النباتات العطرية.. ثروة طبيعية بين الفرص والتحديات

النباتات العطرية.. ثروة طبيعية بين الفرص والتحديات
النباتات العطرية.. ثروة طبيعية بين الفرص والتحديات

أفريقيا برس – الجزائر. في ظل التغيرات المناخية والتوسع العمراني، تتعرض بعض الأنواع العطرية لخطر الانقراض، لذلك يدعو الخبراء إلى توسيع برامج زراعتها والحفاظ على التنوع النباتي، لما تمثله من قيمة بيئية وصحية واقتصادية، ففي الجزائر تزداد الاهتمامات بما يعرف بـ “الطبيعي” و”المستدام”، بحيث تبدو النباتات العطرية بمثابة فرصة للنهوض بالاقتصاد المحلي وتنمية المناطق الريفية، لكنها تواجه في الوقت ذاته تحديات كبيرة من ناحية الاستغلال، الحفظ، والتنمية.

وفي هذا الصدد، قال الخبير الفلاحي، المهندس أحمد مالحة، إن النباتات العطرية ليست مجرد زهور تنشر الرائحة الطيبة في الأجواء، بل هي جزء من هوية الطبيعة التي تمنحنا الصحة والجمال في آنٍ واحد، فحمايتها وزراعتها مسؤولية مشتركة، تعبق بعبير الحياة الخضراء.

أنواع بالآلاف.. ومطلوب جهود لاستغلالها

وأكد المهندس احمد مالحة، أن النباتات الطبية والعطرية لم تتطور كثيرا في الجزائر نظرا لغياب بعض التشريعات والقوانين التي تنظم هذه الشعبة، مشيرا أن هناك مبادرات فردية يقوم بها بعض المزارعين والفلاحين، وأصحاب المشاتل، رغم أن الاستثمار في النباتات العطرية يمكن أن يكسب عشرات الملايير من الدولارات، ففي فرنسا، حسبه، ساهمت النبات العطري” لافوند” فوائد مالية وصلت إلى 20 مليار دولار.

وأوضح مالحة، أن الاستعمار الفرنسي، نهب الكثير من النباتات العطرية، ولم يترك أثر المشاريع الخاصة بها التي كانت في أثناء وجوده في الجزائر، بحيث طمس بعض النباتات، وأتلف مزارعها، حتى لا تعود بالفائدة على الشعب الجزائري بعد الاستقلال.

وتشير التقديرات، حسب مالحة، إلى أن الجزائر تضم نحو 3000 نوع من النباتات العطرية والطبية، بينما يُستخدم منها فعليًّا نحو 600 فقط، وقال إن بعض البحوث المنشورة أظهرت أن قطاع النباتات العطرية في الجزائر يشهد تراجعًا في الزراعة المنظّمة والصناعات المرتبطة به، مقارنة بالماضي، وهو ما يتطلب تأسيس جمعيات وهيئات لتنظيم الاستثمار في النباتات العطرية.

وأفاد بأن بعض الجهات المختصة، تجري دراسة لتقييم الموارد الوطنية في هذا المجال، في إطار السعي للاستغلال الأمثل والتنمية المستدامة.

ومن ابرز النباتات العطرية في الجزائر، حسب ذات المتحدث، “الأوريغانو البري”، الذي يستخدم على نطاق واسع في الطبخ التقليدي وفي صناعة التوابل، مشيرا إلى أنه هذا النبات لفت مؤخّرًا الانتباه لكونه يباع بسعر غال في دول أخرى، بحيث تشير مصادر أن الأوريغانو البري الجزائري يباع في فرنسا بمبلغ يصل إلى 220 أورو للكيلوغرام.

ويعد “اللافندر أو الهلهل، من النباتات العطرية المنتشرة في المناطق الساحلية والجبلية في الجزائر، وهو معروف بخصائصه العطرية والعلاجية، إضافة إلى “النعناع البوليّوط”، الذي يستخدم تقليديا في الجزائر في بعض الأطباق الشعبية، كما يعرف بنكهته القوية ورائحته المميزة.

الفرص البيئية والاقتصادية

وأكد المهندس الفلاحي، احمد مالحة، أن النباتات العطرية، تشكل فرصة لتنمية المناطق الريفية والمناطق الجبلية التي غالبا ما تكون مهمشة اقتصاديًا، وذلك من خلال زراعة، تجميع، وتحويل النباتات العطرية، موضحا أن الطلب العالمي على المنتجات الطبيعية كالزيوت العطرية، والأعشاب والأغراض الطبية، يمكن أن يفتح السوق الخارجي أمام المنتجات الجزائرية.

وقال إن هناك تحركا نحو “تدجين”، بعض النباتات البرية واستغلالها بشكل مستدام، ومن ذلك تدريب في بعض الولايات حول هذه النباتات، لكن هناك تحديات كبيرة بحسبه، تتمثل في تراجع الزراعة المنظمة والتحويل الصناعي، خاصة أن البحوث تشير إلى أن الزراعة المنتظمة للنباتات العطرية التقليدية انخفضت، إضافة إلى تدهور وضع الطبيعة، كالتصحّر، وإزالة بعض المناطق الغابية بفعل التوسع العمراني، والجفاف وغيرها من الآثار السلبية لتغير المناخ.

ويعتبر بحسب مالحة، الاستغلال الغير كافي والافتقار لسلسلة تحويل محلية قوية، من بين المشاكل المطروحة في الجزائر، لأنها تصنف كمستورد صافي للنباتات العطرية والمستحضرات الزيتية رغم الموارد المتاحة، فبعض أنواع النباتات تحتاج إلى دراسات وتوثيق أفضل لاستخداماتها، كأساليب زراعتها، وتحويلها التجاري.

ودع في السياق، الخبير الفلاحي احمد مالحة، إلى ضرورة تشجيع البحوث التطبيقية لتحديد الأنواع ذات القيمة العالية والمحليّة الصالحة للزراعة والتحويل، ودعم المزارعين المحليين من خلال برامج تدريب، تأهيل، وتقنيات الزراعة والتجميع، مع بناء سلسلة تحويل محلية للزيوت العطري، وطرق التجفيف، والتعبئة، والتسويق، قصد زيادة القيمة المضافة داخل الجزائر بدلا من تصدير المادة الخام للخارج.

وأكد على حماية مناطق تواجد النباتات العطرية، مع حماية التنوع النباتي، وفق التغيرات المناخية، وتوجيه الجهود نحو التسويق والعلامات التجارية التي تبرز الطابع الجزائري، لرفع قيمة المنتج وتسويقه في الخارج.

وقال مالحة، إن النباتات العطرية في الجزائر تشكل فرصة واعدة تجمع بين التراث الطبيعي، القيم الاقتصادية، والإمكانات الزراعية، فهي تحتاج إلى رؤية واضحة، تنظيم، واستثمار من أجل الاستفادة منها بشكل مستدام.

سمية امرأة صحراوية تستثمر في النباتات العطرية

وحول موضوع النباتات العطرية في الجزائر، تؤكد رئيسة جمعية بوابة الصحراء للثقافة والتراث بولاية نعامة، سمية شعبان، أن المرأة المبدعة في الجنوب، تحاول بكل جهدها أن تجعل من هذه النباتات فرصة للاستثمار من خلال استغلال ما هو موجود في بعض المناطق كعين الصفراء وأدرار.

وقالت سمية شعبان، إنها تجمع الأعشاب والنباتات وتستخلص منها زيوت طبيعية دون أي إضافات صناعية، موضحة أن الجنوب الجزائري، يمكن أن يحقق استثمارا واعدا في تقطير الزيوت الطيارة، كزيت إكليل الجبل وزيت الشيح ونبات العلندة الذي اثبت مساهمته في علاج بعض الأورام السرطانية.

وتمكنت حسب خبرتها في تقطير الزيوت الطبيعية، من استخلاص عدة أنواع، بحيث تقوم بحسب ما أكدته، بجمع نباتات برية وتجفيفها بطريقة مناسبة مع إبعادها عن الرطوبة، ثم سحقها بطاحونة حجرية، وتخزينها في جرار طينية، في مكان مظلم لتقوم بعد ذلك أي بعد 21 يوما بعصر الزيوت منها.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here