أفريقيا برس – الجزائر. أطلق محمد شرفي، رئيس السلطة الوطنية للانتخابات في الجزائر، تصريحات مثيرة للجدل بعد وصفه رفض الاقتراع في منطقة القبائل خلال مختلف الانتخابات السابقة بالفعل السلمي والديمقراطي، وهو ما يتعارض مع خطاب السلطة التي كانت تعتبر أن رفض الانتخابات يعود في جزء منه إلى وجود مجموعات تمنع المواطنين من التصويت.
وقال شرفي في زيارة له إلى ولاية بجاية التي تستعد لتنظيم انتخابات محلية جزئية، إنه يهنئ سكان منطقة القبائل على درس المواطنة الذي قدموه. وخاطبهم بالقول: “أخذتم في السابق موقفا سلميا وقلتم لا للانتخابات، ثم أخذتم بعد ذلك موقفا سلميا آخر بتنظيم الانتخابات. هذه هي الديمقراطية التي يجب أن تتحكم في الخيارات”. واعتبر المتحدث أن المنافسة في العملية الانتخابية هي المدرسة الحقيقية للتأهيل للحوكمة، داعيا كل من له طموح للمشاركة في الانتخابات.
وتأتي جولة شرفي في إطار الوقوف على استعدادات المنطقة لتنظيم الانتخابات المحلية الجزئية المقررة في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، وللترويج للفعل الانتخابي في منطقة تعد الأكثر عزوفا عن الانتخاب في الجزائر منذ سنوات طويلة، وتحول فعل العزوف إلى رفض للانتخابات في الفترة التي تلت الحراك الشعبي سنة 2019، حيث كان الانخراط واسعا في المسيرات بالمنطقة، للمطالبة بالتغيير الجذري ورحيل كل رموز النظام قبل التفكير في تنظيم الانتخابات.
لكن حاجز الرفض الذي استمر منذ رئاسيات 2019 إلى استفتاء الدستور في 2020 إلى الانتخابات التشريعية في 2021، تراجعت حدته مع الانتخابات المحلية لسنة 2021 بعد قرار جبهة القوى الاشتراكية، وهي أكبر الأحزاب المتجذرة في المنطقة، المشاركة، وتبنيها خطابا يتقاطع جزئيا مع خطاب السلطة الداعي لمحاربة التيار الانفصالي في المنطقة، الذي تتهمه بالتحريض على الخروج عن سلطة الدولة ورفض الانتخابات التي تنظمها. وعمدت السلطة في الجزائر عقب تعذر تنظيم الانتخابات في منطقة القبائل إلى إصدار قوانين صارمة تعاقب إلى غاية 20 سنة سجنا كل من يعرقل سير العملية الانتخابية. كما قامت منذ سنة ونصف بحملة اعتقالات واسعة ضد قياديي تنظيم “الماك” الانفصالي بعد تصنيفه على قوائم الإرهاب.
لهذه الأسباب وأخرى ترتبط بطبيعة الانتخابات المحلية ذات الطابع الخدمي بالدرجة الأولى للمواطنين، سجلت المنطقة نسبة تصويت أعلى قليلا في الانتخابات المحلية الأخيرة، مع تسجيل أحداث في بعض البلديات القليلة التي لم يجر فيها التصويت، وهو ما سيتم استدراكه في الانتخابات الجزئية المعلن عنها.
وفي سياق الترويج لهذه الانتخابات، غازل شرفي سكان منطقة القبائل الناطقة بالأمازيغية بتصريحات تؤكد التمسك بالهوية الأمازيغية للبلاد. وقال: “بارك الله في كل من يسعى لتمتين النسيج الوطني مثلما كانت المقاومة ضد الاستعمار، تكون المقاومة ضد التخلف وضد كل من يعيق تطور الجزائر”. قبل أن يضيف: “نحن كلنا أمازيغ.. هناك جزائريون يعلمون ذلك وهناك من يجهلون، وسيعيد التاريخ بناء الفرد الجزائري كما كان عليه في الأصل قبل 2.4 مليون سنة، فقد تبين أن الإنسان الأقدم في البشرية وجد عندنا”.
واستحسن رئيس سلطة الانتخابات، إقبال الأحزاب السياسية والقوائم الحرة على سحب ملفات الترشح، وإقبال المواطنين للتسجيل في القوائم الانتخابية رغم فترة العطلة. وتابع يقول: “أشجعكم على مواصلة المسار وتطويره لصالح منطقة القبائل وللجزائر ككل، ومرجعنا في الثورة هو بيان أول نوفمبر، ويليه مؤتمر الصومام (اجتماع قادة الثورة الجزائرية بمنطقة القبائل سنة 1956 الذي انبثقت عنه قيادة سياسية)”.
وكان الرئيس عبد المجيد تبون، قد أمضى قبل أيام على مرسوم رئاسي يستدعي بموجبه الناخبين لانتخابات جزئية لأعضاء المجالس الشعبية لبلديات ولايتي تيزي وزو وبجاية. وتشمل هذه الانتخابات، بلديات فرعون، مسيسنة، توجة، وأقبو، بولاية بجاية. وبلديات، آيت محمود وآيت بومهدي، بولاية وتيزي وزو. وينتظر أن تجرى هذه الانتخابات الجزئية يوم 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2022. ووفق المرسوم، سيتم الشروع في المراجعة الاستثنائية للقوائم الانتخابية خلال الفترة الممتدة من 20 إلى 28 تموز/ يوليو 2022.
وإلى حد الآن، أعلنت عدة أحزاب مشاركتها في هذه الانتخابات، سواء من تلك المحسوبة على السلطة أو المعارضة. وكانت جبهة القوى الاشتراكية، وهي أقدم حزب معارض في الجزائر السباقة لإعلان الترشح. وقالت في بيان لها، إنها تهدف إلى “الفوز بمقاعد المجالس الشعبية البلدية المعنية”، كما ستعمل على “استغلال هذه المحطة السياسية للترويج لمشروعها السياسي و للمرافعة من أجل رؤيته للتسيير المحلي القائمة على الديمقراطية التشاركية والتضامن المحلي”.
وينتظر أن تتركز المنافسة على مقاعد المجالس البلدية المعنية، بين مترشحي جبهة القوى الاشتراكية والقوائم الحرة، في ظل المقاطعة المتوقعة للتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية والذي لم يشارك في كل الانتخابات منذ استئناف المسار الانتخابي برئاسيات 2019 التي أوصلت الرئيس عبد المجيد تبون للحكم. كما لا يستبعد أن تحصل أحزاب الموالاة الكبيرة خاصة جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي على مقاعد في هذه المجالس المحلية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس