التشرذم في مصادر صناعة القرار بباريس ينذر بما هو أخطر

1
التشرذم في مصادر صناعة القرار بباريس ينذر بما هو أخطر
التشرذم في مصادر صناعة القرار بباريس ينذر بما هو أخطر

محمد مسلم

أفريقيا برس – الجزائر. لا تتناسب تماما الأقوال بالأفعال لدى السلطات الفرنسية عندما يتعلق الأمر بالعلاقات مع الجزائر، فبينما يدّعي كل من الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ووزير خارجيته، جون نويل بارو، الحرص على العلاقات مع الجزائر، تتبنى مؤسسات فرنسية أخرى نهجا مختلفا، يدفع إلى التشكيك في نوايا صناع القرار في باريس.

وجاء في بيان مجلس الأمة برئاسة عزوز ناصري، موجه لنظيره الفرنسي عقب الاستفزازات المتكررة لهذا الأخير تجاه الجزائر، لتؤكد أن السلطات الفرنسية ليس في نيتها إعادة العلاقات الثنائية إلى السكة، طالما أن هناك أطرافا مسؤولة في باريس تعمل على تخريب هذه العلاقات.

وعندما يصدر موقف جزائري يدافع بكل سيادة عن الدولة الجزائرية، ترتفع الأصوات في المستعمرة السابقة، منددة بما تعتبره “إهانة الجزائر لفرنسا”، وهي العبارة الشهيرة التي صدرت عن وزير الداخلية الفرنسي، برونو روتايو، في شهر جانفي الماضي، عندما رحل رعية جزائري خارج القوانين والأعراف الدبلوماسية المعمول بها بين البلدين، والتي تحكمها اتفاقيات ثنائية.

وبعد أيام معدودات من استقبال مجلس الشيوخ الفرنسي، الإرهابي الفار من العدالة الجزائرية، فرحات مهني، للمرة الثانية في ظرف أقل من شهر، تخرج بعض الأوساط الفرنسية متباكية على ما قالت إنها الضغوط التي تتعرض لها السفارة الفرنسية في الجزائر، تماما كما حصل بعد طرد الجزائر 12 موظفا في السفارة الفرنسية بالجزائر، ردا على الإيقاف الاستعراضي لإطار قنصلي جزائري في باريس، خارج القوانين والأعراف.

الفرنسيون اليوم يتحدثون عن ضغوطات زعموا أن سفارتهم وملحقاتها في الجزائر تتعرض لها، في أحدث تسريب صدر عن دبلوماسي فرنسي لم يكشف عن هويته، وقد أوردتها صحيفة “لوموند” الثلاثاء الثالث من جوان الجاري، في مقال لها جاء تحت عنوان: “السفارة الفرنسية في الجزائر تتعرض للضغط والتضييق”.

وتنقل الصحيفة الفرنسية عن الدبلوماسي قوله: “تعمل السلطات الجزائرية وفق المذكرات الشفوية، وفقا للمصطلحات الدبلوماسية الحالية. وتُحال الرسائل التي تكتبها السفارة إلى جهة واحدة، وهي وزارة الخارجية الجزائرية”. ويزعم المصدر ذاته قائلا: “خلال فترات السلم في العلاقات الثنائية، لم يكن الرد عبر الفاكس يصل إلا في نصف الحالات، دون أن يعلم أحد ما إذا كان ذلك بسبب سوء النية أو ببساطة، بسبب تقصير الإدارة المحلية، فتخيلوا ماذا يعني ذلك في أوقات الأزمات!”.

كما تحدث المصدر ذاته عن العزلة التي يعيشها المركز الاقتصادي للسفارة “بيزنس فرانس”، التي لديها مكتب هناك، فهي محرومة، يضيف المصدر، من العلاقات الرسمية، وبالتالي لا تستطيع تنظيم اجتماعاتٍ مهنية أو مناقشة مشاريع استثمارية، فيما يقتصر دورها على تحليل تطور السوق الجزائرية دون أي تأثيرٍ على أصحاب المصلحة، لاسيما في ظل تدهور اقتصادي، وتراجع الصادرات الفرنسية إلى الجزائر بنسبة 21 بالمائة في الربع الأول من عام 2025.

ويتباكون أيضا على توقف الأنشطة الثقافية التابعة للسفارة، وصعوبة الحصول على تأشيرات للفنانين الفرنسيين الراغبين في تقديم عروضهم في الجزائر، والتضييق على اللغة الفرنسية، من خلال الانتقال إلى تدريس الطب والصيدلة، باللغة الإنجليزية بدلًا من الفرنسية، وقبل ذلك توقف التعاون الشرطي والقضائي بين البلدين، لكنهم يتجاهلون الأسباب التي أدت إلى هذا الوضع، بعدما كانت زيارة وزير الخارجية الفرنسي، جون نويل بارو، إلى الجزائر في السادس من أفريل المنصرم، قد أعادت جسور التواصل بين البلدين على جميع الأصعدة.

أما الجهة الوحيدة التي بقيت بعيدة عن التضييق على حد ما جاء في “لوموند” هي القنصلية الفرنسية، التي تواصل الاستجابة لطلبات الأحوال المدنية، وضمان الحماية القنصلية للمواطنين الفرنسيين، ومعالجة طلبات التأشيرات المقدمة من الأفراد، وفق المصدر الدبلوماسي، الذي حذر من أن تُسفر هذه الأزمة، في حال استمرارها، عن “آثار هيكلية على العلاقة بين فرنسا والجزائر”، على حد تعبيره.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here