أفريقيا برس – الجزائر. يكشف مقترح تعديل على قانون المالية الفرنسي لـ2026، عن تربص برلماني واضح بتحويلات العملة الصعبة للمغتربين الجزائريين نحو أرض الوطن، من خلال فرض ضريبة جديدة بنسبة 1 بالمائة على كل عملية من فرنسا نحو دول تقع خارج الاتحاد الأوروبي، في مقدمتها الجزائر ودول شمال إفريقيا إضافة إلى بلدان إفريقية أخرى.
في هذا السياق، ورد في مقترح التعديل رقم 3258 على مشروع الموازنة الفرنسية للسنة الجديدة، الذي أودع في 22 أكتوبر الجاري، أن التعديل يقضي بإنشاء ضريبة على كل تحويل مالي ينجزه شخص طبيعي لأسباب شخصية، ولا يدخل في إطار نشاط مهني أو تجاري أو إنساني، على أن تستثنى فقط التحويلات الموجهة داخل الاتحاد الأوروبي أو تلك التي تقوم بها منظمات إنسانية معتمدة، وخصّ بالذكر عددا من الدول وعلى رأسها الجزائر.
ولفت معدو المقترح، المنتمون إلى كتلة “اتحاد اليمين من أجل الجمهورية” إلى أن التحويلات نحو الدول غير الأوروبية تمثل سنويا ما يقارب 10 مليارات يورو، يوجّه القسم الأكبر منها نحو بلدان شمال إفريقيا والساحل الإفريقي وإفريقيا الغربية، معتبرين أنها تمثل “فقدانا صافياً للثروة المنتجة على التراب الفرنسي”، متناسين الإسهام الكبير والحيوي للمهاجرين في الاقتصاد الفرنسي على اختلاف قطاعاته.
وبرّر أصحاب المبادرة فرض هذه الضريبة بغياب أي مساهمة ضريبية على هذه العمليات المالية، مؤكدين أنها مستوحاة من نموذج “الضريبة على المعاملات المالية” المعمول بها في فرنسا، وأنها ستحصّل شهريا من قبل المؤسسات المالية وتحول إلى الخزينة العامة.
وأوضح النص أن الهدف من هذه الخطوة هو تأمين موارد إضافية لخزينة الدولة في ظل الصعوبات المالية، إذ يتوقع أن توفر هذه الضريبة نحو 100 مليون يورو سنويا، من دون أن تشمل التحويلات المهنية أو تلك الموجهة داخل الاتحاد الأوروبي.
كما تضمن نص التعديل نزعة ابتزازية واضحة ليست بغريبة عن أحزاب اليمين الفرنسي، من خلال محاولة ربط إعفاء بعض الدول من هذه الضريبة، شريطة أن يتعاونوا بشكل مرض في مجابهة الهجرة غير الشرعية.
وأشار مقترحو التعديل في هذا الشأن إلى أن “الحكومة ستحتفظ بإمكانية إعفاء بعض الدول من هذه الضريبة عبر مرسوم”، شرط أن تظهر “تعاونا مرضيا” في مجال التحكم في الهجرة غير النظامية والتعاون القنصلي وإعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى بلدانهم.
وذهب التعديل إلى حد ربط هذه المساهمة بما سماه أصحابها “تكلفة الهجرة على المالية العامة”، والتي قدّرها المرصد الفرنسي للهجرة والديموغرافيا بنحو 75 مليار يورو سنويا، مع تكلفة صافية تناهز 41 مليار يورو بعد احتساب الضرائب والمساهمات الاجتماعية للمهاجرين.
وفي محاولة لتبرير المقترح، ذكر أصحاب التعديل أن 10 مليارات يورو يتم تحويلها سنويا نحو كل من الجزائر والمغرب وتونس والسنغال ومالي وجزر القمر وكوت ديفوار، زاعمين بأن هذه المبالغ تمثل ثروة جرى إنتاجها على التراب الفرنسي ويتم تهريبها نحو الخارج.
ومن شأن هذا التعديل، إن تمت الموافقة عليه، والذي يجري حالياً دراسته من طرف مصالح الجمعية الوطنية الفرنسية، أن يقتطع من تحويلات مئات الآلاف من المغتربين الجزائريين المقيمين بفرنسا، وكلما زاد المبلغ، زاد المبلغ المقتطع، خصوصا أنهم أكبر جالية أجنبية بهذا البلد الأوروبي.
ويظهر التعديل بوضوح أنه وبدل الاعتراف بالدور الاقتصادي والإنساني الكبير الذي تؤديه الجاليات المقيمة في فرنسا، وخاصة الجالية الجزائرية التي تعد الأكبر عددا وتأثيرا، إلا أن أصحاب المقترح اختاروا تصوير المهاجرين كمصدر عبء على المالية العامة، من منطلق أن المغتربين يضخون وسنويا مليارات اليوروهات في الاقتصاد الفرنسي عبر الضرائب والمساهمات الاجتماعية والاستهلاك، وجاء مقترح التعديل ليحولهم إلى متهمين يحملون مسؤولية أزمات مالية وهيكلية لا علاقة لهم بها.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر عبر موقع أفريقيا برس





