أفريقيا برس – الجزائر. وقفت هيئة التفتيش الوزارية على عديد التجاوزات التي تسببت في بروز أزمة الكتاب المدرسي على مستوى مختلف ولايات الوطن مع انطلاق الموسم الدراسي الجاري، حيث واجه الأولياء صعوبة في اقتنائها لأبنائهم، ويتعلق الأمر بتورط بعض المكتبات الخاصة في بيع الكتاب في السوق السوداء بأسعار مرتفعة، بالإضافة إلى تقلص دائرة المكتبات التي رفضت التعاقد مع الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية بسبب دفتر الشروط الجديد وكذا عزوف المديرين والمقتصدين عن بيع الكتاب بسبب هامش الربح.
مكتبات خاصة ترفض التعاقد مع الديوان بذريعة تخفيض هامش الربح
أفادت مصادر “الشروق” أن التقارير التي أنجزها مفتشو التربية الوطنية بناء على تحقيقات ميدانية، قد أماطت اللثام عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى ظهور أزمة الكتاب المدرسي، الأمر الذي خلق حالة فوضى عارمة في عمليات البيع ودفع بالأولياء إلى الوقوف لساعات في طوابير طويلة أمام المكتبات الخاصة للظفر بالكتب، خاصة في ظل فرض الأساتذة على التلاميذ ضرورة إحضارهم للكتب في الأسبوع الأول من الدخول المدرسي الجاري 2021/2022، والتي أظهرت تورط بعض المكتبات الخاصة المعتمدة في تسويق الكتاب المدرسي في السوق السوداء وبأسعار جد مرتفعة أي “تحت الطاولة” دون أدنى احترام لدفتر الشروط، على اعتبار أنها قامت بتسديد تكاليف الكتب التي اقتنها من الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية نقدا ودفعة واحدة، مع حصولها على هامش ربح قدر بـ8 بالمائة، وبالتالي فالقانون يخول لها التصرف في الكتب المتبقية أي غير المباعة، الأمر الذي دفع بها إلى المضاربة بالكتب التي تحولت من وسيلة لتسهيل الأداء البيداغوجي إلى وسيلة للربح السريع المضمون، بالإضافة إلى تقلص دائرة المكتبات الخاصة المعتمدة مقارنة بالسنة الدراسية الفارطة، بسبب رفض عدد كبير منها التعاقد مع الديوان بسبب تخفيض هامش الربح بنسبة 7 بالمائة بعدما كانوا يحصلون في وقت سابق على هامش ربح وصل إلى 15 بالمائة، إلى جانب عزوف مديري المدارس الابتدائية والمسيرين الماليين على مستوى المتوسطات والثانويات، عن عملية بيع الكتب للتلاميذ، إذ جددوا المطالبة بإعفائهم من المهمة وإلا تخصيص هامش ربح مرتفع لفائدة المؤسسات التعليمية لمساعدتها على تجاوز الصعوبات المالية خاصة بالنسبة للمدارس المفلسة.
الكناباست: لا بد من التغيير في إستراتيجية البيع للقضاء على الندرة
وفي الموضوع، أكد مسعود بوديبة، الأمين الوطني المكلف بالإعلام والاتصال بنقابة المجلس الوطني المستقل لمستخدمي التدريس للقطاع ثلاثي الأطوار للتربية، لـ”الشروق”، أنه من بين الأسباب التي تقف وراء أزمة الكتاب غير المسبوقة، هو اختيار الديوان لإستراتيجية غير مدروسة لتسويق الكتاب، خاصة بعدما تم تخصيص هامش ربح لفائدة المكتبات الخاصة قدر بـ8 بالمائة، مؤكدا على أنه لو قامت الوزارة بمعالجة المشكل على مستوى المؤسسات التربوية منذ البداية، من خلال تخصيص جزء من الأرباح لفائدتها على أن تقوم كل مدرسة بإنشاء نقطة بيع خاصة بها دون اللجوء إلى الخواص، لما طرح مشكل الندرة من أساسه.
و شدد محدثنا بأن الكتاب المدرسي قد تحول من وسيلة علمية إلى أداة للربح المضمون والسريع، فيما دعا إلى ضرورة الإبقاء على المدارس كفضاء بيداغوجي لتسويق مختلف المناهج التربوية.
الساتاف: رؤساء مؤسسات متورطون في بيع الكتب “تحت الطاولة”
أما النقابة الوطنية المستقلة لعمال التربية والتكوين “الساتاف”، فقد أكدت على لسان رئيسها بوعلام عمورة، أن تقارير الولايات قد أظهرت تورط بعض رؤساء المؤسسات التربوية في بيع الكتاب “تحت الطاولة”، من خلال بيع كتب السنة الماضية للأولياء مقابل تسويق الكتب الجديدة في السوق السوداء بأسعار مرتفعة، بالإضافة إلى تقلص دائرة المكتبات الخاصة المعتمدة والتي رفضت التعاقد مع الديوان بسبب هامش الربح الذي انخفض بنسبة 7 بالمائة.
وطالب محدثنا بضرورة فتح تحقيق في عمليات البيع على مستوى المكتبات الخاصة، بغية كشف المضاربين بالكتاب المدرسي، ومن ثمة العمل على إنهاء الاحتكار ووضع حد لظاهرة البزنسة بمناهج التلاميذ نهائيا. فيما نفى وجود ندرة في الكتاب على اعتبار أن الديوان قد طبع 54 مليون كتاب وهي كمية كافية لتلبية طلبات كافة التلاميذ.
مدير التربية لولاية المدية: نقاط البيع تحت رقابة المصالح الأمنية
ومن جهته، أفاد مدير التربية لولاية المدية، زين الدين بن بوزيد، لـ”الشروق”، بأن مصالحه قد عالجت أزمة الكتاب في بداياتها من خلال جملة الإجراءات والتدابير الاستعجالية التي تم اتخاذها لتقريب الكتب من الأولياء، من خلال الرفع في نقاط البيع إلى 82 نقطة، بالإضافة إلى افكتاك رخص لإقامة معرضين، إلى جانب تحويل كل من مركز الشباب الكائن بقصر البخاري والمركز الولائي لتوزيع الكتاب ومكتبتين تابعتين للبلدية إلى مراكز لتسويق الكتب، مع اعتماد 34 مكتبة خاصة لبيع الكتب بالأسعار الرسمية المقننة، فيما تم تسخير 65 عون والذين تم تكليفهم بمهمة بيع الكتاب.