أفريقيا برس – الجزائر. بينما تجري التحضيرات لزيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، إلى باريس، والمقررة مبدئياً الخريف المقبل، أعلنت الجزائر تمسكها بـ«أربعة ملفات» تخص الذاكرة المشتركة مع فرنسا، يأتي على رأسها «قضية جماجم رموز المقاومة الشعبية ضد الاستعمار»، المحتفظ بها في متاحف فرنسية.
وأثار وزير المجاهدين، العيد ربيقة، الملفات الأربعة في تصريحات لوسائل الإعلام بمناسبة «عيد النصر» (19 مارس/آذار 1962)، الذي يجسد وقف إطلاق النار بين قادة ثورة التحرير (1954 – 1962) والحكومة الفرنسية، إثر مفاوضات طويلة، موضحاً أن الأمر يتعلق بـ«أرشيف حرب التحرير واستعادة جماجم المقاومين، والكشف عن مصير المناضلين المبعدين، ومسؤولية فرنسا عن مخلفات التجارب النووية التي أجرتها بصحراء الجزائر». كما أكد ربيقة أن «الاستيلاء على الأرشيف الجزائري تم بشكل منظم منذ بداية الاستعمار (1830)، واستمر حتى الاستقلال».
كانت الجزائر قد استرجعت عام 2020 رفات 24 من كبار قادة المقاومة الشعبية ضد الاستعمار خلال القرن الـ19، احتفظت به فرنسا بأحد متاحفها لعشرات السنين، وأقامت لهم جنازة رئاسية، وتم دفنه في «مقبرة العاليا» بالعاصمة، حيث قبور قادة الثورة ورمز المقاومة الشعبية الأمير عبد القادر. وتقول الحكومة الجزائرية إن متاحف باريس تحتفظ ببقايا عظام عدد كبير من المقاومين، تطالب باستعادتهم، لكن لم تعلن عن عددهم.
كان وزير الخارجية الجزائرية، أحمد عطاف، قد صرح نهاية العام الماضي بأن بلاده طلبت من فرنسا أن تعيد لها برنس وسيف الأمير عبد القادر، وبقية أغراضه الموجودة بقصر أمبواز بفرنسا، حيث كان محتجزاً من 1848 إلى 1952. لكن الفرنسيين رفضوا بذريعة أن الموافقة على الطلب تستدعي استصدار قانون، وفق عطاف الذي أوضح أن الموقف الفرنسي «لم يكن مشجعاً على إجراء زيارة تبون عندما كانت مقررة في مايو (أيار) 2023.
أما «قضية أرشيف الثورة»، فلا تزال محل بحث من طرف «لجنة الذاكرة الجزائرية – الفرنسية»، التي أطلقها رئيسا البلدين في 2022، وحددا لها مهمة «الاشتغال على أصول وأسباب الاستعمار الفرنسي للجزائر في القرن التاسع عشر، من خلال جرد لوثائق الأرشيف المودعة في فرنسا والجزائر، التي تتطرق بشكل خاص إلى الغزو الاستعماري».
وتطالب الجزائر باستعادة كل الوثائق والمستندات والصور، التي تخص فترة الاستعمار، خصوصاً مرحلة الثورة، تحديداً الأرشيف المتعلق بشؤون القضاء وإدارة البوليس الفرنسي، حيث تبحث عن أدلة عن أعمال التعذيب والإعدامات بعيداً عن المحاكم، التي طالت المئات من المناضلين السياسيين.
وفي نهاية 2021، قررت فرنسا رفع السرية عن الأرشيف الخاص بحرب الجزائر قبل 15 عاماً من المهلة القانونية، وخص القرار التحقيقات القضائية لقوات الدرك والشرطة حول حرب الجزائر. لكن الجزائريين عدوا هذه الخطوة «غير كافية».
وفيما يتعلق بـ«المبعدين» أو «المنفيين»، فإن الجزائر تطالب فرنسا بتحديد عددهم وتسليمها أسماءهم والمصير الذي لقوه. وبدأت أولى موجات التهجير عام 1871، حينما رفضت قبيلة واسعة الانتشار شرق الجزائر قراراً أصدره وزير الحربية الفرنسية بتجنيدهم في الحرب ضد روسيا، التي انتهت بهزيمة الإمبراطورية الفرنسية الثانية، بقيادة نابليون الثالث. وكانت أشهر أرض احتضنت المنفيين في القرن التاسع عشر كاليدونيا الجديدة بالمحيط الهادي.
أما عن التجارب النووية التي أجرتها فرنسا مطلع ستينات القرن الماضي بالصحراء، واستمرت حتى 1967، فيطالب الجزائريون بدفع تعويضات مادية لضحاياها ممن ما زالوا أحياء، أو لذويهم. كما يطالبون فرنسا بتنظيف المواقع التي وقعت بها التفجيرات من الإشعاعات التي ما زالت مخلفاتها تلحق أضراراً بالإنسان والبيئة، حسب خبراء جزائريين.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس