أحزاب جزائرية تنسق جماعيا لإطلاق مبادرة “لم الشمل”.. والهدف “صد التدخلات الأجنبية”

13
أحزاب جزائرية تنسق جماعيا لإطلاق مبادرة “لم الشمل”.. والهدف “صد التدخلات الأجنبية”
أحزاب جزائرية تنسق جماعيا لإطلاق مبادرة “لم الشمل”.. والهدف “صد التدخلات الأجنبية”

أفريقيا برس – الجزائر. اتفقت أحزاب سياسية جزائرية على إطلاق مبادرة مشتركة للتشاور والحوار فيما بينها من أجل “تمتين الجبهة الداخلية”، وستكون أولى اجتماعاتها الرسمية يوم الأربعاء بالعاصمة لإنضاج هذه الخطوة وإعلان خطوطها العريضة للراغبين في الالتحاق بها.

وتأتي التحركات لعقد هذا الاجتماع بعد مساع من عبد القادر بن قرينة، رئيس حركة البناء الوطني الذي سبق له الإعلان عن مبادرة جديدة بعنوان “لم الشمل” خلال المؤتمر الأخير لحزبه الذي انتخب فيه رئيسا لعهدة ثانية، وأبرز أن دوافعه في إطلاقها أن “لا تتحول دولتنا لساحة فوضى خاصة بعد الارتدادات السلبية التي تعم المنطقة معتبرا “هذه المبادرة هي مبادرة المواطن من أجل مجتمع متماسك”.

وسيكون لقاء الأربعاء خطوة أكثر رسمية بعد الاجتماع التمهيدي الذي انعقد قبل أيام وجمع ممثلين عن أحزاب سياسية كبرى مثل جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وجبهة المستقبل وهي أحزاب تشكل إلى جانب حركة البناء الأغلبية الرئاسية في البرلمان، إلى جانب حركة مجتمع السلم التي تمثل المعارضة وحزب صوت الشعب الذي يتبنى مواقف مؤيدة للرئيس. كما يمتد اللقاء إلى الكشافة الإسلامية ومنظمات عن المجتمع المدني قريبة من الطرح الوطني.

وينتظر أن تطلق هذه الأحزاب أرضية سياسية لمبادرتها تطرح فيها تصورها العام للأوضاع الوطنية والدولية والقواسم المشتركة بينها خاصة فيما يتعلق بدعمها لمؤسسات الدولة على رأسها رئاسة الجمهورية والجيش ورفضها للتدخل الأجنبي والتحذير من سياسات القوى الأجنبية الكبرى في بلدان مجاورة ومحاولات الاختراق الصهيوني للمنطقة الذي تعتبره الجزائر تهديدا مباشرا لها وتجديد العهد مع دعم القضية الفلسطينية. وليس مصطلح “لم الشمل” غريبا في دائرة الموالاة، فقد سبق استعماله السنة الماضية من قبل الرئاسة الجزائرية، في إطار الحديث عن رؤية الرئيس عبد المجيد تبون لكيفية بناء “الجزائر الجديدة”.

ويكون بن قرينة وهو مرشح رئاسي سابق، قد توصل لاتفاق مع حزب جبهة التحرير الوطني الذي يمثل الأغلبية في البرلمان، للتحرك بشكل مشترك، كون هذا الحزب قد أطلق بدوره قبل أيام دعوة إلى تشكيل جبهة داخلية للدفاع عن مؤسسات الدولة رئيسا وجيشا وأمنا وحماية الوحدة الوطنية وثوابت الأمة والحفاظ على المكاسب المحققة تحت قيادة الرئيس عبد المجيد تبون، وفق بيان الحزب.

وبدا أن اللائحة الأخيرة التي أصدرها البرلمان الأوروبي لإدانة واقع حرية الصحافة في الجزائر كانت سانحة مناسبة لتسريع إخراج هذه المبادرة وإيجاد المسوغات للإقناع بوجود تربص خارجي بالجزائر تحت غطاءات مختلفة من بينها الموضوع الحقوقي. وكانت هذه اللائحة محل إدانة شديدة من أغلب الأحزاب في الموالاة والمعارضة المعتدلة ممثلة في حركة مجتمع السلم التي تعد القوة الثانية حزبيا في البرلمان.

وفي بيانها الأخير، لمحت حركة مجتمع السلم إلى استعدادها للانخراط في مبادرة سياسية، حيث ثمّنت ما قالت إنها “عودة الطبقة السياسية إلى ساحة التدافع السياسي بعد مرحلة الانحباس بعقد مؤتمراتها وتقديم مبادرات سياسية مشتركة على اعتبار أن الأداء الحزبي هو الأداة المثلى للتعبير عن تطلعات وآمال المواطنين والوسيط الفعال لتحقيق التغيير وتجسيد إرادة الشعوب”.

ودعت حمس السلطة السياسية أن تقابل ذلك، بفتح قنوات الحوار الواسع والجامع الذي يناقش أولويات المرحلة، مع الإشارة إلى ضرورة نزع مبررات التدخل الأجنبي الذي يستعمل للابتزاز في القضايا الحقوقية، معتبرة أن حرية الصحافة والتعبير والتعددية الاعلامية والنقابية والجمعوية، مسارات كرسها الدستور الجزائري تقتضي توفير الحماية لها وتجريم من ينتهكها.

وتأتي هذه المبادرة الجديدة في سياق مشاريع تكتلات أطلقتها عدة أحزاب في الفترة الأخيرة في صف الموالاة والمعارضة. ونادت في سياق ذلك، جبهة القوى الاشتراكية وهي أقدم حزب معارض محسوب على التيار الديمقراطي في بيانها الأخير، إلى “تشكيل تجمع للقوى الوطنية حول مشروع تاريخي مستمد من قيم و مبادئ أول نوفمبر 1954 وأرضية مؤتمر الصومام 1956، الذي يستأنف الرسالة التاريخية لبناء دولة وطنية ديمقراطية واجتماعية ويكرس المبادئ العالمية لسيادة القانون.. في إطار الاحترام الصارم للوحدة الوطنية وسيادة البلاد”.

ويأتي نداء القوى الاشتراكية، بعدما قال الحزب إنه أخذ علما بـ”التطورات الحاصلة على مواقف بعض الأوساط السياسية المحسوبة على المعارضة التي تخلت عن المنطق الشعبوي والمتطرف الذي ساهم بقوة في إفساد الروح الوطنية والديمقراطية للانتفاضة الشعبية لـ 22 فيفري 2019.”

ويقصد الحزب بذلك إمكانية التشاور مع قوى سياسية أخرى باتت تتبنى فكرة الحوار على الرغم من موقفها المعارض بشدة للسياسات الحالية. وكانت أحزاب العمال والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية والإتحاد من أجل التغيير والرقي، قد اتفقت على القيام بعمل تنسيقي مشترك بينهم لمتابعة الوضع السياسي في البلاد في ظل ما تعتبره وضعا دوليا عصيبا يتطلب حماية البلاد.

واعتمدت هذه الأحزاب لغة خطاب مشتركة ناصحة للسلطة أكثر منها هجومية ضدها، ما قد يمهد لإمكانية فتح قنوات حوار بين الطرفين. ومن أبرز مطالبها إلغاء القوانين المقيدة للحريات مثل قانون العمل النقابي والحق في الإضراب وقانون الإعلام وإطلاق سراح سجناء الرأي والسجناء السياسيين، وفق ما ظهر في بياناتها، وهو ما يختلف جوهريا مع أهداف أحزاب الموالاة من وراء مبادرتها.

وينتعش سوق المبادرات السياسية في الجزائر في فترات الأزمات الداخلية واستشعار الخطر الخارجي. وكانت العهدة الأخيرة للرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة التي كان غائبا فيها بسبب المرض من أكثر الفترات التي عرفت انتعاشا للمبادرات، وكان أبرز ما طرح في تلك الفترة مبادرات الانتقال الديمقراطي والإجماع الوطني من جانب المعارضة ومبادرة الجدار الوطني للدفاع عن الرئيس السابق في صفوف الموالاة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here