أفريقيا برس – الجزائر. وصلت التوترات بين الجزائر ومالي إلى محكمة العدل الدولية التي أعلنت مؤخرا أنها تلقت التماسا من مالي ضد الجزائر، حيث اتهمتها باماكو بإسقاط مسيّرة تابعة لجيشها مطلع أبريل/نيسان الماضي.
في المقابل أعربت الجزائر رفضها بشكل قاطع الدعوى التي رفعتها السلطات المالية ضدها أمام محكمة العدل الدولية.
وأوضح بيان للوزارة، أمس الجمعة، أن الحكومة المالية كانت قد أعلنت بتاريخ 4 سبتمبر الجاري عن إيداع عريضة ضد الجزائر، قبل أن تؤكد محكمة العدل الدولية، في 16 سبتمبر، استلامها لهذه العريضة.
وأضاف المصدر ذاته، أن وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، كان قد نفى في ندوة صحفية يوم 13 سبتمبر، المزاعم المالية، مؤكدا أن الجزائر “تحترم القانون الدولي وتولي تقديرا عميقا لمحكمة العدل الدولية”.
وكانت مالي اتهمت الجزائر بإسقاط طائرة مسيّرة تابعة للجيش المالي، مطالع أبريل/نيسان الماضي، وقالت باماكو إن الطائرة أسقطت فوق الأراضي المالية في انتهاك لمجالها الجوي، بينما أكدت الجزائر أن بيانات الرادار الصادرة عن وزارة الدفاع “تثبت بوضوح انتهاك (المسيّرة) المجال الجوي الجزائري.
ما انعكاسات التصعيد؟
حول انعكاسات التصعيد، قال البرلماني الجزائري، موسى خرفي، إن دول الساحل الثلاث (مالي، النيجر، وبوركينا فاسو) ليست من أكبر شركاء الجزائر التجاريين من حيث الحجم الكلي مقارنة بأوروبا أو الصين، لذلك فإن الانعكاس المباشر على صادرات الجزائر الكبرى قد يبقى محدودا.
وأضاف خرفي أن الضرر الواقع على مستوى الإقليم قد يكون واضحا، خاصة في القطاعات الحساسة مثل النقل والأمن الحدودي والتعاون الزراعي، وذلك بسبب تأثر سلاسل التزويد الإقليمية وسلامة الشحن البري عبر حدود الساحل، بالإضافة إلى المشاريع الاستثمارية المشتركة.
وأوضح أن هناك تأثيرا غير مباشر مهم، فتدهور الاستقرار الأمني يرفع مخاطر التأمين ويزيد كلفة النقل ويبطئ الاستثمارات الأجنبية بالمنطقة، كما أن الدول التي اختارت الانحياز إلى مالي قد تظهر استعدادا لتقليل التعاون مع الجزائر في ملفات معينة، وهذا يمكن أن يؤثر على عقود وخدمات قائمة.
هل يتأثر مشروع “خط الغاز”؟
وحول تأثير النزاع على مشروع خط الغاز العابر للصحراء، أشار خرفي إلى أن ذلك يعتمد على التفاهم السياسي بين الدول الثلاث (نيجيريا، النيجر، والجزائر) والاستقرار الأمني في المسار عبر النيجر، لافتاً إلى أنه في أوائل 2025 جرى تسريع الاتفاقيات لتعزيز دراسة الجدوى، لكن في الأشهر اللاحقة، برزت أنباء تفيد بأن النيجر قد “تباعدت” أو قلت حماسها للمشروع.
وأوضح أن الخلافات الجزائرية- الساحلية قد تزيد الضغوط على نيامي لاتخاذ مواقف سياسية تؤثر على التعاون، وبالتالي فإن المشروع معرض لتأخيرات إضافية أو ضرورة إعادة ترتيب الضمانات السياسية والمالية.
فضلا عن أن عامل الأمان ومرور الخط عبر أراضٍ توجد فيها مجموعات مسلحة يزيد من كلفة الحماية ويجعل المستثمرين يطالبون بضمانات قوية.
فيما قال الخبير الأمني الجزائري، أكرم خريف، إن التوترات بين مالي والجزائر متعلقة أساساً بالشأن الداخلي في مالي.
خلفية الصراع
وأضاف خريف أن هذه التوترات جاءت نتيجة خروج مالي من اتفاقيات الجزائر للسلام، والتي اعتبرت بموجبها الحكومة المالية كل الجماعات السياسية والمسلحة جماعات إرهابية، بما فيهم جماعات الطوارق والجماعات الانفصالية في الشمال التي انخرطت في مفاوضات معها لعدة سنوات.
وأوضح أن المصالح الاقتصادية بين مالي والجزائر ليست كبيرة، وأن شمال مالي يعيش من التبادلات مع الجزائر، لكنه لا يخضع للحكومة المركزية في باماكو.
استفادة متبادلة
ويرى أن تكتل دول الساحل، الذي له علاقات متفاوتة مع الجزائر، ربما سيكون له أثر، ولكن هذا الأثر جانبي وليس كبيراً جداً.
وحول تأثير هذه التوترات على مشروع أنبوب الغاز، يستبعد خريف، أن تكون هناك انعكاسات كبيرة، خاصة وأن العلاقات بين النيجر والجزائر مقبولة وجيدة، في حين أن الأخيرة أكبر من يستفيد من هذا المشروع لما يمثله من أهمية في الاقتصاد النيجيري الذي هو من أضعف الاقتصادات في العالم.
ودفعت حادثة إسقاط الطائرة إلى أزمة دبلوماسية بين البلدين الجارين، كما استدعت مالي وحليفتاها النيجر وبوركينا فاسو سفراءهم لدى الجزائر، التي أعلنت بدورها استدعاء سفيريها في مالي والنيجر، في ظل تصاعد التوتر بين البلدان الأربعة.
تحركات بطيئة
وفق الخبراء فإن التوترات يمكنها أن تطال مشروع الغاز النيجيري، خاصة في ظل عدم التقدم في المشروع بشكل ملحوظ، بعد أن جرى إعلان الموافقة على خريطة طريق لأنبوب الغاز من قِبل ممثلي البلدان التي سيمُرّ عبرها الأنبوب إلى أوروبا، وهي النيجر والجزائر ونيجيريا، في 18 فبراير/شباط 2022.
وفي يوليو/تموز 2022، وقعت الجزائر مذكرة تفاهم مع نيجيريا والنيجر لإنجاز دراسة الجدوى وتعميق الدراسات لإنجاز مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء.
ويربط مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء الدول الثلاث بطول إجمالي 4128 كيلومترا منها 1037 كيلومترا داخل الأراضي النيجيرية و841 كيلومترا في النيجر و2310 كيلومترات في الجزائر.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس