، الإداري الرئيسي للمؤسسة الخاصة بالرعاية الصحية المنزلية “إيمان أسيستونس”، عبد الرحمان يوسف، أن الطلبات على هذه الرعاية في زيادة مستمرة، حيث تسجل مؤسسته يوميا ما يفوق 15 تدخلا، أغلبهم من مرضى السكري، والسرطان، والمعاقين حركيا أو الذين يعانون كسورا في الحوض، أو على مستوى الأرجل.
وتتمثل الخدمات الصحية، بحسب المتحدث، في فحوصات شاملة للمريض داخل المنزل، وتحاليل الدم، إذ توفر “إيمان أسيستونس”، أكثر من 25 تحليلا، بالإضافة إلى تخطيط القلب، وتوفير سيارات إسعاف للنقل المستعجل، وممرضين للخدمة.
وتصل تكلفة بعض الخدمات الصحية المنزلية، إلى 9900 دج، لكن أغلبها لا تتعدى 5 آلاف دج، مع العلم أن ذات المؤسسة الخاصة يتواجد مقرها في ولاية ورقلة، وتملك فروعا في عدة ولايات، من بينها العاصمة.
ومن جهتها، تقدم مؤسسة “صونتي دوم”، المعتمدة من طرف وزارة الصحة، عدة خدمات للعلاج والرعاية المنزلية، حيث وضعت رقما أخضر لاتصال المرضى الذين لا يستطيعون التنقل إلى المستشفيات، ويبحثون عن العلاج المنزلي، وهي توفر خدمة صحية 24 ساعة على 24 ساعة، طيلة أيام الأسبوع، تتمثل في الفحص الشامل، و”إكوغرافيا” القلب، وتحاليل الدم.
وبتعدد المخابر ومؤسسات العلاج المنزلي الخاصة، بات متاحا أمام المرضى ميسوري الحال، العلاج في منازلهم، ودون عناء التنقل إلى المستشفيات والعيادات الخاصة، فعلى غرار “صونتي دوم”، هناك مخبر “بيوفال”، ومؤسسة “صونتي آب”، ومؤسسة “الصحة في المنزل” الكائن مقرها بدالي براهيم، التي توفر أطباء عامين، ومختصين، وممرضين، وأطباء للرعاية الصحية الليلية.
مرضى عاجزون عن دفع تكاليف العلاج المنزلي
وحول موضوع العلاج المنزلي، قالت رئيس جمعية “أمل” لمرضى السرطان، حميدة كتاب، إن الرعاية الصحية في المنزل باتت ضرورية جدا عند بعض الجزائريين، وخاصة عند المرضى العاجزين عن الخروج من مقرات سكناتهم، وعلى القطاع العمومي الصحي، بحسبها، أن يضع خطة لتوفير طواقم طبية من شأنها التكفل بهؤلاء المرضى.
وأكدت أن الكثير من مرضى السرطان يعيشون مرحلة متقدمة من المرض، ويتخبطون في حالة صحية متدهورة تلزمهم البقاء في السرير، وعلى هذا الأساس، ينبغي أن تبحث وزارة الصحة عن حلول لإعانة مرضى السرطان بتوفير خدمة صحية منزلية تدخل في إطار مخطط مكافحة هذا الداء.
وأوضحت كتاب أن بعض المصابين بالسرطان يتعدون مرحلة العلاج الكيميائي، والإشعاعي، ويدخلون في مرحلة متقدمة من المرض، ما يستدعي التكفل الخاص، مع مراعاة الدخل المالي للمريض، ومن الممكن، بحسبها، أن يستفيد هذا الأخير من بطاقة الشفاء، من خلال اتفاقية بين صندوق الضمان الاجتماعي والمخابر والمؤسسات الخاصة المعنية بالعلاج المنزلي، قصد تعويضه، أي المريض.
ومن جهتها، قالت رئيسة الفدرالية الجزائرية للمعاقين حركيا، عتيقة معمري، إن حوادث المرور تتسبب في تسجيل عدد كبير من المعاقين والمصابين بكسور على مستوى الحوض أو الأرجل، الأمر الذي يستدعي إعادة النظر في واقع العلاج المنزلي في الجزائر وخاصة من طرف المؤسسات العمومية.
وفي السياق، دعا رئيس جمعية “وفاء” للأشخاص المسنين، إلى تطوير الرعاية الصحية والعلاج المنزلي، كحق من حقوق كبار السن، لاسيما، بحسبه، أن فئة منهم تعيش بمفردها، أو دون سند عائلي.
هذه فوائد العلاج الصحي المنزلي
وبدوره، قال الدكتور محمد كواش، المختص في الصحة العمومية، إن العلاج المنزلي أسلوب عالمي يعرف في الجزائر تطورا بشكل بطيء، إذ بدأ في سنوات ماضية من خلال ما عرف بـ”صامي”، التنقل للعلاج المنزلي من طرف فرقة خاصة من المستشفى لرعاية المريض داخل مقر إقامته، وعندما كان يستدعي الأمر دخول المريض إلى المستشفى، ينقل بسيارة الإسعاف، متأسفا لكون هذه التجربة لم تلق التطور الكبير.
وأكد كواش أن العلاج المنزلي أصبح كنموذج طبي لجأت إليه العديد من العيادات الخاصة والفرق الطبية، وأصبح الأطباء الخواص يعتمدون هذا النظام.
ويرى بأن هذا العلاج يكتسي أهمية كبيرة بالنسبة لكبار السن والعجزة، والمرضى، والذين يعانون من أمراض مختلفة وعاهات مستدامة، والمصابين بالشلل النصفي، وكسور في الحوض، الذين يحتاجون لرعاية منزلية، وممرض للحقن أو لتغيير الضمادات، أو في حال الوعكة الصحية الطارئة. وأضاف محدثنا أن العلاج المنزلي يفيد في تخفيف الضغط على المصالح الاستشفائية والاستعجالات ويوفر أسرة شاغرة تحجز، أحيانا، دون فائدة، موضحا أن هذا العلاج لديه الكثير من الفوائد، حيث يقترح تشجيع الخواص على هذه الممارسات، وعلى أن تكون للقطاع العمومي فرق خاصة تشرف على زيارة المرضى في منازلهم بشكل دوري، وكذا كبار السن والعجزة وأصحاب الأمراض المستعصية، مع استغلال بطاقة الشفاء في الربط بين الضمان الاجتماعي والخواص.
وأشار كواش إلى أن العلاج المنزلي، يمكن أن يحمي المرضى من إصابات بعدوى لأمراض أخرى في المستشفيات، ويخفف الضغط أيضا عن هذه الأخيرة، إلى جانب توفير مناصب شغل للممرضين والأطباء.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس